
ترك برس
رأى الكاتب والباحث الفلسطيني المتخصص في الشأن التركي، سعيد الحاج، أن المشكلة الكردية في تركيا تمر بمرحلة صعبة وتبدو على مفترق طرق تاريخي وتحمل مخاطر التدويل والخروج عن السيطرة، مشيرًا إلى أن الفرصة لم تفت بعد على تفعيل الرؤية السياسية الحكيمة بعيدة النظر والمستعدة للتضحيات والتنازلات الصعبة في سبيل الإنجاز التي طالما اتسمت بها سياسات العدالة والتنمية حتى الآن فيما يتعلق بالقضية الكردية في تركيا.
جاء ذلك في مقال له نشرته "الجزيرة نت"، تحت عنوان "المشكلة الكردية في تركيا بين التصعيد والحل"، أوضح فيه أن "حزب العمال الكردستاني الذي حظي ويحظى بدعم سياسي و/أو عسكري من عدة دول إقليمية وعالمية مثل روسيا وألمانيا وإيران وسوريا وإسرائيل وفق الرواية الرسمية التركية، رأى في الثورة السورية وتطوراتها اللاحقة وخصوصا ضعف سيطرة الدولة المركزية على شمال البلاد فرصة تاريخية لتحقيق حلم الأكراد بكيان سياسي لهم في المنطقة، خصوصا مع وجود نموذج إقليم شمال العراق على هامش أزمة شبيهة هناك".
"وأضاف الحاج، "يبدو أن حزب العمال بشقيه العسكري والسياسي يتداول إمكانية نكوصه عن العملية السياسية كحل للمشكلة الكردية في تركيا تحت سقف الدولة وسياق المواطنة الكاملة المتساوية، نحو مشاريع الإدارات الذاتية والحكم الذاتي وربما الانفصال على المدى الإستراتيجي، ولذلك شواهد عدة منها حالة التصعيد العسكري الفجائية".
ولفت الحاج إلى أن" الكردستاني فقد جزءا مهما من حاضنته الشعبية بعد أن رأت أن تصعيده غير مبرر غرد النص عبر تويتروتحديدا داخل المدن والأحياء ذات الكثافة السكانية العالية بما رفع كلفة المواجهة البشرية والاقتصادية بعد سنوات الرخاء. ويتبدى ذلك في عدة مؤشرات، أهمها ترك الكثيرين لأماكن سكنهم، وتعاونهم مع القوى الأمنية التركية، ورفضهم المشاركة في المظاهرات التي دعا لها حزب الشعوب الديمقراطي، فضلا عن تراجع شعبية الأخير في استطلاعات الرأي بعد أن فشل في وضع حد فاصل وواضح بينه وبين حزب العمال وظهر وكأنه مجرد ظل سياسي له فاقد لأي استقلالية في القرار".
واعتبر أن "الحكومة التركية تسعى لاستثمار هذه الحالة في مواجهة الحزب، من خلال تأكيدها على التفريق الكامل بين الحزب كمنظمة "إرهابية" وبين المكون الكردي من الشعب، وعبر التزامها بتسريع ملف إعادة إعمار المناطق المتضررة وتأمين عودة أهلها المهجرين إليها. فيما يعمل حزب الشعوب الديمقراطي على إذكاء روح المظلومية والثورة لدى الشباب، ويسعى العمال الكردستاني لزيادة فاتورة الدم ليعزز الهوة بين الدولة/الحكومة التركية وأكراد الجنوب، لإعادة كسب الأخيرين إلى جانبه باعتبار أن نسبة لا بأس بها من المسلحين هم من أبناء تلك المناطق".
"وبيّن أن "القيادة التركية تبدو اليوم بين نارين، بين مطرقة حزب العمال بأجندته الخارجية وعدم ثقتها بالتزامه المستقبلي بالحل، وسندان عدم وجود شريك كردي آخر ينافسه في القوة والشعبية والشرعية بين أكراد تركيا، ولعل ذلك ما يفسر تضارب تصريحات بعض القيادات التركية".
وأوضح أنه "قد يكون من الأفضل لصانع القرار التركي عدم الانجرار خلف التصرفات الاستفزازية لقيادات وكوادر الحزب بمشاريع القضاء وسحب الحصانة البرلمانية أو التهديد بسحب الجنسية والوصم بالإرهاب وما إلى ذلك. فالبديل الأنجع هو تشجيع جو الحوار السياسي وسد الثغرات أمام سردية المظلومية ومحاولات العودة للعمل السري في الظلام، والتعامل بحكمة الأب وشفقة الأم الحريصيْن على ابنهما أكثر من نفسه وليس بحرفية القاضي في بحثه عن عقوبات مناسبة لأخطاء مقترَفة"
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!