ترك برس

أفاد الكاتب والمحلل السياسي التركي، محمد زاهد جول، أن الحجة الأمريكية في دعمها لحزب الاتحاد الديمقراطي وقواته حماية الشعب غير صحيحة، فهي تبحث عن خلق التوترات والمتناقضات في سوريا، لضمان استمرار القتال فيها لسنوات قادمة.

وقال جول إن "هذه الخطط الأمريكية لا يبطلها إلا تعاون إيران مع تركيا ومع الدول العربية بضرورة إنهاء الإشراف الأمريكي على الصراع في سوريا"، مشيرًا أنه "إذا كانت أمريكا صادقة بمحاربة داعش فقد قدم لها الرئيس التركي أردوغان في زيارته الأخيرة لواشنطن أسماء آلاف المقاتلين والمتطوعين السوريين لمقاتلة داعش"، وذلك في تدوينة له نشره موقع "أورينت"، بعنوان "مسائل الخلاف التركي الأمريكي".

وأشار جول إلى اختلاف الرؤيتين التركية والأمريكية بطريقة مواجهة داعش، قائلًا: "أمريكا تظن أنها حاولت مع كل القوات المسلحة المحلية لمحاربة داعش على الأرض، فتنصل الجميع من التورط في هذه الحرب مع داعش، لعدم ثقتهم بان أمريكا صادقة في حربها لداعش أولاً، ولعدم ثقتهم بأن أمريكا وضعت الخطط الاستراتيجية الصحيحة والكفيلة بالانتصار على داعش، بدليل فشل أمريكا وتحالفها الدولي بالقضاء على داعش خلال السنتين الماضيتين، وامريكا ترى بان القوات الوحيدة المتبقة لاستثمارها في محاربة داعش على الأرض هي المليشيات التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي وقواته وحدات حماية الشعب، وما يتبع لها من قوات تكتل "سوريا الديمقراطية"، التي يشارك فيها مع الأكراد بعض عناصر المعارضة العربية السورية المقربة بطريقة ما مع ميليشيات بشار الأسد".

وأضاف، "ما يهم تركيا هو الحفاظ على أمنها القومي الحدودي، كما يهمها امنها الداخلي وعدم وقوع عمليات ارهابية وتفجيرات داخل تركيا، وقد ثبت أن العديد من التفجيرات الإرهابية التي وقعت في تركيا انطلقت من الأراضي التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، وان الأسلحة المستخدمة مصدرها الدعم الأمريكي لحزب الاتحاد الديمقراطي، فهي أسلحة امريكية، وتم تهريبها إلى تركيا وتوصيلها لعناصر حزب العمال الكردستاني، الذي طمع بدعم امريكا لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا إلى إقامة ميليشيات كردية في جنوب شرق تركيا، وإقامة المتاريس وحفر الخنادق وإعلان حكم ذاتي في المرحلة الأولى، ثم إعلان الانفصال إذا وجد تأييدا شعبياً، او إذا وجد ضعفاً من الحكومة التركية في مواجهة اعلان الحكم الذاتي في بعض المناطق في جنوب تركيا".

وبيّن أن "الشعب التركي بما فيهم المواطنون الأكرد قد خيبوا ظنهم، ولم يؤيدوا أعمال الشغب والعنف والارهاب التي قام حزب العمال الكردستاني في تلك المواقع أولاً، وكانت الحكومة التركية من الحزم والعزم في مواجهة من يهدد أمن المواطنين الاتراك في مساكنهم وقراهم وأعمالهم وتجارتهم ومعايشهم اليومية، فقضت على كل مظاهر التخريب والعبث بالأمن الوطني ثانيا".

وأوضح أن "هذه المخاوف الأمنية أدركتها الحكومة التركية مبكرا لأنها عانت من الارهاب الذي تزعمه حزب العمال الكردستاني منذ ثلاثة عقود، وهي خبيرة في مواجهته والقضاء عليه داخلياً، وعندما كان مصدر الدعم لها نظام حافظ الأسد في سوريا قامت الحكومة التركية بتهديد حافظ الأسد بضربة عسكرية، مما جعل حافظ الأسد يتراجع عن دعم حزب العمال الكردستاني وترحيل معسكراته من سوريا إلى منطقة البقاع في لبنان، والتظاهر بإقاف الدعم له، ومع تجدد العمليات الارهابية بعد حزيران 2015 وفق مخطط من تنظيم الكيان الموازي في تركيا مع الأحزاب الارهابية الاقليمية والدولية، بما فيها حزب الاتحاد الديمقراطي والأحزاب الارهابية الأرمنية وغيرها".

وتابع جول، "ثبت أن الأسلحة المستخدمة والتي تم تهريبها من شمال سوريا أنها من مصادر أمريكية، فإن الجهة التي ينبغي أن تسمع المخاوف التركية مما يجري في شمال سوريا هي أمريكا، لأنها هي التي تمد حزب الاتحاد الديمقراطي بالدعم السياسي والعسكري، وهذا الدعم يذهب إلى حزب العمال الكردستاني داخل تركيا، أي ان تركيا أصبحت في مواجهة مع الخطط الأمريكية لشمال سوريا، بل مع الرؤية الأمريكية الغامضة لحل الأزمة السورية، والتي لا يظهر منها حتى الآن إلا أن أمريكا تسعى لإدامة الصراع العسكري في سوريا، فهي التي استقدمت وشجعت القيادة الإيرانية لإرسال جيشها وحرسها الثوري وميليشياتها العربية والإيرانية وغيرها، وهي التي شجعت روسيا للتدخل العسكري في سوريا، وهي التي تدعم الآن حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب أيضاً، وقد كشفت بعض أجهزة المخابرات الإقليمية بان أمريكا على تواصل مع قيادات داعش، وانها تجري معهم اجتماعات سرية، وبالتالي فإن المخاوف التركية ينبغي ان تكون جادة من المخططات الأمريكية نفسها".

ولفت الكاتب التركي، أنه "لهذه الأسباب تتمسك السياسة التركية بضرورة إقامة منطقة آمنة شمال سوريا، وتتمسك بضرورة تحديد أمريكا موقفها من الأحزاب الإرهابية التي تورطت بتفجيرات إرهابية داخل تركيا في الأشهر الماضية، فإما أن تكون أمريكا في تحالف مع تركيا، أو في تحالف مع التنظيمات الارهابية مثل حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب في سوريا، فلا يمكن لأمريكا ان تطالب تركيا بدورها بمحاربة داعش، بينما لا تلتزم أمريكا بمحاربة التنظيمات الارهابية التي تحارب تركيا وشعبها، وقد لمست أمريكا جدية المواقف التركية إذا تم تهديد امنها في العلاقات التركية الروسية، فتركيا دافعت عن امنها القومي من تهديدات الطائرات الحربية الروسية، بل قامت باسقاط طائرة روسية بتاريخ 24/11/2015 بعد انتهاكها الأجواء التركية رغم تحذيرها مراراً".

وخلص إلى أن "تركيا لا تتهاون في أمنها القومي ولا الحدودي ولا الداخلي، وأمريكا غير معنية باختبار حكمة وصلابة الموقف التركي، فإذا لم تعمل أمريكا مع تركيا بإقامة المنطقة الآمنة من خلال مجلس الأمن، أو من خلال حلف الناتو، فهذا لا يعني تراجع تركيا عن حماية أمنها القومي جنوب تركيا، فتركيا لن تسمح بإقامة كيان كردي انفصالي شمال سوريا على حساب المواطنين السوريين من كل القوميات والمذاهب والطوائف، فالتواجد السكاني الكردي شمال سوريا لا يؤهله لأن تقيم له أمريكا كيانا انفصالياً رغما عن الشعب السوري أولاً، وتركيا لن تقف متفرجة على إقامة كيان إرهابي يخدم المصالح الأمريكية أو غيرها، سواء تحججت امريكا بمحاربة داعش أو غيرها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!