علي حسين باكير - العرب القطرية

قيل الكثير وكتب أكثر عن وجود مبادرة أو جهود للوساطة تقوم بها المملكة العربية السعودية للتقريب بين تركيا ومصر وصولا إلى المصالحة بينهما لاسيَّما بالتزامن مع الزيارة الأخيرة للملك سلمان إلى أنقرة في 13 أبريل قادماً من القاهرة. 

مما لا شك فيه أن هناك مصلحة سعودية في ألا يكون هناك تضارب أو تناقض أو حتى تخاصم بين الدول الإقليمية كي تستطيع الاستفادة من جهودهم في إعادة ترتيب أوراق المنطقة وتوظّف هذا التلاقي بشكل أفضل في استراتيجيتها لصد إيران وعزلها ووضع حد لأجندتها التدميرية في المنطقة. لكن في منطقة مثل منطقة الشرق الأوسط من الصعب ضمان مثل هذا الأمر، لذلك فإن المملكة توصلت على الأرجح إلى استنتاج مفاده أنه من الأفضل التركيز على العلاقات الثنائية بين السعودية وغيرها من البلدان، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال الزيارة الأخيرة للملك سلمان إلى القاهرة وأنقرة.

وفي هذا السياق، فإن ما قيل عن وجود مبادرة أو حتى جهود وساطة فهو غير صحيح على الإطلاق، فالسعودية لم تقم بأي نوع من أنواع الجهود أو المبادرات للتقريب بين تركيا ومصر لا قبل الزيارة ولا أثناءها، ولا يوجد شيء من هذا القبيل على الإطلاق، كما لم يبحث الطرفان السعودي والتركي الموضوع المصري من أساسه ولم يتطرقوا إليه في هذه الزيارة.

أما بالنسبة إلى الجانب التركي فموقفه من السيسي معروف ولم يطرأ عليه أي تغيير، فالرئاسة التركية ترى أنه انقلاب ومن غير الممكن تغيير وجهة النظر هذه إلا بتغير الأوضاع في مصر. في المقابل فإن الحكومة قد تكون منفتحة على تطبيع على أن تأخذ مصر الخطوة الأولى خاصة أنه سبق أن تم التعبير عن هذا الأمر وتم طرح مقترح يتضمن الإفراج عن محمد مرسي واستقباله في دولة ثالثة بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين سياسيا وإلغاء أحكام الإعدام السياسية والسماح لجميع الأحزاب في البلاد بممارسة العمل السياسي لعودة الحياة السياسية إلى مسارها الطبيعي. 

وفي موازاة ما قيل عن مبادرة سعودية، ذكر البعض بأن السيسي كان قد قرر المجيء إلى تركيا لحضور القمة الإسلامية وأن ذلك سبب مشكلة للجانب التركي، وهو أيضاً أمر غير صحيح إذ إن الجانب التركي كان قد أغلق الباب مسبقا على إمكانية حصول مثل هذا الأمر قبل حتى أن يفكر السيسي في إمكانية القدوم أو عدم القدوم، فضلاً عن ذلك فإن الرئيس التركي لم يوجه دعوة رسمية حينها إلى السيسي بخلاف ما قام به تجاه الدول الأخرى حيث أرسلت دعوات من الرئيس التركي إلى قادة الدول الإسلامية، كما قام الجانب التركي بتحديد مستوى استلام رئاسة القمة بمستوى وزير قبل فبراير الماضي وتم إخطار الجانب المصري بالطرق الخاصة.

عن الكاتب

د. علي حسين باكير

مستشار سياسي - باحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس