برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

سارت الأمور نحو مؤتمر استثنائي لحزب العدالة والتنمية في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، وذلك بعد نقاشات علنية وأخرى في الكواليس استمرت طيلة الأشهر القليلة الماضية، وهناك سؤالان يشغلان بال الرأي العام بعدما أعلن داود أوغلو أنه لن يترشح لرئاسة الحزب خلال المؤتمر القادم:

1-   ماذا حصل بين أردوغان وداود أوغلو حتى يصلا إلى هذه المرحلة؟ بمعنى ما هي المشكلة بين السياسيين الاثنين اللذين لديهما نفس الرؤية ويحملان هم نفس القضية؟

2-   ماذا سيحصل بعد الآن في حزب العدالة والتنمية؟ كيف ستكون استراتيجية أردوغان القادمة؟

لا شك أنّ معرفة إجابة السؤال الأول ستقود إلى إجابة السؤال الثاني، وقد قيلت العديد من الأحاديث حول الخلافات في وجهات النظر بين أردوغان وداود أوغلو، ومنذ بداية عام 2015، والأحاديث تدور حول عدم تفاهم الرجلين في عدة مواضيع، واستمرت حتى موضوع تشكيل الحكومة.

لكن أساس المشكلة في الحقيقة يكمن في أزمة النظام السياسي القائم حاليا، يعني هي مشاكل هيكلية، متعلقة بتشارك المسؤوليات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وليست متعلقة بالعلاقات بين شخص أردوغان وداود أوغلو، وقد وضع أردوغان ثلاثة خيارات أمام الشعب بعد انتخابه رئيسا للجمهورية في آب/ أغسطس 2014.

أول هذه الخيارات هو ان يكون هناك رئيس جمهوري رمزي قوي الشخصية، لكنه غير إجرائي، مع رئيس وزراء قوي وتنفيذي. وهذا الأمر لم يكن بالإمكان أنْ يحصل في ظل وجود شخصية لرئاسة الجمهورية كأردوغان، وهذا بدا واضحا منذ اليوم الأول لاختيار الناخبين له ليكون رئيسا للجمهورية، وبالتالي كان هذا الخيار مستحيلا.

الخيار الثاني، وهو أنْ يكون رئيس جمهورية قوي وتنفيذي، مع وجود رئيس وزراء قوي نسبيا، وهذا هو ما تم تجربته في فترة داود أوغلو خلال 20 شهر من رئاسته للوزراء، وقد توصل الطرفان إلى أنّ هذا الخيار لم يعمل بالصورة المطلوبة.

أما الخيار الثالث، والذي سيتم تطبيقه خلال الفترة المقبلة، فيكمن في وجود رئيس جمهورية تنفيذي وقوي، مع رئيس وزراء تنسيقي وضعيف نسبيا، وهذه المعادلة تعني تطبيق نظام شبه رئاسي بصورة فعلية، وبالتالي فإنّ رئيس الوزراء القادم سيأتي وهو يُدرك هذه المعادلة.

وإذا أردنا الحديث عن استراتيجية أردوغان القادمة، فهناك احتمالان:

إما أنْ تقود الحكومة الحراك السياسي نحو النظام الرئاسي، وهذا يتطلب خروج نتائج من أزمة حزب الحركة القومية، وإما أنْ تنتقل تركيا نحو رئيس جمهورية ينتمي لحزب سياسي، وبالتالي تطبيق نظام شبه رئاسي.

المرحلة المقبلة ستشهد نقاشات سياسية حول تغيير النظام السياسي، وسيكون هذا الموضوع سببا في حدوث مشاكل وربما انقسامات في الأحزاب السياسية المعارضة، وستكون الحكومة تقود فترة انتقالية، سيستخدم فيها أردوغان حنكته السياسية من أجل تحقيق المطلوب، وبالتالي سيتسمر حراك حزب العدالة والتنمية بصورة حساسة حتى عام 2019، من أجل الوصول إلى الأهداف المطلوبة.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس