ترك برس

أفاد الكاتب والمحلل السياسي التركي، محمد زاهد جول، أن الحديث عن "ديكتاتورية أردوغان" هو حديث فيه استخفاف في قراءة المشهد السياسي التركي، وفيه استخفاف بالتحديات السياسية والدستورية التي تواجهها الدولة التركية بكامل مؤسساتها، مشيرًا أن الإشكالية في الأصل دستورية، وهي من نتائج دستور صاغه العسكر عام 1982، وقد فصَّلوه ليخدم طموحاتهم في الهيمنة على الحكومة التركية المنتخبة برلمانياً.

وقال جول في مقال له بعنوان "إشكاليات السياسة التركية: دكتاتورية أم دستورية؟"، نشره "المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية"، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمام مسؤولية بناء تركيا الجديدة عام 2023 لتكون وفق برنامج حزب العدالة والتنمية من الدول الاقتصادية العشر الأولى في العالم، وكذلك أمام مسؤولية 52% من الشعب التركي، هم الذي انتخبوه عندما أصبح رئيسا للجمهورية، وهو الذي استطاع أن يقود التجربة النهضوية التركية المعاصرة بنجاح.

وشدّد جول على ضرورة النظر إلى الإشكالية الدستورية والسياسية التي أحدثها دستور "انقلاب 1982"، قبل الحديث عن دكتاتورية أردوغان أو ضعف رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو أمام أردوغان،، مبينًا أنه "ما من رئيس جمهورية بعد ذلك التاريخ إلا وحدث في عهده إشكاليات سياسية بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، بما فيهم رئيس الجمهورية نجدت سيزار ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في السنوات الأولى لحكومة حزب العدالة والتنمية".

وأشار جول إلى أن الدولة العميقة أو دولة الوصاية في تركيا حاولت استغلال منصب رئيس الجمهورية لتعطيل عمل حكومة العدالة والتنمية برئاسة أردوغان وهي منتخبة من الشعب التركي عام 2002"، وأوضح أن "مطالبات رئيس الجمهورية السابق تورغت أوزال ومن بعد الرئيس سليمان ديميريل بتعديل الدستور التركي إلى نظام رئاسي كانت دليل على وجود هذا التناقض في النظام السياسي التركي، وذلك قبل أن يتحدث عنه أردوغان، وقبل أن يصبح هذا المطلب بتعديل الدستور من برامج حزب العدالة والتنمية، بغض النظر عن قناعة داود أوغلو الشخصية حول هذا الموضوع، علما بأن داود أوغلو قد دافع عن النظام الرئاسي منذ توليه منصب رئاسة الحكومة، وجعله على رأس أولويات حملته الانتخابية بتاريخ السابع من حزيران/يونيو 2015، والأول من نوفمبر عام 2015 على حد سواء".

وأضاف جول، "لذلك فإن تعذر تمرير تعديل الدستور عن طريق لجنة برلمانية من كل الأحزاب السياسية الأربعة الموجودة في البرلمان التركي، جعل حزب العدالة والتنمية يتولى الموضوع بنفسه، وتشكيل لجنة برلمانية من نواب الحزب وصياغة مسودة دستور أصبحت جاهزة للمناقشة البرلمانية بعد تقديمها بشكل رسمي إلى البرلمان التركي، وحزب العدالة والتنمية يحاول أن يمرر ذلك التعديل بالتحالف مع نواب آخرين من خارج حزب العدالة والتنمية، والحزب يمثل الثقل الأكبر في البرلمان بنسبة 49.5%، وهو يمثل كتلة حزبية وبرلمانية متماسكة، بينما نواب الأحزاب الأخرى في حالة إنقسام وتنازع داخل أحزابهم".

وخلص الكاتب التركي إلى أن الإشكالية السياسية القائمة في تركيا هي إشكالية دستورية، ويمكن حلها ديمقراطيا ودستوريا، ولذلك ليس من المفيد الحديث الزائد عن اختلافات ومؤامرات لرئيس الوزراء داود اغلو ضد أردوغان، فهذا مما نفاه أوغلو أولاً، والمشكلة الدستورية موجودة من قبل داود أوغلو وأردوغان، وتنازع السلطات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء موجودة منذ عام 1982، وأردوغان لم يكن الرئيس التركي الأول الذي يدعو لتعديل الدستور التركي إلى نظام رئاسي، والتغني بدكتاتورية أردوغان وسوء نوايا أوغلو لا يخدم قضية المعالجة التي ينبغي على الشعب التركي الشروع فيها مباشرة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!