جلال سلمي - خاص ترك برس

تتمتع كل من تركيا والسعودية بمشتركات كثيرة تجعل منهما حليفين طبيعيين في الثقافة والمصير. ومنذ تسلم حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم في تشرين الثاني/ نوفمبر 2002 وهو يسعى إلى بناء علاقات قوية مع المملكة العربية السعودية، وإلى جانب الزيارات رفيعة المستوى المتكررة والمتبادلة بين الطرفين، شهدت العلاقات الاقتصادية الثنائية كذلك تقدمًا ملحوظًا، إذ بلغت 5 مليارات و441 مليون دولار بحلول عام 2015، بعدما كانت أقل من مليار دولار قبل عام 2002.

يشير الخبير السياسي عبد الرحيم سيراداغ في مقاله في الجزيرة ترك "ماذا تنتظر السعودية من تركيا؟" إلى أنه على الرغم من تعرض علاقات الطرفين إلى حالة جمود نتيجة اختلاف المواقف السياسية من ثورات الربيع العربي، إلا أنه باعتلاء الملك سلمان لسدة الحكم عادت المياه بين الطرفين إلى مجراها، وقد كانت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كانون الأول/ ديسمبر 2015 إلى المملكة بداية لعودة العلاقة، إذ تم خلال الزيارة تأسيس مجالس تعاون سياسية واقتصادية وعسكرية وثقافية تحت إطار مؤسساتي دائم، وتبعت ذلك عدة زيارات متبادلة بين الملك سلمان والرئيس أردوغان.

ويوضح سيراداغ أن استقبال الملك سلمان لأردوغان في المطار بشكل شخصي ومن ثم توشيحه بميدالية المملكة وغيرها من الخطوات البروتوكولية أظهرت نية السعودية الجادة للتقارب مع تركيا.

ويطرح الخبير التركي تساؤلا عن سبب أهمية تركيا للعربية السعودية؟ ويجيب من خلال النقاط التالية:

1ـ قناعة الملك سلمان وفريق السياسة الخارجية السعودي الجديد بأن الكثير من التطورات الجارية في الشرق الأوسط، وخاصة في اليمن وليبيا وسوريا والعراق ولبنان، خرجت عن السيطرة، ولا يمكن للسعودية إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة إلا من خلال توحيد جهودها مع كافة دول المنطقة بما فيهم تركيا التي تُعد إحدى أقوى دول المنطقة، وتعول السعودية كثيرًا على تركيا في ترسيخ ركائز تحرك سياسي وعسكري واقتصادي مشترك لتحقيق أهداف إعادة الاستقرار المنشودة، وما كان انضمام تركيا للتحالف الإسلامي إلا إثباتا واضحا وصريحا على ذلك.

2ـ حاجة السعودية إلى عنصر موازن لحركة التمدد الإيراني؛ إذ ترى المملكة أن تركيا تملك قدرة كبيرة على إحداث توازن للتمدد الجغرافي السياسي الإيراني، فقوتها السياسية النابعة من كونها إحدى دول حلف الشمال الأطلسي "الناتو" وقدرتها الاقتصادية وتمددها الثقافي في الشرق الأوسط كلها عوامل قادرة على كبح جماح التمدد الإيراني.

3ـ تنامي المنظمات الإرهابية في المنطقة. فقد ولدت هذه المنظمات حاجة ملّحة لدى المملكة للتعاون مع تركيا الأكثر خبرة عسكريًا وسياسيًا، لمحاربة المنظمات الإرهابية سياسيا وعسكريًا وفكريًا.

4ـ رغبة المملكة في تغيير نمط سياستها الخارجية. فهي تعتمد منذ حرب الخليج الأولى وحتى الآن على القوات الأمريكية في تأمين أمنها واستقرارها، ولكن عقب التقارب الأمريكي الإيراني واتجاه أمريكا لانتهاج سياسة متناقضة مع المصالح السعودية، انتبهت المملكة إلى أن الوقت حان لاتباع نمط السياسة الخارجية المعتمدة على التحالفات الإقليمية.

5ـ تحقيق مستوى ملموس من التبادل التجاري المشترك. مع ظهور أزمة 2008 للسطح لاحظت المملكة العربية السعودية أن هناك حاجة ماسة لتنويع مصادر الدخل الاقتصادية؛ لذلك اتجهت نحو تطوير قطاع الثروة البشرية والصناعة والزراعة والخدمات، ومن هنا شكل اعتماد تركيا في دخلها على التجارة بشكل أساسي وامتلاكها تجربة اقتصادية ناجحة منذ عام 2002 حتى الآن عاملين أساسيين لجذب المملكة إليها. وليس أدل على ذلك من ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 5 مليار و5 مليون دولار بحلول عام 2015، بعدما كان يبلغ مليار دولار فقط في عام 2004.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!