نهال بينغيسو كراجا – صحيفة خبر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس

الغارات التي تشنها القوات الأمريكية على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية ومواقع تنظيم خرسان الذي لم يعلم بوجوده أحد حتى هذه الأيام، تبدو غير واضحة المعالم حتى هذه اللحظة.

عندما أخذت القلم لكتابة هذه المقالة، أشيع خبر عن اقتراب تنظيم الدولة من العاصمة العراقية بغداد، وإن مسافة 2 كيلو متر تفصلهم   عن حدود العاصمة العراقية. أما في الجانب السوري فقد تزامنت كتابتي لهذه المقالة مع أخبار الشغب والشجار الذي دار بين القوات التركية و متطوعين أكراد أرادوا الدخول إلى الأراضي السورية للدفاع عن بلدة كوباني المحاصرة من قبل تنظيم داعش.

لقد اتهمت قيادات تنظيم "بي كي كي" وتنظيم "بي يه دي" الذين يتخذون من جبل "قنديل" مقرا لهم، الحكومة التركية بشتى أنواع نظريات المؤامرة. حيث أنهم كانوا مستائين من مسيرة المصالحة الوطنية منذ البداية. فقد قاموا بتحريض الشعب ضد الحكومة بادعاءهم أن الحكومة التركية تدعم تنظيم الدولة. وعندما فتحت تركيا أبوابها في وجه الأكراد الذين هربوا من هجمات التنظيم على بلدة كوباني، ادعوا بأن تركيا تحاول أن تخلي بلدة كوباني من سكانها الأكراد وتسليمها إلى داعش.

إن هؤلاء لا يمتلكون من يدافع عنهم غير الأتراك في هذه المنطقة، لكنهم لا يتوانون أبدا عن الشتم وتوجيه التهم الباطلة لتركيا. ففي بعض الأحيان يقولون إن تركيا لا تقدم المساعدات للمظلومين الأكراد، ووفي بعض الأحيان تراهم يدّعون بأن تركيا تدعم تنظيم الدولة وأنهم هم من سيقضون على وجود هذا التنظيم بمفردهم دون مساعدة من أحد حتى قوات البشمركة. ويدّعون أن الولايات المتحدة الأمريكية أدركت هذا الشيء وأنهم سيكونون الحليفة الوحيدة لأمريكا في المنطقة. إنهم بادّعاءاتهم هذه إنما يعلنون عن أنانيتهم وتفاخرهم وتمركزهم حول ذاتهم فقط. لكن رغم مزاعمهم وادّعاءاتهم، فإنهم لم يستطيعوا ترجمة هذه المزاعم إلى أفعال.

الجميع بات يعلم بأن هدف القيادة الكردية في قنديل هو مضايقة تركيا وخلق المشاكل التي تعيق تقدم عملية المصالحة، وليس حماية بلدة كوباني. إن هذه السياسة غير مجدية وهي سيئة ولا تعود بالنفع عليهم.

صحيح بأن الوضع الراهن مربك بالنسبة للأكراد والعرب والتركمان وكذلك بالنسبة لتركيا أيضا، ولكن في كل مرة نتحدث فيها عن هذه الأزمات، يخرج علينا من يقول أنه كان من المفروض أن لا تتدخل تركيا في الشأن السوري إلى هذا الحد. إن هؤلاء يعلمون بأنهم لن يستطيعوا لوحدهم الإطاحة بنظام الأسد الذي تسبب بمقتل مئات الآلاف من الأبرياء، لذلك بدؤوا يقولون بأن تركيا أخطأت عندما فتحت جبهة ضد الأسد، فكان على تركيا أن تكتفي بالتنديد وتمتنع عن التدخل في الشأن السوري حسب رأي هؤلاء.

لكن هل من المعقول أن لا تتدخل تركيا في الشأن السوري؟ أقول لهؤلاء الذين يقولون بأن تركيا أخطأت بالتدخل في الشأن السوري: لو أن جاراً لك يسكن في نفس المبنى وأراد أن يحرق منزله الذي يقع تحت منزلك، هل تستطيع أن تقول مالي أنا، إنه حر التصرف بمنزله إن شاء يحرق منزله وإن شاء يهدمه، أم أنك تحذره بل وتمنعه من أن يقدم على هذا العمل لأنه سيودي بمنزلك أيضا.

وهناك فئة أخرى تدعي بأن تركيا لو امتنعت عن التدخل بهذا الشكل في الشأن السوري، لكانت الآن أكثر أمنا ولم يكن الإعلام العالمي يتهجم عليها إلى هذا الحد. وكذلك أيضا نصادف فئة تدعي بأنه يتوجب على تركيا أن لا تشترك أو كان عليها أن لا تشترك في عملية تغيير الموازين في الشرق الأوسط. يجب أن نذكر هؤلاء بأن فتيل الربيع العربي لم تشعلها تركيا.

صحيح أن المرحلة التي بدأت بالربيع العربي قضت أو أخرت تنفيذ المشروع التركي الكبير الذي كان يضم منطقة الشرق الأوسط وشمال القارة الأفريقية وخاصة مشروع الاتفاق بين الثلاثي التركي المصري الإيراني، إلا أن تركيا كانت لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام الثورات الشعبية المطالبة بالديمقراطية والعدالة.

لو لم تكن السياسة التركية تجاه سوريا على ما هي عليه الآن، ماذا كان من الممكن أن يحصل؟ بكل بساطة نستطيع أن نقول بأن استراتيجيات القوى العظمى كانت ستتغير حيال منطقة الشرق الأوسط، لكن أهدافهم لن تتغير حتما. 

عن الكاتب

نهال بينغيسو كراجا

كاتبة في موقع خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس