محمد حامد - خاص ترك برس

قال معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أهم مراكز الأبحاث الإسرائيلية إن بداية عملية تحرير الرقة العاصمة الفعلية لتنظيم داعش في سوريا على أيدي قوات سوريا الديمقراطية الكردية ستدفع تركيا إلى اتخاذ قرارات استراتيجية، ستكون لها آثار مهمة على مستقبل سوريا وعلى الأكراد في الداخل التركي، لأن قبول تركيا بإنشاء كيان كردي فيدرالي مستقل سيعزز من فرصة الحل الفيدرالي في سوريا أو يؤدي في النهاية إلى تقسيمها إلى كيانات منفصلة.

وفي ورقة بحثية نشرها اليوم على موقعه وترجمها ترك برس قال المعهد إن تركيا لا تشارك حتى الآن مشاركة فعلية في عملية تحرير الرقة باستثناء السماح لطائرات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش بالعمل داخل أراضيها، لكنها ستضطر إلى أن تعيد النظر في إجراءاتها وخصوصا كيفية فرض الخط الأحمر المتمثل بعدم السماح للقوات الكردية بالعبور واحتلال المنطقة بين غرب نهر الفرات وإعزاز.

وبحسب الورقة التي أعدتها الدكتورة جاليا ليندنشتراوس المتخصصة في الشأن التركي، والباحثة أوريت برلوف، فإن الإجراءات التي ستتخذها تركيا في حال سيطرة الميليشيات الكردية على معظم الأراضي السورية المحاذية لتركيا، ستكون لها آثار مهمة على مستقبل فيدرالية "روج آفا" شمال سوريا التي أعلن عنها الأكراد من جانب واحد في آذار/ مارس الماضي، كما ستكون للإجراءات التركية تأثير على طابع سوريا المستقبلي، وعلى الأكراد الذين يعيشون في داخل تركيا.

وبعد أن تحدثت الدراسة عن النجاحات التي حققتها الميليشيات الكردية في مواجهة داعش، وسيطرتها على عدد من القرى في ريف الرقة، نوهت إلى أن القوات الكردية تحظى بدعم كبير من جانب عدد كبير من اللاعبين الفاعلين في سوريا، وعلى رأسهم الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد داعش وروسيا، وحتى من نظام بشار الأسد الذي ينظر إلى الأكراد على أنهم حلفاء.

وأشارت الدراسة إلى أن الدعم الدولي للقوات الكردية في سوريا يمنحها مشروعية لترسيخ سيطرتها على المنطقة الممتدة من الجزيرة شمال شرق سوريا إلى كوباني، ويأمل الأكراد في المستقبل في ضم الكانتون الكردي المستقل في عفرين، لكن لا توجد نوايا للانضمام إلى كردستان في شمال العراق بسبب الخلافات السياسية الداخلية بين الأكراد.

ولفتت الدراسة إلى أن تركيا تمثل كابحا كبيرا في طريق تقدم الأكراد في شمال سوريا خشية تكرار السيناريو الكردي في العراق بتشكيل حكم ذاتي للأكراد في شمال سوريا تشكل قاعدة لعمليات حزب العمال الكردستاني في داخل تركيا، فضلا عن أن تعاظم قوة الأكراد في سوريا سيكون حافزا ودافعا لتعزيز مطالب الأكراد في تركيا، وسيحد من تأثير تركيا على الأحداث في سوريا.

وعمليا ظهرت المعارضة التركية لسيطرة الأكراد على المناطق السورية المحاذية للحدود التركية في الضغوط التي تمارسها تركيا على الولايات المتحدة لوقف تقدم الأكراد غرب سوريا.

وأشارت الدراسة إلى أن نجاح الميليشيات الكردية على الأرض يقابله في الوقت نفسه ضعف قوات المعارضة السنية المدعومة من دول الخليج وعلى رأسها السعودية وقطر إلى جانب تركيا، واتضح أن هذه المعارضة ضعيفة ومنقسمة، ومن ثم فإنها غير قادرة على أن تواجه بمفردها تنظيم داعش إلى جانب قتالها لقوات الأسد. وعلى ذلك فإن نجاح الميليشيات الكردية في مواجهة داعش، وإخفاق المعارضة السنية يوجب على تركيا أن تعيد النظر من جديد في إجراءاتها.

وخلصت الدراسة إلى أنه ما لم توقف تركيا تقدم الأكراد للسيطرة على معظم المناطق المحاذية للحدود التركية فسوف تنشأ في الشمال السوري منطقة عازلة ستكون لها بعض المميزات بالنسبة لتركيا أيضا: أولها إبعاد تحدي داعش عن حدود تركيا، وإن كان لتنظيم داعش خلايا نائمة داخل تركيا يمكن أن تواصل شن هجمات ضد أهداف في الداخل التركي.

وثاني هذه الميزات هي أن المناطق التي سيسيطر عليها الأكراد ستكون منطقة آمنة للنازحين السوريين، وبذلك يقل الضغط على تركيا لاستقبال مزيد من اللاجئين على أراضيها، لكن تركيا تخشى من أن يؤدي هذا التطور إلى تحسين صورة الأكراد في المجتمع الدولي الذي قد يضغط على تركيا للقبول بإنشاء فيدرالية كردية في شمال سوريا.

وقد غابت عن الدراسة الإشارة إلى ممارسات القوات الكردية ممثلة بوحدات الحماية الشعبية، والتي تنقض فرضية كون منطقة سيطرة الأكراد آمنة للنازحين السوريين، مثل التطهير العرقي في مساحات واسعة من شمال شرق سوريا.

كما أهملت الدراسة الحرب التي يشنها تنظيم حزب العمال الكردستاني بي كي كي على الدولة التركية بتبنيه المسؤولية عن هجمات إرهابية في تركيا، وإن تعزيز دور فرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا وسيطرته على كامل الحدود مع تركيا سيشكل تهديدًا للأمن القومي لتركيا كما ورد على لسان مسؤولين أتراك.

أما عن مستقبل سوريا فقالت الدراسة إن توطيد الكيان الكردي في الشمال السوري سوف يزيد من فرصة الحل الفيدرالي للأزمة السورية ضمن الحدود الحالية، أو تقسيم سوريا إلى كيانات منفصلة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!