
قدس برس
يرى محللون مختصّون في الشأن التركي أن التفجير الأخير في اسطنبول، يأتي في سياق هدف "إسقاط الحكومة التركية، والتأثير على موسم السياحة الموشك على البدء".
وانفجرت سيارة مفخخة، أمس الأول الثلاثاء، في تجمع لسيارات الشرطة التركية بمنطقة "بيازيد" السياحية في إسطنبول، ما أوقع 11 قتيلا، 7 منهم من عناصر الشرطة، و15 جريحاً على الأقل.
وفي حديث مع "قدس برس" قال المحلل السياسي التركي "مصطفى أوزجان" عن الأسباب الحقيقية وراء الاستهداف المتكرر لتركيا "هم يريدون وبكل الوسائل إسقاط الحكومة التركية".
وأضاف "هناك تصريحات صدرت عن قيادي بارز في حزب العمال الكردستاني (جميل باييك) بأن الحزب يريد وبكل الوسائل إسقاط الحكومة التركية".
وأشار أوزجان أن رغبة الحزب هذه تتوافق مع أجندة الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكداً وجود "تناغم حقيقي" بين تصريحات الحزب ومتحدثين أمريكيين غير رسميين، يرون أنه "من المناسب تغير الحكومة التركية واستبدال حكومة حزب العدالة والتنمية بحكومة من حزب الشعوب الديمقراطي".
وفي تعليق "أوزجان" على تأثير التفجيرات على السياسة التركية تجاه الملف السوري، قال: "هم يريدون تغير سلوك تركيا، بدل من أن تغير روسيا سلوكها في سوريا، تطالب تركيا بتغير موقفها، كذلك بعض المتحدثين الروس ومنهم سفير روسي سابق تحدث على أن استئناف العلاقات مع تركيا يتطلب تغير سياساتها في سوريا".
وبخصوص توقيت التفجير تابع أوزجان قائلا: "نحن مقبلون على فصل الصيف، وهو موسم سياحي سيتأثر سلبا، وكذلك هناك نية معنوية كما أشار إليها وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في تصريحاته الأخيرة وهي استهداف أجواء رمضان وهذه حرب نفسية".
من جهته اتفق " طه عودة" المحلل السياسي والمختص بالشؤون التركية مع "أوزجان" في أن التفجيرات تسهتدف توجيه ضربة قوية للحكومة التركية.
وقال عودة في حديثه مع "قدس برس": "إن تفجير إسطنبول الأخير، كان متوقعا ويأتي في سياق تفجيرات عانت منها تركيا في الأشهر الماضية". مؤكدا على أن التفجيرات سعت لعدة أهداف أبرزها "توجيه ضربة قوية للحكومة التركية الجديدة ووضعها أمام منعطف خطير".
كما نوه "عودة" أن توقيت التفجير يأتي في ظل التغيرات السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي، حيث أن تركيا خارجياً انفتحت على المستوى العربي والإسلامي والقارة الأفريقية، وداخلياً تجرى تعديلات دستورية من شأنها تعزيز الديمقراطية ومبدأ تداول السلطة. مشيراً إلى أن هذه التطورات " لا تروق لكثير من الأطراف الإقليمية والدولية مما يجعل تركيا في مرمى الاستهداف".
ولفت "عودة" أن آثار التفجير الأخير على إسطنبول سينعكس سلبيا على السياحة التركية، كما أن سيحمل في طياته ضغوطًا على أنقرة، وتوجيه رسائل خارجية لتركيا، منها الانشغال بملفاتها الداخلية خصوصا بعد انتقاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا الدول الأوروبية.
ويرى "عودة" أن التفجير الأخير في إسطنبول "سيكون له تأثير على اتفاق إعادة المهاجرين غير الشرعيين، خصوصا بعد تعليق أنقرة الاتفاق، الأمر الذي يشير إلى أنها ستبقى في دائرة استهدافها من الإرهاب خلال المرحلة القادمة.
الأكاديمي والمحلل السياسي "نزار حرباوي"، يرى أن للتفجيرات الأخيرة لا سيما تفجير اسطنبول يوم (7/6)، وتفجير ماردين الأربعاء (8/6)، لها رسائل ومضامين عدة على المستوى الداخلي والخارجي.
فيما يخص الشأن الداخلي قال حرباوي: " هذه التفجيرات من حيث توقيتها تأتي في بيئة تركية تستعد لتغيير جوهري في النظام السياسي من خلال اعتماد النظام الرئاسي".
وأضاف :" تأتي في ظل ميلاد العديد من الظروف الضاغطة على الحركة القومية، وسقوط الخيارات لدى حزب الشعب الجمهوري، ناهيك عن الإفلاس السياسي والعسكري لحزب الشعوب الديمقراطي والحركات الانفصالية الكردية التي تلقت ضربات قاصمة في ماردين ونصيبين وديار بكر".
وأشار حرباوي أن الرسالة هي "أن الساحة السياسية التركية الداخلية غير مستقرة، وهناك أكثر من جهة تستفيد منها، بي كا كا، وليس آخرها حزب الشعب الجمهوري والتنظيم الموازي".
كما تحدث حرباوي عن الشأن الخارجي مركزاً على الدور الألماني قائلاً: "نتحدث عن دعم ألماني في دعم الانفصاليين الأكراد بالعدة والعتاد، وتخلق سياسي على تركيا بخصوص مسألة إبادة الأرمن". وأكد على الدعم الأمريكي المباشر للأكراد في شمال سوريا والعراق بالسلاح والخبراء، والعداء الواضح من روسيا وإيران والمخابرات السورية للدور التركي.
وأكد أن استهداف تركيا بهذه التفجيرات "سيوجد مناخا ضاغطا على تركيا في مجال دخولها في الاتحاد الأوروبي ، وتحقيق رفع التأشيرات للمواطنين الأتراك في دخول أوروبا".
وأضاف: "أن هذه التفجيرات هي حصاد تكتل استخباراتي سياسي عالمي، يريد أن يقلم أظافر تركيا، ويحاصرها جغرافيا وسياسيا، ويمنعها من لعب دور في الأحلاف بالمنطقة، لا سيما مع دخول اللاعبين الكبار إلى الأرض بشكل مباشر".
ويعتقد حرباوي أن تركيا بخبرتها المكتسبة من حروب خاضتها مع الانفصاليين، والشارع التركي على مستوى النخب والعامة والتعامل السياسي الرسمي التركي الناضج سيقلب المخططات لصالحها.
وكانت تركيا شهدت في الآونة الأخيرة العديد من التفجيرات أدت إلى مقتل العشرات وجرح المئات، فضلا عن مواجهات يومية وتفجيرات في منطقة جنوب شرقي البلاد بين قوات الأمن وأنصار حزب العمال الكردستاني.
ففي يوم الثلاثاء 12 يناير/كانون الثاني 2016، وقع تفجير بالقرب من الجامع الأزرق بإسطنبول خلف 10 بينهم 8 سياح ألمان و15 جريحا، نفذه انتحاري من أصول سوري وتبناه وقتها تنظيم "داعش".
وفي 19/ مارس/2016، وقع تفجير انتحاري استهدف شارع الاستقلال التجاري في قلب مدينة اسطنبول أسفر عن مقتل 4 اشخاص وأصابة 36 شخصا. بينهم سياح أجانب.
وقبل ذلك بأسبوع 13/مارس/ 2016، قتل 34 شخصا على الأقل وجرح 125 آخرين في تفجير سيارة مفخخة وسط أنقرة.
وفي الشهر الثاني من نفس العام 17 فبراير/شباط ، وقع انفجار استهدف عربات عسكرية في أنقرة أدت إلى مقتل 28 و61 جريحا، أعلنت جماعة "صقور حرية كردستان" تبنيها للعملية.
وفي 10/ تشرين الثاني من العام الماضي، وقع انفجاران انتحاريان استهدفا مسيرة للسلام في أنقرة، تبناها تنظيم "داعش"، وأسفر التفجير المزدوج عن وقوع 97 قتيلا، و 246 جريحاً.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!