ترك برس

قال الكاتب والإعلامي السوري، باسل الحاج جاسم، إنّ أي اتفاق يتحقق بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، سيكون له انعكاس على سورية التي تنظر إليها روسيا على أنها آخر معاقلها في الشرق الأوسط، وقاعدتها في المياه الدافئة، بينما هي أكثر من مجرد وسادةٍ أمنية لخاصرة تركيا الجنوبية.

جاء ذلك في مقال له نشرته صحيفة "العربي الجديد"، حيث نقل عن مستشار الرئيس الروسي، "سيرغي غلازييف"، إنه لا بد من إيجاد توافقٍ، ومن الضروري إعادة الثقة بين تركيا وروسيا، فحادث الطائرة أدى إلى انهيارها بين البلدين، وعقّد كثيراً في إيجاد استراتيجية مشتركة ضرورية لتسوية الأزمة في سورية.

وتوقّع "الحاج جاسم"، أن تتفوق السياسة ستتفوق فيما يتعلق بالتوتر بين موسكو وأنقرة، مشيرًا أن الأمور لن تتطور أكثر، ولا سيما بعد رسالة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى بوتين، وتبعها اتصال بوتين هاتفياً بأردوغان، وبات جلوس الطرفين وحل الأزمة بالطرق الدبلوماسية مسألة وقت.

ورأى أن ما جرى من استفزازاتٍ جوية قد يكون وراءه تنافس وصراع بين الجنرالات الروس ونظرائهم الأتراك، كما يحدث في معظم الأزمات والمناطق التي تكون حولها نزاعات عسكرية، ولا صلة للقيادة السياسية في البلدين بما حدث، مبينًا أنه "لا يخفى أنه، بسبب براغماتية أردوغان وبوتين، نحّى كل منهما خلافاتهما الكبيرة حول سورية وأوكرانيا وأرمينيا وقبرص جانباً، وسعيا إلى، ونجحا في، إيجاد وسائل لتعميق التعاون بين بلديهما".

وأوضح الكاتب السوري أنه "لا يمكن تجاهل أوجه شبه كثيرة بين أردوغان وبوتين، وهما الشخصيتان المثيرتان للجدل في أحيان كثيرة، وهما يحكمان دولتين قويتين على الحدود الشرقية لأوروبا، مطلتين على منطقتي البحر الأسود والشرق الأوسط، ويتفقان في عدة قضايا مشتركة، لكنهما يتصادمان، أحياناً، في بعض الأهداف والقضايا السياسية، وكلاهما يناهز الستين، وكلاهما في السلطة منذ زمن طويل، بوتين منذ العام 1999، وأردوغان منذ 2002، كما يتمتع الرجلان بنفوذ واسع في بلديهما، وقد أعاد بوتين إلى روسيا هيبتها على الساحة الدولية، بعدما فقدتها بانهيار الاتحاد السوفييتي، وجعل أردوغان اقتصاد تركيا السادس أوروبياً، والسادس عشر على مستوى العالم لجهة الازدهار والتأثير".

وأضاف: "لا يكاد يمر أسبوع حتى ينتقد الرجلان أميركا وأوروبا، لكن العلاقة لم تسُؤْ بينهما وبين الغرب على الدوام، ولم تصل إلى حد القطيعة. ويحتفظ الاثنان بقاعدة شعبية كبيرة في الداخل، على الرغم من الاتهامات التي توجه إليهما بالتسلط"، مشيرًا أن ميراث البلدين التاريخي غني بالألقاب التي يحلو لمؤيدي الرجلين ومعارضيهما إطلاقها، أردوغان "السلطان"، وبوتين "القيصر"، وكلاهما لا يتردّد في فهم الجغرافيا السياسية.

وأشار "الحاج جاسم" إلى أن بوتين يدرك أن أي زعيم روسي يجب أن يوفر مناطق عازلة لروسيا في أوروبا الشرقية والقوقاز، وأردوغان يدرك أن تركيا يجب أن تصبح قوةً مهمةً في الشرق الأوسط، من أجل كسب النفوذ في أوروبا، ويحظى بوتين بنظام رئاسي روسي قوي ومستمر، أما أردوغان فيطمح إلى تحويل النظام في بلاده إلى رئاسي، فتركيا تتمتع بتاريخٍ لأحزاب متعدّدة مقارنة بروسيا، والمجتمع المدني في تركيا أقوى منه في روسيا، ويمكن إضافة أن انخفاض أسعار النفط الحالي يُضعف بوتين، ويريح أردوغان.

وشهدت العلاقات الروسية التركية أزمة دبلوماسية، على خلفية حادث إسقاط الطائرة الروسية، التي اخترقت المجال الجوي التركي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث أعلنت رئاسة هيئة الأركان الروسية، قطع موسكو علاقاتها العسكرية مع أنقرة، إلى جانب فرض قيود على البضائع التركية المصدرة إلى روسيا، كما بادرت موسكو بفرض عقوبات اقتصادية على أنقرة.

جدير بالذكر أن بوادر تطبيع العلاقات التركية الروسية بدأت عقب إرسال الرئيس التركي رسالة إلى نظيره الروسي، بداية الأسبوع الماضي، أعرب فيها عن حزنه حيال إسقاط الطائرة الروسية العام الماضي، وتعاطفه مع أسرة الطيار القتيل، عقبه اتصال هاتفي بين الزعيمين اتفقا فيه على بدء عملية تطبيع العلاقات بين بلديهما.

وأعلن رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، موخرًا، أن بلاده سترفع القيود الاقتصادية التي تفرضها على تركيا، بشكل تدريجي، تنفيذا للتعليمات التي أصدرها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حتى لا يتضرر المنتجون الروس، كما أشار إلى أن السلطات الروسية ستطلب عددا من الضمانات من المسؤولين الأتراك، بشأن توفير أمن السياح الروس في تركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!