عصمت بيركان – صحيفة حرييت – ترجمة وتحرير ترك برس

غضبت وكشّرت قوميتنا عن انيابها عندما سمعنا تصريح رئيس الجمهورية بنية تركيا المستقبلية والمتمثلة ببداية مشروع توطين السوريين، وما نراه اليوم ما هي الا البداية التي لا ترضى ببقاء السوريين في بلادنا، فماذا نفعل؟ هل نعيدهم الى الموت الذي فرو منه؟ ام نغلق مخيمات اللجوء التي تأويهم؟ ام نرميهم في بالحر لتذروهم امواجها العاتية؟ ام ننقلهم بالباصات الى الحدود اليونانية والبلغارية؟ يتواجد في مناطق الحدود الجنوبية مخيمات كثيرة تأوي هؤلاء الهاربين بأرواحهم وما تبقى من كرامتهم، لكن هذه المخيمات لم ولن تكون صالحة للإقامة الدائمة بسبب سوء ظروفها واحوالها، وانما هي فقط لإقامة مؤقتة، فماذا سنفعل بكل هؤلاء المكلومين المشردين العاطلين؟؟؟

العائلة التي سكنت جانب حاوية النفايات

ولد الكثير من أطفال العائلات السورية على الأراضي التركية، كما وقدم أطفال اخرون مع عائلاتهم هربا من نار الحروب، وتقدر ارقام الأطفال الذين تم استيعابها في البرامج التعليمية الرسمية بأكثر من 700 ألف طفل. وهنا اريد ان اسال: هل طلبت او ارادت تلك العائلة المكلومة والتي سكنت جانب حاوية النفايات في مدينة ايتيلار هذه العيشة المهينة والغير كريمة؟ بالطبع لا. ولهذا فان تعايشنا مع هؤلاء السوريين الهاربين من الموت أصبح امرا واقعا لا جدال فيه، ليكون السؤال هو: هل سندمجهم ونتكامل معهم ام سنكتفي باستيعابهم؟

لا مهرب من الاستيعاب

نحن امة ودولة عملت ولعشرات السنين على استيعاب الاكراد والعلويين في كل المستويات وعلى كل الأصعدة واخرها المستوى السياسي، ومع خبرتنا الطويلة في هذه المسالة نجد بان عملية استيعاب 3 مليون سوري يتحدث اللغة العربية لن تكون صعبة، كما ولن نكتفي فقط بالاستيعاب؛ بل سنعمل من اجل ادماجهم لنتكامل معهم كأمّة واحدة لا تنفك.

حق اللغة الام

هل نستطيع حرمان السوريين من حقهم في لغتهم الام وحقوق أخرى مثل علاقتهم بالدولة والبلديات وغيرها؟ بالطبع لا، فلماذا إذا نريد ان نمنع عنهم ما لا نمنع الاكراد والعلويين عنه؟ ولا نرضى لهم ما نطالب به للأتراك في المانيا؟ كيف نستطيع ان نطلب من 3 مليون سوري التحدث باللغة التركي ونجبرهم على توحيد مناهجهم الدراسية حسب البرنامج التركي التعليمي ونحن لا نفرض مثل هذه الأمور على الاكراد والعلويين؟

التمييز في فرص العمل

لن تتوقف المصاعب والأزمات على التعليم؛ وانما ستظهر عنصرية قوميتنا في كل مناحي الحياة؛ مما سيؤدي الى تعقيد حياة السوريين وجعلها صعبة لا تطاق، وفي هذه المرحلة الحرجة يجب ان تلعب المؤسسات والدوائر الحكومية دورا مهما في محاربة هذه الظاهرة، فهل سيكون ذلك؟ وهل سنستطيع تحقيق العدل والقسط فيهم سواء في حقوقهم الصحية او في التوظيف وغيرها؟ هل سنستطيع السيطرة على وحش العنصرية القومية؟ هل سننجح في القضاء على هذا العار؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سنعرف اجوبتها في الأيام القادة التي ستكون برأيي من أكبر المنعطفات التاريخية للدولة التركية.

عن الكاتب

عصمت بيركان

كاتب في صحيفة حريت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس