عصمت بيركان - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

قال في أحد الأيام مفكر استراتيجي أمريكي مشهور بحق روسيا هذه الجملة: "روسيا ذات الغابات كالسعودية".

هذا المفكر كان يقصد التالي: لايصدق أن دولة بهذا الحجم وهذه المساحة الكبيرة يعيش فيها 144 مليون شخص فقط، وتترزق هذه الدولة من البترول والغاز الطبيعي والمعادن.

عدد السكان في روسيا لا يزيد، على العكس، بل ينقص بسبب هجرة الناس إلى أوروبا وبسبب أن الإنتاج الصناعي محدود جدا.

والآن يوجد بين هذه الدولة وتركيا أزمة عسكرية يتم العمل عليها لوضعها تحت السيطرة.

نعم كان تعد روسيا في الماضي كقوة عظمى لكن الآن فقد خسرت هذه المكانة، لكن ما زالت روسيا دولة ذات قوة وحجم، فقط لروسيا نقاط ضعف حقيقية وبنفس الوقت فهي لا تنظر لمستقبلها بشكل آمن.

وقد قال المفكر الاستراتيجي الأمريكي زبغنيو بريجنسكي عندما تفكك الاتحاد السوفيتي وأصبح دويلات مستقلة وجاءت روسيا لتقود هذه الدويلات "أن روسيا بحاجة لأتاتورك".

لماذا أتاتورك؟ حسب رأي بريجنيسكي فقد نجح أتاتورك بإدارة هذه الدولة الكبيرة وتحويلها من النظام العثماني إلى النظام الجمهوري وكان يعمل على إنقاذ البلاد من شوائب الماضي القديمة بسرعة لا لأجل نفسه بل من أجل الوطن.

روسيا ليس لديها هذا القدر من الكفاءات من الناس لإدارة البلاد ومع الزمن فإنها تصغر وتنهكها الصراعات كما يقول الدكتور زبغنيو.

كلنا يعلم أن روسيا غنية بالغاز الطبيعي، الفحم والبترول والمعادن وروسيا واحدة من أهم المصدرين في العالم، حيث أن مجموع صادراتها للبترول والغاز الطبيعي 80 بالمئة.

منذ بضع سنوات وروسيا تكبر اقتصاديا مثلنا ولكن صادراتها نوع مختلف ألا وهو السلاح، تصدر إلى أوكرانيا أو حتى  تصدر للحرب السورية طبعا هذه فرصة لروسيا لزيادة مبيعات الأسلحة.

اطرح الآن السؤال كالتالي: هل دخلت روسيا باقتصادها وطاقتها البشرية في لعبة الدول السياسية؟

لو سألتم هذا السؤال للأمريكيين لقالوا نعم.

ليست هناك قوة تدعم لمدة طويلة سياسات روسيا الأمبريالية، ربما  قبلت أعمال روسيا بسبب هذا التحليل في الشروط الطبيعية (كإلحاق القرم، والضغط العسكري على دول البلطيق، والحرب الداخلية في أوكرانيا).

من جهة أخرى فإنه في عهد باراك أوباما فإن أمريكا قد أحدثت فراغا كبيرا في أوروبا والشرق الأوسط، وبسبب هذا الفراغ فقد لزم تكون قوة في هذه المناطق.

فقد ملئت روسيا الفراغ الموجود في أوروبا وأيضا إيران تحاول ملأ الفراغ في الشرق الأوسط كما أن تركيا طلبت ملأ فراغ الشرق الأوسط لكن الربيع العربي أخمد هذا الطلب.

هذا التوتر بين الدولتين ليس نابعا بسبب إسقاط تركيا للطائرة الروسية بل إنه للأسباب التي ذكرت آنفا أي استراتيجية منافسة بين دولتين.

منذ سنتين من الهجوم السياسي الروسي على سوريا، لأول مرة يرى   مراد يتكين رئيس تحرير صحيفة (Hürriyet daily News) مواجهة عسكرية، معبرا عن ذلك بقوله: "أول مرة يعبس فيها وجه بوتين".

وقال أيضًا إن هذه أول طائرة روسية تسقط في عصر ما بعد الحرب الباردة.

وإذا عشنا نفس المشكلة التي نعيشها مع روسيا مع إسرائيل أو أمريكا فإن توابع ونتائج هذه المشكلة طويلة ووخيمة ولكن حول موضوع روسيا فإنه حتى لو صعدت روسيا الأمور لن ترتد لنا طرفة عين.

عن الكاتب

عصمت بيركان

كاتب في صحيفة حريت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس