محمود أوفور - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

تواجد الشعب الذي وقف ليلة 15 تموز/يوليو، أمام الدبابات، وتحت الطائرات من أجل الديمقراطية، تواجد يوم أمس أيضا في ميدان "يني قابي" من أجل مهرجان الديمقراطية والشهداء.

شاهدنا مظاهر الفخر والاعتزاز على وجوه الملايين التي زحفت إلى الميدان، فرحين لانتصار الديمقراطية، وفخورون بموقفهم المشرّف تجاه وطنهم.

لأول مرة يتوحد الشعب ويقول "كفى" للانقلابيين، للإعدامات بدون سبب، للنزاعات، للجرائم مجهولة المصدر، التي عانى منها شعبنا على مدار 60 عاما.

ولهذا فإنّ مهرجان "يني قابي"، هو الإشارة الحقيقية الأولى "لتركيا الجديدة"، تركيا الجديدة التي فيها تترسخ الديمقراطية، والعدالة، والرحمة.

شعب تركيا العظيم هو الذي قدّم هذا المشهد السياسي الذي كنا نحلم برؤيته، ولهذا أصرّ رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان على حضور رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، ورئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، وكل قادة الأحزاب السياسية الأخرى.

قدّمت تركيا للعالم مشهدا رائعا، اتحد فيه الجميع تحت علم النجمة والهلال، ورأينا بينهم أعلاما لقبرص، وأذربيجان، وفلسطين. ولم تكن متابعة المهرجان مُقتصرة على الدول الإسلامية فحسب، بل تابعه كل العالم.

كنت أحاول بين الفينة والأخرى أنْ اصعد الى اعلى نقطة ممكنة، كي أرى هذا الحماس المتدفق من قلوب الملايين، لأرى روح الإخوة هذه التي لطالما كنا نتمنى تحقيقها. هذا يتم لأول مرة في تاريخنا السياسي.

انظر إلى جمالية المشهد، يخرج دولت بهشتلي، وكمال كيليتشدار أوغلو، وبن علي يلرديم، وإسماعيل قهرمان، ورئيس الجمهورية أردوغان، خرجوا على التوالي، وألقوا السلام على الجماهير الحاضرة. هذا المشهد نعيشه لأول مرة منذ زمن طويل.

ثم بدأوا بإلقاء خطاباتهم الواحد تلو الآخر، وكنا ننتظر بشغف خطابي أردوغان وكيليتشدار أوغلو، ومع أنّ خطاب الأخير لم يحظَ بتصفيق كثير، إلى أنه كان إيجابيا جدا ومعقولا.

وهنا لا بدّ أنْ نشير إلى خطابين كانا مفاجئين، الأول خطاب رئيس الأركان خلوصي أكار في مهرجان للمدنيين، وأعتقد أنّ هذا يحصل للمرة الأولى في تاريخنا، وأنه كان ضروريا من أجل وحدتنا وتماسكنا.

المفاجأة الأخرى تتمثل فيما احتوى خطاب بن علي يلدريم الجامع، الذي قرأ شعرا لناظم حكمت، وأحمد عارف، ليرسل رسالة للجميع بأنّ الحكومة والدولة لا تُقصي أحدا.

أما الحضور الجماهيري فكان رائعا، تواجد في المهرجان الجميع، تواجد أنصار العدالة والتنمية، والشعب الجمهوري، والحركة القومية، تواجد أناس من كل مشرب ولون، اليساري واليميني، السني والعلوي، التركي والعلوي تواجدوا في مهرجان الديمقراطية والشهداء.

هذا مهرجان تاريخي، وأصل رسالته ليس للانقلابيين وأدوات الاحتلال الداخلية، وإنما موجه بصورة أكبر إلى القوى العالمية القذرة التي تقف خلفهم؛ لأنّ قوى الشر هذه كانت تعمل في دولتنا انقلابا كل عشر سنوات، ولم يسمحوا لنا أنْ نعيش في أجواء ديمقراطية حقيقية خلال 60 عاما.

والآن لأول مرة نقف في وجههم ونرفض خططهم، ولأول مرة يقف زعيم ورئيس جمهورية ويطلب من الجماهير النزول إلى الشوارع، للوقوف في وجه الانقلاب، ولذلك فإنّ ليلة 15 تموز، هي نقطة تحوّل، ومرحلة مفصلية في تاريخنا.

كما من المؤكد أنّ هذه الليلة ستكون نقطة تحوّل لأمريكا ولكل السياسيين الغربيين الداعمين للانقلاب، ولهذا فإنّ رسالة المهرجان ليست فقط لأدوات الانقلاب الذين في تركيا، وإنما للقوى الخارجية الداعمة لهم.

رسالة المهرجان كانت واضحة: "كفى، اسحبوا أيديكم من تركيا".

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس