مراد يتكين – صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

دعا نعمان كورتولموش الناطق باسم الحكومة التركية الولايات المتحدة الأمريكية للوفاء بوعودها، ولكن هل باستطاعتها القيام بذلك...

طرحت صحفية نيويورك تايمز الأمريكية البارحة السؤال التالي: هل تخوض المخابرات الأمريكية سي آي إيه حربًا ضد وزارة الدفاع البنتاغون في سوريا؟

ووفقًا لما ذكرته الصحيفة، في الوقت الذي تدعم فيه المخابرات الأمريكية الجيش السوري الحر الذي أحرز تقدمًا بمساندة تركيا، قام البنتاغون بدعم حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي الذين تعتبرهم تركيا مطابقين لبي كي كي وعمدت إلى قصفهم.

كما يبدو أن هناك ازدواجية في السلطة بداخل البنتاغون نفسه. لأن قيادة القوات المركزية الأمريكية هي التي تولت إدارة العملية في سوريا. بينما تتلقى القوات العسكرية الأمريكية الموجودة داخل بنية حلف الناتو والذي تعد تركيا أحد أعضائه الأوامر من قيادة القوات الأوروبية.    

وفي الوقت الذي تشكل فيه روسيا ومنطقة الاتحاد الأوروبي والناتو الأولوية ضمن مجال مهمة القيادة الأوروبية، يشكل الإرهاب والعالم الإسلامي أولوية لدى قيادة القوات المركزية الأمريكية.

ولكن لا يبدو أن هذا الانقسام موجودٌ لدى البنتاغون والس أي أيه فحسب، بل أعطى انطباعًا بوجود تضارب لدى وزارة الخارجية الأمريكية أيضًا.    

وهل من مثال على ذلك؟

في 24 من الشهر الجاري دخل الجيش السوري الحر ومن وراءه تركيا إلى سوريا، وفي اليوم نفسه استطاع قلب توازنات المعادلة بمجرد دخوله إلى جرابلس الخاضعة لسيطرة داعش. 

في البداية وجه نعمان كورتولموش نائب رئيس الوزراء نقدًا ذاتيًا أشار فيه إلى مواجهتنا العديد من المشاكل نتيجة سياستنا تجاه سوريا، ومن ثم أعلن رئيس الوزراء بن علي يلدرم عن تبدل في السياسة التركية الخاصة بسوريا من خلال حديثه عن إمكانية أن يقوم الرئيس السوري بشار الأسد بدور في القيادة الانتقالية.    

 بالإضافة إلى أن العملية التي انطلقت ضد داعش، ليست الأولوية فيها إسقاط الأسد من قبل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، بل اعتبرت أنها موجهة للقضاء على التنظيم؛ وبالتالي فإن ثمن ذلك سيدفعه كل من حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي.

في حين أعلن وزيرا الخارجية الروسي والأمريكية في اجتماع عقد في جنيف في 26 من الشهر الجاري عن رفضهما فكرة إقامة دولة للأكراد في سوريا. كما اتصل جون كيري قبل يوم بوزير الخارجية مولود جاويش أوغلو وأبلغه عن بدء انسحاب الوحدات الكردية إلى الضفة الشرقية للفرات.

وعلى ما يبدو فإن التطورات الحاصلة في المنطقة لا تؤكد صحة ما تحدث عنه كيري. فقد بدأت وحدات حماية الشعب الكردية بالتقدم من منبج شمالًا نحو جرابلس. بالتزامن مع بدء إطلاق نيران المدفعية التركية. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة لم تحذر تركيا (كما سبق وحذرت سوريا بخصوص الحسكة). وبناء عليه فقد وفى جو بايدن بالوعد الذي قطعه في أنقرة في 24 من الشهر الجاري في حديثه عن إيقاف المساعدات في حال عبورهم نهر الفرات غربًا.

ومن جانبه واصل حزب الاتحاد الديمقراطي تقدمه نهاية الأسبوع الماضي. كما هدد صالح مسلم تركيا مجددًا، بينما سيطرت الوحدات الكردية على عدة قرى باتجاه جرابلس. وفي 27 و28 من الشهر الجاي أعلنت أنقرة عن مقتل 25 مقاتلًا من وحدات حماية الشعب في عملية شاركت فيها الطائرات الحربية هذه المرة، إلى جانب المدفعية دون أن يؤدي ذلك إلى مقتل أي مدني.

إذن ماذا كان ليحدث بعد ذلك.  

في البدء اعتبر البنتاغون ضرب وحدات حماية الشعب أمرًا غير مقبول. فيما أكد المتحدث باسم الجيش السوري الحر عدم وجود نية لدى حزب الاتحاد الديمقراطي في الانسحاب من منبج، وأنهم سيواصلون التقدم نحوها. ليؤكد مجددًا أن عناصر الحزب لن تنسحب. فكان رد وزير الخارجية جاويش أوغلو على ذلك بإعلانه استمرار قصف أهداف وحدات حماية الشعب المتواجدة غربي الفرات. في حين أصدر البنتاغون بيانًا عن "بدء انسحاب" مقاتلي الوحدات الكردية، ولكن من يحصي عدد المرات التي قالت فيها ذلك.

غير أن البيان الأغرب، أتى من خلال تغريدة على التويتر صادرة عن بريت مكورك مبعوث الرئيس الأمركي باراك أوباما للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش. دعا فيها كافة القوى المسلحة إلى عدم تصعيد التوتر الحاصل في المنطقة.

وبناء على كلامه يمكننا القول أن المسؤول الأمريكي وضع وحدات حماية الشعب الكردي وتركيا العضو بالناتو وحليف الولايات المتحدة في خانة واحدة هي "القوى المسلحة في المنطقة".

ولكن وجهة النظر هذه لا تطابق وجهات نظر وزارة الخارجية أو البنتاغون.

حتى أن المتحدث باسم الحكومة كورتولموش قد سأل البارحة عن هذه التصريحات الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية.

فكان رده، دون الخوض في أي جدال:

"ستعمل تركيا على حماية نفسها ضد أي اعتداء قد تتعرض له. وهم يعرفون جيدًا حساسية هذا الموضوع بالنسبة لنا. وفي سياق ذلك تعهد أيضًا بإنه لن يكون لحزب الاتحاد الديمقراطي أي وجود غربي الفرات. وبالتالي نسعى إلى حل هذه المسألة أولًا من أجل تجنب حدوث أي صدام هناك. ونتوقع من الولايات المتحدة الأمريكية استخدام نفوذها على الحزب.

"لأن تركيا لا تستطيع البقاء متفرجة على الاعتداءات القادمة من سوريا. كما أن خضوع المنطقة بالكامل لسيطرة تنظيم واحد هو حزب الاتحاد الديمقراطي تعني تقسيم سوريا. ولهذا نحن ندعم وحدة الأاضي السورية بالكامل".   

وفي السياق ذاته قال كورتولموش أمراً آخر يتعلق بمشكلة منبج: "يعد إخلاء المدينة من عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي إحدى الوعود التي قدمت إلى تركيا".

مما لا شك فيه أن الأمريكان قد تعهدوا عقب استعادة منبج من قبضة داعش بمغادرة الحزب للمدينة والإنسحاب إلى شرقي الفرات.  

ولكن هل سوف تفي الولايات المتحدة الأمريكية بوعودها يا ترى؟ وهل سوف تستخدم نفوذها على الحزب كما أبلغت كورتولموش؟ 

ولكن أية أمريكا؟ هل التي تعهدت واعترفت بالعصبية التركية؟ أو التي تحاول كسب الوقت ولكن ما زالت تؤكد أنها على وعدها؟ أو أمريكا العاجزة عن التأثير على عناصرها في المنطقة؟ أم الداعمة لمن تعتبرهم تركيا إرهابيين معادين لها؟    

أية أمريكا؟

عن الكاتب

مراد يتكين

كاتب في صحيفة راديكال


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس