شمس محمود - خاص ترك برس

دائما ما كانت المراهنة على أن قوات الجيش والشرطة ستنضم مرغمة إلى الجماهير المطالبة بالتغيير والحرية وكان التعويل الدائم على أن معاناتهم قريبة مما نعانيه  وكان المقصود هنا الأفراد وصغار الضباط والعساكر وأن الانفصال الطبقي داخل مؤسساتهم يخلق حالة من الضجر يحتاج دائما إلى تنفيس لا يستطيعونه مع أصحاب "الأيد الطايلة" الذين يمكنهم بكل سهولة فصلهم من عملهم أو "مرمطتهم" داخل هذه المؤسسات حتى يكرهوا أنفسهم وفى بعض الأحيان تتم عملية تصفية جسدية كما في بعض الحالات الموثقة.

وكان تعويل الأنظمة دائما فى ولاء الجيش والشرطة على شراء الكبار منهم حتى يقوموا هم بدورهم فى التحكم فى الصغار وكان هذا يغذي مزيدًا من الحقد الطبقي أو "الرتبي" داخل هذه المؤسسات لذلك كانوا لا يستطيعون الصمود فى وجه الثورات الشعبية لأن الجنود الذين ينفذون الأوامر كانت تحدث بداخلهم انشقاقات كبيرة ومؤثرة وقت الأحداث الكبيرة التي يؤمرون خلالها بقتل أهلهم أو من حفظوا "كذبا" أنهم هنا لحمايتهم.

وربما هذا ما يجعل بعض الأنظمة أو قل إن شئت مستشاريهم الدوليين يحاولون تغيير هذه المعادلة بشكل جديد يقوم على إعطاء كافة القطاعات المهمة "صغارا وكبارا" امتيازات ضخمة مثل رواتب خيالية منازل لم يكنوا يحلموا بها نوادي مستشفيات ناهيك عن السلطة والمكانة الإجتماعية والرهبة التي يشعرون بها من الجماهير تجاههم كل هذا يجعل الجميع يصدق نظريات النظام  وكل هذا يجعل المساحة الضخمة من هذه المؤسسات تحافظ على ما اكتسبته فى ظل هذا النظام  الذي أغدق عليهم وما زال يفعل فيكون حافز الدفاع  كبيرًا ومؤثرًا بشكل أكبر من ذي قبل.

فيجد الشعب الثائر أن الطائرات التي اشتريت من جيبه هو والمعدات العسكرية التي جاءت لحمايته هو تحلق فوق رأسه ويطلق منها "إخوة الوطن والدين" الرصاص والقذائف بلا تردد أو وجل كيف لا وهو يحارب "أعداء الوطن والسبوبة".

ولو قال أحدهم كيف سيحركون الدبابات والطائرات ومعدات القتال داخل المدن هل أنت مجنون ولمن سيتركون الحدود؟!

أقول ما هو الخطر الذي على الحدود وأين هو العدو الذي يشكل خطرا على البلد والنظام الذي يحكمها يقدم كل شيء ويبيع ما لا يباع للأعداء القدامى والحلفاء والنظام لا يشكل خطرا دوليا على جار أو دولة ما تحكم العالم ولا يحمل ايديولوجية أو عقيدة تحررية يريد تصديرها للعالم وكذا لا يريد تغيير خريطة العالم السياسية أو الفكرية بل ويمد أعداء بلاده بشرايين الحياة بدون مقابل بل أحيانا يدفع هو من جيوب الشعب كي يزداد رضى العدو عنه.

فلو انسحبت كافة قواته من على الحدود لن يفكر أحد فى دخولها فقط من سيحاول هم تجار المخدرات والسلاح أو غيرها من التجارة التي تبحث لها عن مخرج وهؤلاء لديهم تعاملات مع القطط الكبيرة فى الداخل والكل يعرف أن عمليات الملاحقه لبعضهم هى عملية صورية لكي يتحدث الناس عن الخطر الذي يمنعه عنا الراعي رغم أن الراعي يأكل كل يوم شاة منا ويقدم إخواننا لأصحابه كي يأخذوا وافر نصيبهم فى الشبع ورغم ذلك ما زال البعض منا يردد أن السيد الراعي يحمينا من الذئب رغم أن الأيام أثبتت أن الراعي يأكلنا هو أيضا.

والذي لا يصدق مثل هذه الأمور ربما لم يشاهد قوات الأسد وهى منتشرة بكافة قواتها داخل المدن السورية فهل تقدمت دولة ومنها "الكيان الصهيوني" على محاولة الاحتلال وهل أعداء محور الممانعة دفعوا بأرتالهم داخل سورية لكي يدمروا أيقونة "الممانعة" المتمثلة فى آل الأسد على العكس من ذلك فقد جاءت إيران الشيعية وروسيا الشيوعية المسيحية وأمريكا "الشيطان الأكبر" والعدو اللدود لدولة الملالي بالتحالف مع الاستخبارات والقوات الإسرائيلية ودفعت الصين الملحدة من أموالها الكثير وجيوش حزب الله والحشد الشيعي ومرتزقة كافة دول العالم ذو الغالبية الشيعية كي يحموا نظام "الممانعة" رغم أن الظاهر أن قطاع إيران روسيا الصين عدو لقطاع أمريكا وحلفائها الغربيين في الظاهر إلا أن جميعهم يضرب فى الثوار وليس فى قوات بشار الأسد "الممانع" حتى أن العدو الذي اتفقوا على عداوته فى الظاهر وهو "تنظيم الدولة" لم تتخطى حاجز ضربات التحالف نسبة ال 5% من مجموع الضربات التي قال الجميع أنه جاء ليستهدف بها داعش أي أن 95% من ضربات التحالف والروس ومن في ذيلهما كانت ضد المدنيين والثوار غير المصنفين دوليا بأنهم "إرهابيون" والباقي كان ضد داعش المصنفة من النظام العالمي الذي لا يقل بل يتفوق على داعش فى الإرهاب إرهابية وهي كذلك.

إذا فالأنظمة مطمئنة وهي تعرف أنها كلما قدمت أكثر كلما كانت حمايتها مضمونة اللهم إلا إذا ظهر فى الساحة من هو أكثر ولاء منها للنظام الدولي وقتها ستكون التصفية أو الانقلاب أحد البدائل المطروحة من قبل النظام الدولي حتي يعم "السلام الدامي" أركان المعمورة التي صارت مخروبة بفضل النظام العالمي وحلفائه.

وهذه الأمور تتم فى ظل غفلة الخوف التي تجعل الكل مترقب وضاجر لا يكاد يفيق من زيادة مرتبات "فدائيو النظام" حتى تأتيه الزيادة الجديدة أضعاف سابقتها التي ضجر وصرخ "واتمرمغ فى الأرض" غضبا منها. والكل يترقب النظام والناس وهو ترقب دائم لا ينقطع من الطرفين حتى تعم الطامة أو الكارثة أو التحرير بثورة كبرى تأكل من الكل وربما لا تبقي للكل شيئًا ورغم أن بناء الدول بعد ثورات التحرير ليست مستحيلة أو لا تحتمل  لكن الصبر على الثورة وتطوراتها هو الصعب والمؤلم للجميع حكام ومحكومين من يطالبون بالحرية ومن يتضررون منها وهذا الخوف هو ما يراهن عليه النظام الداخلي وداعميه الدوليين المستفيدين من خوف شعوبنا وضعفها وإلا فهل هناك أسهل وأجمل من أن نتعرى ونجوع حتى يأكل الشعب الأمريكي وقبله الحكومة أو أن نلقى فى غيابات السجون كي ينعم المواطن اللماني بالراحة أو نعمل طوال الليل والنهار كما البهائم بل أقل من أجل أن تطور روسيا منظوماتها البالستية الجديدة.

ومن يحاول أن يشب عن هذا الطوق كما النظام التركي الحالي يحاول المجتمع الدولي بكافة اساليبه وطرقه إسقاطه كي يصعد على الساحة نظام جديد لا يقايض ولا يشعر بعضلاته أو يسعى فى تنميتها وإبرازها فيظل هذا النظام الجديد تحت ضغط المجتمع الدولي حتى يظهر على الساحة نظام شبيه يعاونه ويسانده وهو في هذه الأثناء يتعامل مع النظام الدولي كي يكسب بعض نقاط القوة الاقتصادية والعسكرية التي من المكن أن يضغط بها على النظام الدولي وقت اللزوم.

والأنظمة الدكتاتورية كلما يمر عليها الوقت إما أنها تزداد قوة أو تزداد اهتراء وليس فى هذا قاعدة واحدة فها هو النظام فى الجزائر يحكمه رجل مريض فى عداد الأموات والشعب لا يفعل شيئا لأنه دائما ما يخوف بالماضي أو بالحالي السوري ونظام مبارك وبن على كانا على العكس من ذلك وكانت النتيجة سقوطهما السريع بعد  قيام الثورة ضدهما. حتى الذين يعولون على التدخل الأجنبي يدركون أنهم سيكونون جزءًا من اللعبة فإما أن يكونوا على قدر المسؤولية وإما أن يتركهم المحتل ليأكلهم اللاعب الجديد كما فى العراق أو يظلوا مجرد "مريونت" فى اللا دولة كما فى أفغانستان والأمثلة على ذلك كثيرة وأظهرها نظام المجانين فى كوريا الشمالية.

إذا فالوقت ليس فى صالح طالبي التغيير فى الغالب والتعويل على ضجر أفراد حماية النظام ليس فى محله و يجري الآن إصلاحه من قبل النظام ومستشاريه الدوليين والخوف يسيطر على مشهد الناس وحياتها وأصحاب الجرأة فى تناقص ومشاهد العراق وسوريا وأفغانستان تسوقه الأنظمة لتأكيد الحالة وترسيخ فسادهم البادي للجميع.

ولكن سيأتي يوم لن يعود فيه فرق عند المواطن "المستكين" بين الموت برصاص "حماة النظام" أو الموت من "الجوع" فالكل فى النهاية موت وسيفكر الغالب من الناس أنه ربما أموت وأنا أحاول خير من أن أموت وألا يشعر بي أحد. البعض منا صار "ينتحر" لأنه لا يجد ما يسد به جوع أولاده أو مديونياته أو الطلبات التي يمكن أن يكون أقصاها سداد مصاريف مدرسة حكومية و نقطة في فرح لا يملك ردها أو شراء "كيلو فاكهة" كل شهرين فى الحين الذي يجد فيه "حماة الوطن" يأخذون كل خيرات البلد بدون مجهود يذكر فى الصباح ليعودوا فى المساء فيركلوه ويشتموه ويلعنوا صوته المرتعش فهذا اليأس إذا عم سيكون بالعكس فلكل فعل رد فعل.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس