شمس محمود - خاص ترك برس

كثير من النقاشات الفكرية التي أخوضها مع أشخاص ينتمون لأيدلوجيات مختلفة ، تظهر بشدة أن غالبيتهم قد أثر فيهم مرض واحد وهو  " الأيدولوجي فوبيا " .

فمن لا ينتمي للتيار الإسلامي يضع جميع من ينتمون لهذا التيار فى بوتقة واحدة ، بل وينشئ أحكامه ومواقفة على جميعهم ، إنطلاقا من هذه البداية الباطلة ، وكذلك يفعل الإسلامييون .

والبعض ينشئ نقاشة على " عاطفتة الفكرية  والمذهبية " ، فتراه يبحث عن معاذير لجماعته وتياره وهو ينقدهم ، في الحين الذي لا يبدي أي تعاطف ولا تفهم لمخالفات المخالف ، ثم يختم  النقاش بتلك المقولة التي يختفي خلفها كل من لا يريد تحقيق الحقيقة ، فيقول  : جميعنا أخطأ ، وجميعنا يستحق العقاب !!

والحقيقة أن هذا عند التحقيق باطل وملفق ..

 فهناك فريق لم يرتمي في أحضان " الفلول " وقت أن أرتمت فيه  تيارات وأحزاب " عتيقة " ، لامت غير المرتمين في أحضان " الفلول " بالسزاجة السياسية !!

وهو هو ذات الفريق الذي " حرم " إراقة الدماء المعصومة فى " محمد محمود " و " مجلس الوزراء "  كما " حرمها  في " رابعة والنهضة " وما تلاها من مجازر .

فريق فرََّق بين " الخطأ والجريمة " ، و بين " المعارضة والفُجر فى الخصومة " ، ذلك الذي مارسته جماعات وأحزاب وشخصيات تدعي اليوم الحكمة ، ويدعي أنصارهم بأنهم لم يحوزوا على الفرصة أو يفوقوا أفهامنا بسنين ضوئية ، رغم أنهم بعضهم يعيش في " كهوف تويتر " منذ سنوات .

ذلك الفريق الذي كان له أنصار في كل تيار ، والذي هتف منفردا حتى بح صوته :

 "عسكر كاذبون " ، و" لا للفلول " ، و" الثورة مستمرة " ، بلا مصلحة أو تلون أو " ألعاب سياسية  قذرة " .

كانت " الثورة " :

وكان معها " الحلم الجميل " فى التغيير والإصلاح ، كانت تقودنا بكرا ، وكان الجميع من حولها أبكارا ، حتى شنع النظام عليها بأنها " بغي " كما شنعت " اليهود " على " البتول مريم " تلك الفرية من قبل .

بدأ البعض فى التصديق ، رغم أنه لا بينة سوى " الأخبارالمجردة " عن كل دليل ، تلك التي قالت من قبل على الأنبياء كذبة ، وعلى المعارضين خونة ، والتي يستطيع بمثلها جارك الكاره أو عدو لك  أن يقول فيك ما ليس فيك ، فيشيع بين الناس بأنك ((  لص أو قاتل ، أو تعشق اللواط ))  !!

ولن يصدق هذا إلا قوم فاسقين .

 كان هذا فى الناس ، أما في الأحزاب والحركات والتيارات ، فكانت تلك القيادات وذلك الصف الذي يصدق الشائعات " الصلعاء " على ( فنانين وفنانات ورؤساء تيارات منافسة ) ، فقط لكونهم فساق أو أعداء للتيار ، وأولائك الذين كانوا يلوكون الشائعات " الركيكة " عن ( مشايخ  و دعاة  ، ورؤساء التيارات المخالفة ) ، يمضغون لبان تلك الشائعات ويخططون بشأن التوابع ، رغم أن كلاهما وقت الحاجة يستدعي أيات وأحاديث ومأثورات حول التثبت والتبين وإظهار الدليل ، لكننا أبتلينا بقوم يحسبون " التحليل " بيانا ، و" الظن " يقينا ، فكيف إذا كانت تلك الشائعات والظنون من بنات أفكارهم ؟!

حتى قال بعضهم لي يوما  بعد أن نهيته عن ترويج إحدى الشائعات التي بان كذبها على منافس لهم فى الإنتخابات الرئاسية : نعلم أنه كذب ، لكن ترويجه مفيد !!

بدأت المفاوضات " السرية " مع النظام :

 و معها بدأ النظام في بث جنود من الخائنين والمرجفين بيننا ، كان بعضهم مدرك لهذا الدورمرحب به  ، والبعض الأخر " ساذج " حتى النخاح .

ثم تتالت الأحداث ، حتى وصل حال الثورة " اليتيمة " إلى تلك الحال التي ترى ، فأين أخطأت الثورة ، وأين أصابت الجماعة ؟؟

أخطأت الثورة :

حين استهلكت قوتها خلف كل شرك نصبه لها " النظام " فالنظام دوما ينصب الشرك ليأخذ اللقطة التي يبرر بها للجماهير " الخائفة " ويقودهم ، كما حدث فى " مجزرة " مسجد الفتح ، فقبل المغرب بقليل ، خرج شخص " ملثم " يرتدي قناع أسود وفي يده " رشاش أمريكي "  من خلف الجماهير ، وأنطلق صوب قسم الشرطة الذي كان يطلق منه ومن سياره مجهزة بجواره  الرصاص الحي على المتظاهرين ، فهلل المتظاهرون لهذا الملثلم ذو البندقة والذي بدى كالمخلص فى نظر البعض ، وقتها قلت لصديق لي ، هذه بداية النهاية ، وقد كان .

فبعد أن أطلق الملثم النار صوب قسم الشرطة ، أخذ النظام اللقطة بأن المتظاهرين مسلحون ، رغم أنه لم يكن بين المتظاهرين من يحمل " سكينة مطبخ " ، فيمهد بهذه اللقطة الطريق أمام التبرير في استخدام القوة المسلحة ، التي كانت تمارس حتى قبل وصول الملثلم .

ولن تطرح " الجماهير المشاهدة " ، كما لم تطرح " الجماهير المتظاهرة " أسئلة مثل :  

_ كيف وصل الملثم إلى تلك المنطقة المطوقة أمنيا برجال الشرطة والقناصين والطائرات الهليكوبتر ، دون أن يلحظه أحد ؟؟

_ كيف ترك " المواطنون الشرفاء " ورجال الأمن  " الملثم " يمر ، رغم أنه لم يكن يخفى السلاح أو اللثام  أو حتى يرتدي لباس يستطيع به إخفاء السلاح ، بل ولم يأتي بسيارة ألقت به بين الجماهير ، ولا من طائرة هليكوبتر كأفلام " الأكشن والإثارة " ، بل كان الملثم راجلا ، يمشي مطمئنا ، فمطمئنا أتى ، ومطمئنا ضرب ، ومطمئنا عاد إلى قواعده سالما ؟؟

وكم استهلكنا النظام فى أحداث مفتعلة ، كان الواجب فيها على " الثوار " ألا يذهبوا إليها منفردين  بلا خطة أو هدف " مقبول " ، أو مدعومين من شريحة عريضة من الجماهير ، بل وبعض الأحداث كان واجب على " الثوار " ألا يخرجوا فيها أبدا ، لكن البعض كان يستجيب لنداءات " الكتائب الإلكترونية " التي وظفها النظام للضغط على من يستجيب للضغط الإنفعالي ، فكان الجالسون خلف الشاشات يقودون الثوار " للمحارق " ، ثم يزايدون عليهم بعد العودة ، من أجل أن يقودوا من تبقى لمحرقة جديدة .

وأخطأت الثورة ، حين رفع الثوار ألوية كثيرة ، أهدافها مشتركة وملتحمة مع الثورة ، لكن تاريخها وأيدلوجيتها مختلف ، فانضم كل فريق تحت اللواء الذي يمثله هو 100% ، ليخسر 100% ، رغم أنه كان يمكن أن ينضم تحت لواء يمثله بنسبة 70% ليفوز 100% ، لكن يأبى البعض إلا التشرذم أو القيادة منفردا ، كمثل من ذهب ليطفئ نارا اشتعلت فى عقار من عشرة ادوار ، بأداة لا تكفي لإطفاء حجرة فى دور ، بل ووقت الإطفاء قال بعضهم نبدأ بالدور الأول وقال اخرون بل بالدور العاشر ، وقال ثالث ورابع ، وظلوا مختلفين ، حتى أتي العقار عن آخره وهم ما يزالون فى هذا الجدال العقيم .

وليس مقصودي من الإلتفاف أوالتجمع أو التوافق مجرده ، بل البحث عن أولى الأولويات وما هو المطلوب والممكن والمتاح ، وأين الهدف والبوصلة ، ومتى نتجاوز خلافاتنا التي لن تنتهى يوما ، وأين الخطوة التي تحقق لنا بداية ناجحة ، لا النصر الذي يتحقق فى الأفلام وأحلام اليقظة وفتاوى الدراويش ، فما زال البعض يتحدث لليوم عن " الرئيس الغائب " و " الإنقلاب " الذي يترنح ، وعن النظام الذي على وشك السقوط  ، بل وبعضهم ما زال يهزي ويقول : إن الشعب اليوم  على أحر من الجمر لهتاف الثورة ، رغم أن الجماهير لا تعرف عنهم سوى ما يخبرهم النظام به !!

وأخطأت الثورة ، حين التف الثوار خلف كل ناعق باسم الثورة ، فرفعوا أسماء ما كان لها أن ترفع قبل التحقيق بشأنها وما تريد ، فشوهت الثورة والثوار فى وجه الجمهور ، وهو ما يحدث اليوم ويتكرر مع كل من يخرج ليحدث الجماهير بأنه ضد " الإنقلاب " فيفسد ويدمر ، ورغم أن بعضهم مجرد " مخبرين مفضوحين " ، لكن ما تزال هناك شريحة عريضة تدافع عنهم وتدفعهم للقيادة ، وما كان هذا ليحدث لولا أن الثوار لم يكن لهم طريقا معلوما ولا خطة مرسومة ، بل كانت تقودهم الحماسة ، وتلهبهم الشعارات ، دون دراسة لما يملكون وما يمكنهم تحقيقه أو حتى لمدى صحة أو صواب تلك الشعارات والمقالات والأفكار التي روجها ومازال يروجها " مروجي المخدرات الفكرية " .

وأما الجماعة :

فقد أصابت حين أعلنت عدم ترشحها لإنتخابات الرئاسة ، ثم  أقسمت وغلظت الأيمان ، ثم وعدت من بعد القسم أن لا رجوع عن القرار ، لكنها سرعان ما تراجعت ونكثت عهدها ، ولم يكن الغرض هو حماية الثورة أو مقدراتها ، فمن تفاوض مع مبارك وقت أن كان الناس فى الميدان على الخروج دون أن يدرى سواهم بهذا ، ومن دافع  ودعم ترشح عمرو موسى ثم عرض بنفسه الدعم على " عسكر سابقون " ، بالرغم من وجود شخص مستقيم المنهج ، ثورى الحمية على قبة المترشحين ، يكذب حين يقول مثل هذا الهراء الذي لا يصدقهم فيه سوى مجازيبهم .

وأصابت الجماعة حين قالت بأنها فازت في انتخابات الرئاسة عن استحقاق ، لكنها " كذبت " ولاسبيل لإستخدام لفظ آخر ، حين قالت أن هذا النصر صنعه فريقها ، لأن فريقها قبل هذا الفوز لم يحذ سوى على أصوات ملايين خمسة ، كانوا هم الصف والمحبين والدوائر الواسعة والضيقة حول الجماعة ، وما كنت الجماعة لتحوذ هذا الفوز لولا أن قدر الله بأن يعلن كثيرين من فريق الثورة  " عصر الليمون " من أجل انتخاب رئيس لا يؤمنون به ، لكنهم كانوا يرونه البديل الحتمي لمرشح النظام السابق ، وكم كلف هذا الموقف كثير من الثوار كثيرا .

وأصابت الجماعة حين قالت بأنها " خدعت  " من النظام القديم ، لكنها نسيت بأن تخبر الجماهير أنها ارتكبت نفس الخطايا التي ارتكبتها مع  ذات الفريق في الماضي ، بل نقلتها نقل مسطرة ، رغم التحذيرات والتنبيهات التي قيلت لهم ، وكنت واحد من الذين كتبوا فى هذا خمس مقالات قصار ، لكن القيادة كانت مطمئنة لدرجة أن قال أحد القياديين لشخص أعرفه عن قرب سافر إلى أميركا منذ شهور بحثا عن حياة جديدة ، قال له القيادي حين حذره الصديق مما يفعلوا وأن خاتمة الأمر إنقلاب حتمي : لا تقلق ، هذه زوبعة فى فنجان ، ضع فى بطنك " بطيخة صيفي " !!

ولا أعرف كيف تلوك الجماعة تلك الكلمات " خدعنا " ، فهل كانت الجماعة تتوقع من النظام القديم أن يساندها مثلا ؟!!

ثم من الذي بدأ التعاون مع النظام القديم ، وراح يبحث عن مشتركات التلاقي ، فأعطى المبررات لبعض الضعاف من فريق الثورة كي يخونوها بإرتماء مماثل في أحضان النظام السابق كما فعلت الجماعة ؟؟

ومن الذي دافع عن فواجع المجلس العسكري ، ورفض كل هتاف ضده ، حتى صفعته الدبابة صفعة لما يستطع أن يفيق منها حتى اللحظة ؟؟

ولم يكن هذا إضطرار إعلاميا أو لعبا مقصودا كما روجت الجماعة فيما بعد ، بل كانت حقيقة راسخة جعلت من قياديين كبار كمحمود عزت يمدحون ويروجون فى جلساتهم الخاصة  لمن يسبونه اليوم ، بعد أن فرشوا له سجادة الصلاة ، ووضعوا على وجهه " زبيبة  " مزيفة .

ومن الذي رفض تعاون أبو الفتوح ، بل واغلق الباب في وجه مبعوثة إلى إجتماع دعي الجميع له حتى " الفلول " منهم  ورفضت الرئاسة استقبال ممثل الحزب ، لتخرج بعدها الرئاسة والجماعة لتكذب وتقول : عرضنا على أبو الفتوح رئاسة الحكومة فرفض ، وطلبنا العون من الجميع فلم يتعاون معنا أحد ؟؟

ومن الذي دفع بمرشح ضعيف ، تعلم الجماعة علم اليقين بأنه ضعيف فى الواجهة ، حتى لا ينتصر من خرجوا على طاعتها لما خانت الثقة التي منحوها لتلك القيادة التي نخر الفساد بجسدها كما نخرت الشيخوخة الفكرية والبيولوجية ، فكابرت وأصرت على كبرها ، بل وصل الأمر إلى نشر اكاذيب وافتراءات ضد هذا المرشح أشتركت فيه الجماعة مع الفلول عن عمد أو عن غير عمد ، وكم أرسلت وأرسل غيري  لأصحاب تلك الشائعات بأن ما يطلقونه بين الناس أكاذيب ، فأصروا على الترويج لهذا المنكر البين والكذب الأصلع ، حتى وصل الأمر بأن يقسم بعض قيادييهم ويقول  بأن هذا المرشح سيمنع الحجاب والقرآن ويغلق المساجد !!

  فزاع صيت المقطع ، لكن قيادات الجماعة أصابها الخرس حيال المقطع والمروج لأن مثل هذا الكذب الأصلع " مفيد " .

ومن الذي روج بين جماهيره أن كل من يعارضون الرئيس هم " جبهة الإنقاذ " ، الذين اكلوا وشربوا على " مائدة اللئام " ثم تجشئوا في وجوهنا في مؤتمراتهم الصحفية وقالوا نحن ضد الفساد والإستبداد بل بجاحة وتناحة لا نظير لها .

رغم أن هناك جزء كبير من المعارضة وقف مع الرئيس ضد مرشح الفلول ، وحاول التواصل مع الرئيس ووضع بين يديه ملفات لإصلاح منظومة الشرطة والصحة وغيرها ، وساند قرارت الرئيس الصحيحة كإقالة " طنطاوي وعنان " ، وإقالة " النائب العام " ورفضوا طريقة تعيين النائب الجديد " طلعت عبد الله " ، لتخرج الجماعة وتقول في كذب صريح : كل المعارضة رفضت مطلبا ثوريا وهو إقالة النائب العام ؟!!

وأصابت الجماعة حين قالت بأن المعارضة لم تترك الرئيس منذ الشهر الأول .

ولكن هل كانت الجماعة تظن أنها جائت إلى نزهة ، وأن المعارضة ستهلل للرئيس وتدعم مشروعة ، الذي اتضح أنه لم يكن مشروعا بل تصورا وخطوط عريضة كما عرفه السيد " الشاطر " ، ومتى كانت المعارضة تهلل للحزب الحاكم أو الرئيس ؟؟

ومتى سكتت المعارضة على الأخطاء البسيطة للحكومة ، فما بالنا بذلك العك والقيئ الذي كان يصرح به الرئيس والمسؤولين والمتعاطفين  والمنتمين فى الصحف ومحطات الإذاعة والتلفاز وبين الجماهير كل يوم ؟؟

ومن الذي نكص عن كل عهوده التي قطعها لجانب كبير من المعارضة سانده واعلن فى العلن مساندته ، وكلفته هذه المساندة كثيرا ، وقال للجميع هذه الحائط فارضخوا رؤسكم فيها ، ألم يكن الرئيس بمشاورة الجماعة ؟؟

ومن الذي اضطر مستشاريه إلى الإستقالة ، وسبوا وقتها سبا شديدا لذلك ، كامثال الدكتور " سيف الدين عبد الفتاح  مستشار الرئيس للدراسات والبحوث السياسية " والدكتور " أيمن الصياد  مستشار الرئيس لشؤون الإعلام " و " رفيق حبيب مستشار الرئيس للشؤون المسيحية " والذي عمل كنائب لرئيس حزب الحرية والعدالة " وغيرهم  .

ومن الذي جعل الناس تصدق كل ما كان يقال عن التيار والجماعة " زورا " منذ عهد " عبد الناصر"  ؟؟

 فلم تتأثر " غالبية الجماهير "  بدعاية كل هذه الأنظمة ، ووقفت بجوار التيار وأهله ، ووضعوهم فى المقدمة فى انتخابات واستحقاقات ، حتى قضى هذا التيار بيديه على نفسه ، ثم خرج ليقول هذا من صنع الإعلام ، كما لو أن الإعلام لم يكن يشوه التيار والجماعة  بوتيرة أكبر وقت " مبارك والمجلس العسكري " ؟؟

 وكما لو أن الإعلام هو من ارتكب حماقات وأخلف وعود وكذب وكرم المجرمين وأثنى عليهم ، وليس بعض قيادات الجماعة والتيار ، الذين قدموا " للإعلام الكاذب " مادة قوية على طبق من ذهب ، ليضيف عليها " إعلام إبليس " بعضا من " مِلحه الساحر "  ، فصدق " الواقع الملموس " ذلك " الملح الساحر " ، فنفر من التيار والجماعة كثير ممن كانوا بالأمس يدافعون عن التيار ويدفعون به للأمام من الجماهير التي تسب اليوم كما مدحت بالأمس ، وظل الرئيس والجماعة يضغطان على الجماهير بدلا من الضغط على الفاسدين ، حتى قال الناس  : يبدوا أن النظام والجماعة ، وجهان لعملة واحدة  .

وإذا كان  " الإعلام الكاذب "  المدعوم ب " المال السياسي " مؤثر لهذه الدرجة ، فلماذا لم تنجح ملوينيات " محمد أبو حامد " الفاشلة  ، التي دعمها ورعاها الفلول بكل ما أوتوا من قوة ؟؟

وأصابت الجماعة حين قالت أن الرئيس " أُفشل " ، وهذا حقيقي من جهة أن " الدولة العميقة " هى من افتعلت ازمات ومشكلات في عهده  ولكن :

من الذي لم يكن لديه خطة ولا طريقا معلوما  لمواجهة " الدولة العميقة " التي كان من الطبيعي أن تتحرك بهذا الشكل ، المعارضة أم الر ئيس والجماعة ؟؟

ومن الذي لم يستفد حرفا من تجربة الماضي مع " العسكر " ، أو من " التجربة التركية " الحاضرة ، والتي وقف في وجهها رجال وتجار وجنرالات وإعلامي  الدولة العميقة ، فلعبت معهم بكل متاح وممكن ، حتى أنها قبلت بانتخابات مبكرة فى العام 2007 أمام مظاهرات للعلمانيين ، لم تتجاوز المليون وأيدها الجيش ، بدلا من حشد عشرة ملايين لتأييد الحزب الحاكم  ، المعارضة أم الرئيس والجماعة ؟؟

ومن الذي كانت تغص غرف اجتماعته الخاصة ، وقصوره بأجهزة التنصت  والرصد ولم ينتبه لها أو يأخذ احتياطا ، المعارضة أم الرئيس والجماعة ؟؟

وهو ما كان متوقعا وتحدثت بشأنه مع بعض الأصدقاء حينها وقلت لهم : لو كنت مكان الرجل ، لجعلت هذه القصور للمراسم والإستقبالات " البروتوكولية " ، اما وضع الخطط وإدارة الدولة ، فيجب أن يكون فى مكان مصنوع على عيني ، لأن النظام السابق لابد وانه دس قبل خروجه أجهزة للتنصت والتجسس  لدراسة انفعالاتي وخططي ومواطن القوة والضعف عندي ، ناهيك عن إفلاش الخطط التي أرسمها إن فعلت ، فيكونا على الدوام سابقين بخطوات لا خطوة ،  وقد كان !!

وقصر الرئاسة الذي استطاع شاب عادي " كما فى فيلم المندس " الدخول إليه بكاميرات مراقبة واجهزة تجسس ، كيف كانت تصنع فيه وبه أجهزة المخابرات المحلية والعالمية ، لابد وانها شاهدت الرئيس فى الحمام !!

ومن الذي لم يقبل أو ينتبه أو يتخذ خطوات جدية لكل التحذيرات التي أتت إليه من مخابرات دول صديقة تخبره عن الإنقلاب الوشيك ، المعارضة أم الرئيس والجماعة ؟؟

ومن الذي قال عن الدبابة وقت أن نزلت للشارع لفرض أمر واقع : ( الجيش ينحاز للشرعية ) ، المعارضة أم الرئيس والجماعة فى الصفحة الأولى من جريدتها الرسمية ؟؟

ومن الذي قلص شعبيته ، وهجَّر جماهيره ، بتصريحاته اللولبية وغالب قراراته المفتقرة لأي حكمة ، المعارضة أم الرئيس والجماعة  ؟؟

ومن الذي لعب خصومه على " عناده " المعروف فى الباطل ، فرفض كل باب للحل ليس على مقاس الجماعة أو بشكل أوضح ، ليس على مقاس " الحرس القديم فيها واتباعه " ، والذي كان أخرها  باب " الإنتخابات المبكرة " " الصحيح أصلا " ، و " المعروف تاريخا " ، و" المقبول  سياسيا " ، المعارضة أم الرئيس والجماعة ؟؟

ومن الذي كان " محترفا " في استعداء الحلفاء قبل " الخصوم والمعارضين أصحاب المبادئ  "  كما حدث من قبل فى تلك الحكايات التى رواها " العلامة القرضاوي " والحكيم  الغزالي "  وغيرهما فى مذكرات ، وأثبتتها وقاع حديثة مازالت مستمرة حتى يوم الناس هذا ، أليس الرئيس و" الحرس القديم " في الجماعة ؟؟  

كل هذا وغيره قامت بمثله وأسوء منه وقتها ومستمرة فيه لليوم ، شخصيات وحركات واحزاب تدعي الليبرالية وتتحدث عن حقوق الإنسان والديموقراطية  " زورا " ، عارضت الإخوان " في الحق والباطل "  ، استخدمها النظام ومازال يستخدمها " ككومبارسات " وألعاب مشحونه ، تعارض أوتؤيد النظام ، وفقا لرغبات النظام واوأمره ، وليس وفقا لمبدأ أوأصل أو وفقا لرؤية وتحليل أو تقدير ، يصيب فيه البشر ويخطئون  . تقترب من " المعارضة الحقيقية " أو تبتعبد ، وفقا " للمعلومات " التي يطالبها النظام بجمعها ، أو الخلل المطلوب إحداثه فى صفوف " المعارضة الشريفة " .

فلا أدري متي تعترف الجماعة بـ " الفساد " الذي نخر فيها ، والخطايا التي ارتكبت ، ومتى تعترف " المعارضة الشريفة " بنت الثورة ، بأنها تقود المشهد بسزاجة وحمق لا  نظير لهما.

ولا أدري متى يلتقى " العقلاء " و " أصحاب المشاريع الحقيقية " من الطرفين على " عمل جاد " أو " خارطة عمل مرسومة  " لإنقاذ البلاد مما حل بها ؟؟

ومتي يعرف الطرفان بأن هناك " جماهير عريضة " تتجاوز مطالبها  " أيدلوجية " الفريقان ؟؟

ومتي يعرف الطرفان أن " السياسة " فن " الممكن " لا فن " العناد " ؟؟

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس