شمس محمود - خاص ترك برس

في الطريق الممهد للسلام الدافئ مع الصهاينة قرر بعض صهاينة العرب طرح مواضيع مثل الغفران السياسي كنوع من الترويج لما يطرح اليوم على أهل فلسطين للتنازل وطرح مقاومة المحتل جانبا بل ولومهم وعقابهم إن هم قرروا المضي قدما في تطوير أساليب المقاومة وطرد المحتل من قبل من قالوا لهم يوما نحن تجمعنا أخوة الدين.

والغفران السياسي قد يصلح بين الدول التي قامت بينها حروب ثم عاد كل واحد منهم من حيث أتى طالما لم يكن هناك حق مسلوب من طرف على حساب آخر. وذلك الغفران يتم  وفق شروط وأطر تحدد طبيعة ونوعية هذا الغفران المرجو.

أما أن يكون مع محتل أتى بقوة السلاح ونادى على رفاقه من شتى الدول ليساعدوه فهجروا وقتلوا وحرقوا واغتصبوا من أجل الإحلال والإبدال فسرقوا أرض وتاريخ وأذلوا شعبا وأمة واستمر هذا سنوات حتى ألفه صهاينة العرب ويريدوننا كذلك أن نألفه ونحبه وحدثوا أهل بلادهم وأهل فلسطين الذين استنجدوا بهم حينا من الدهر قبل أن يدرك كثيرا منهم الحقيقة فهتف صهاينة العرب على الضحية أن يكفي صراخا وتعاونوا قليلا مع المحتل؟!!

وفي هذا يُحكى أن فتاة اغتصبها بلطجي وأصحابه في بيتها ثم طردوها من دارها استنجدت بأهلها فلم ينجدها أحد فظلت تنادي في الشارع على أهلها هذا من اغتصبني وسرق داري فهيا خذوا ثأري لترفعوا رؤوسكم عاليا.

فما كان منهم إلا أن نادوا عليها أما يكفيكي كل هذا الصراخ أما تعبتي بعد كل هذه السنوات هيا قومي وانسي الماضي وانظري ماذا يريد منك من اغتصبوك واتفقوا على صيغة معينة تنهوا بها هذا الخصام ونحن نعلم أن ما يريده الرجل منك هو "تفتيح الدماغ"، أما بخصوص الشقة فنحن فاوضناه وأخبرنا ونحن نصدقه أنه فى حاجة ماسة ليفتحها ماخورا للدعارة فهيا يا "أختنا" ولا تتلكئي فالرجل لا يريد منك إلا كل خير فلا تكوني العقبة في طريق الصلح والصلح خير، أليس كذلك؟!!

بهذا المنطق أصبح كبار وصغار الصهاينة العرب يروجون لمشاريعهم القذرة وخيانتهم الواضحة لدينهم وأمتهم التي لم يعودوا جزء منها وحملوا في هذا الشعار الخالد "ودت الزانية لو زنت كل نساء الدنيا".

ولست أدري: ماذا لو أن بريطانيا كانت ما تزال "محتلة" لمصر مثلا هل كنا سنقول لها خذي من دمانا وأرضنا وأعراضنا حتى ترضي ولا بأس بما فعلتوه فى الماضي المستمر  نحن أبناء اليوم وفخر لنا أن نحيا في ظلال العرش الملكي البريطاني الذي تذيقوننا باسمه سوء العذاب صاحب السطوة والنفوذ فالمهم هو السلام السلام والحب الحب ولنتعايش؟!!

ثم انتظروا قليلا ألم تقولوا لنا فى تاريخكم المزور إن "فاروق كان خائنا لوطنه عميلا للمحتل"، فهل ما زلتم مستمسكين بقولكم هذا أم نرسل إلى من يأتينا بوريث عرشه ليعود فيحكمنا  طالما أن السلام الدافئ مع المحتل صار وسامًا وشارة؟!

وهل كنا سنظل نسمع فى الجزائر: من أجلك عشنا ياوطني... نفدي بالروح أراضينا... قد كنا أمس عمالقة... في الحرب نذل اعادينا، أو نسمع: يا فرنسا قد مضى وقت العتاب... وطويناه كما يطوى الكتاب... إن في ثوراتنا فصل الخطاب... وعزمنا العهد أن تحيا الجزائر. لو كان المحتل تزول هذه الصفة عنه بطول المدة؟!!

وهل كنا سنردد الله أكبر فوق كيد المعتدي؟! فهل تراه سيكون وقتها معتديا لو أجرينا معه سلامًا دافئًا وهو ما يزال محتلا أراضينا!!

ويا علماء السلاطين ترى لماذا شرع لنا "جهاد الدفع" طالما أن العيش في ظل المحتل ليس حراما بل جنحا للسلم أم أن الله عندكم يقضي عبثا والسلاطين أسيادكم  قولهم الفصل ليس بالهزل.

ويا من تؤيدون هذا "الخواء الفكري" لماذا يجلس أحدكم أمام الشاشة متسمرا يشاهد نضال المجاهد "عمر المختار" طالما أن المختار أختار الحرب ولم يعبأ بالسلام الدافئ وطالما المحتل يردد أن "المختار" إرهابي متشدد وبالتأكيد المحتل عندكم أصدق.

ولماذا تحتفلون بأعياد التحرير طالما أن عبودية الاحتلال فى منهاجكم جنة عرضها الوطن والأرض؟!! ولماذا تفتخرون "بالقسام" أو "عبد الرحمن عزام" ولماذا كنتم تصرخون خوفا من العملاء الذاهبين إلى الصهاينة ليبيعوا لهم سيناء طالما أن الوطن عنكم قابل للبيع والشراء؟!!

وهل حقا تزول صفة المحتل بطول المدة فلنرجع قليلا للوراء، ألم يكن "الاحتلال العثماني" لمصر - كما تسمونه -  مستمرا فيها قرابة 300 عام، فلماذا لم نسعى معهم للسلام الدافئ أم ترى أن الصهاينة "اليهود" أكرم عندكم وأعز من العثمانيين "المسلمين".

ولماذا تصفون العثمانيين الأتراك بأنهم غزاة محتلون (بعيدا عن تقييم التجربة) رغم أنهم كانوا من نفس ديننا وملتنا وورثة الإمبراطورية الإسلامية السنية، فلو كانوا هؤلاء "أبناء الدين والعقيدة" الذين كانوا في أراضينا غزاة محتلين فبماذا تريدون منا أن نقبل  تسمية الصهاينة بأصحاب الأرض أو الشريك  إذا؟! نعم نسيت إنهم أبناء عم!!

ويا أسفى على الجزائر التي ضحت "بمليون" شهيد رغم أنه كان ممكن لهم بالسلام الدافئ أن يتمتعوا بمميزات العبودية الفرنسية كولايات فرنسية وفرنسا كذلك كانت قد عاشت بين الجزائريين  بجنودها " قاتله سارقه ناهبة" نحو 132 عاما لكنهم لم يفهموا وقتها معنى السلام الدافئ مع المحتل وأصروا أن يكونوا إرهابيين متطرفين يطردون المحتل ويحررون أراضيهم فيا للغباء أليس كذلك؟!!

لكن الله أكرمنا بالمغاوير الذين يخوضون اليوم غمار الحرب الشنيعة ويتحملون الالآم المريعة من أجل توطين الصهاينة بيننا لنعيش في أخوة وود، ولا بأس بالدم أو ما يقوله الدين فهذه نقرة وتلك نقرة على واحدة ونص.

ويبدو أن سبعين عاما غيرت الموازين فجعلت الصهاينة حلفاء وأهل المقاومة إرهابيين يعيقون عجلة "سلام الشجعان" التي ظل "أبو عمار" ينفخ فيها فما ازدادت إلا تهتكا وفلسطين اليوم شرفت برجل السلام الأول الذي لم يبقى له إلا أن يقول: المجد لإسرائيل في الأعالي وعلى الأرض السلام.

نعم المهم أن نحيا في سلام ووئام فلا بأس أن يقتلوا رُضّعا وشيوخا أو يحرقوهم أحياء ولا بأس إن توسعوا "قليلا" ليتمكنوا من العيش على أراضينا التي أخذوها بالقوة، أليسوا بشرا كما نحن بشر رغم أننا نعتب عليهم عتاب المحب طبعا إنهم توسعوا "قليلا" فلم يبقوا لنا إلا - عمارة في محافظة - ورغيفًا من وليمة - وعربة يجرها حمار من بين أسطول ضخم حازوه للسفر والتجارة - ولكن لا بأس فالمهم أن نحصل على السلام الدافئ  فليهدم الصهاينة ديارنا وليأسروا أطفالنا ونساءنا وليقتلوا منا ما شاؤوا، المهم أن يرضوا عنا ويعطونا السلام.

وليخسأ عملاؤنا الذين يحملون على العدو السلاح وليمت بغيظه كل من قرر منا الكفاح، فيا قومنا ألا تفهمون وتعقلون؟ ألم تشاهدوهم يلبسوننا التيجان المطرزة بالقصب فهيا تعالوا واهتفوا معنا: "يحيا الصهاينة"!

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس