الأناضول

بأياد ناعمة يمتزج فيها الفن والمهارة، نجحت نساء تركيات في أن يضعن لهن موطئ قدم في حرفة "النقش على النحاس"، التي عُرفت منذ آلاف السنين وظلت مقرونة بأصابع الرجال دون غيرهم، إلى أن كٌسر هذا "التابوه" في ولاية غازي عنتاب، جنوبي تركيا.

ففي "غازي عنتاب" لم تعد هذه الحرفة، التي تعود إلى العصر النحاسي قبل قرابة 5500 عام قبل الميلاد، مقتصرة على الرجال، بل على العكس، النساء أصبحن يمتهنّ هذه الحرفة القديمة، وأظهرن قابلية لتعلمها في فترة زمنية أقصر من الرجال، كما هو الحال في العديد من المهن مثل التطريز.

وتعتبر حرفة "النقش على النحاس" من أقدم الحرف الإنسانية ويعود تاريخها للعصر النحاسي، وتستمد أصالتها واستمرارها من عراقة مدن حوض المتوسط، التي تحافظ على هذه الحرفة مثل مدينتي دمشق وحلب السوريتين، والقدس الفلسطينية، وغازي عنتاب التركية، ومدن أخرى مختلفة.

ولعبت غرفة "النحاسين والمصدفين" (أهلية) في ولاية غازي عنتاب، دورا كبيرا في تحويل اهتمام النساء إلى هذه الحرفة، وذلك من خلال الدورات التدريبية التي تقيمها لتعليمهن ممارسة هذه المهنة.

وفي هذا الصدد، قال رئيس الغرفة، جلال آتشيك، للأناضول، إنه "مع مرور كل يوم يزداد إقبال النساء أكثر فأكثر على تعلم حرفة النقش على النحاس، قبل 7-8 سنوات لم يكن بوسعك أن تجد سيدة تمارس هذه المهنة، وكنا نعاني من نقص الأيدي الماهرة".

غير أنه استدرك قائلا: "لكن بفضل تعاون غرفة النحاسين والمصدفين مع الجمعيات المهنية، استطعنا افتتاح أول دورة تدريبية لتعليم هذه المهنة عام 2008".

وأوضح "آتشيك" أنَّ الحرف المتعلقة بالنحاسيات تبلغ 7، أهمها وأدقها هي النقش، لذلك "عندما بدأنا بتقييم النساء في هذه الحرفة بالتحديد، ضحك البعض قائلاً لا يمكنهن أن يمارسن هذه المهنة، لكن وجدنا أنهن يتفوقن على الرجال، وأكثر قابلية لتعلمها".

السبب في تفوق السيدات أرجعه "آتشيك" إلى "أنَّ أيدي النساء مناسبة أكثر للنقش، فمن أجل أن نؤهل حرفيًّا من الرجال ينبغي ممارسته للمهنة 3-5 أعوام، أما النساء فخلال 6-7 أشهر يستطعن امتلاك أساسيات هذه الحرفة، كالإمساك بالمطرقة والقلم، ثم يبدأن بتعلمها بشكل سريع".

وأقامت الغرفة مؤخرا دورة تدريبية يشكل النساء 70% من متدربيها، يسعين من خلالها لتعلم الحرفة وكسب 20 ليرة تركية يوميا (7 دولارات أمريكية).

أمينة سيبال، أم لطفلين، قالت للأناضول، إنها اشتركت في تلك الدورة التدريبية بناء على توصية من جارتها، إلا أنَّ زوجها لم يبدِ حماسة في البداية لذلك، لكونها مهنة خاصة بالرجال.

وأضافت سيبال: "أنا سعيدة بمشاركتي، لم أكن أعلم أنَّ هذه الحرفة ممتعة إلى هذه الدرجة، وأنا من خلال هذه الدورة أتعلم المهنة، وأساهم في صنع أشياء لمطبخ منزلي".

وأشارت إلى أنه قبل عدة سنوات، كان الكثير من المهن يقتصر على الرجال دون النساء، أما الآن فيد المرأة تجدها في كل مكان من الحرف والمهن "وهذا مبعث فخر نشعر به في داخلنا".

أما أمينة كوك دينيز (22عاما) فقالت "سمعت بالدورة التدريبية عن طريق الصدفة، وبعد أن انتهيت منها أحببت هذه المهنة، وما زلت أعمل بها، فأنا أتعلم مهنة، وأساهم بالنقود التي أكسبها في شراء مستلزمات الزواج".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!