محمود أوفور - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

تتواصل تداعيات انتخابات الرئاسة الأمريكية بشكل سريع، ورغم تفوق هيلاري كلنتون حسب استطلاعات الرأي، إلا أنّ حظوظ ترامب متساوية تقريبا، وقد يحقق المفاجأة.

من ينظر إلى أمريكا من الداخل، يعلم بأنّ هيلاري كلنتون لن تقدم شيئا مختلفا بالنسبة لأمريكا وللعالم، ولا يُنتظر منها مفاجآت على صعيد السياسة الأمريكية، برغم أنها من الديمقراطيين، الذين من المفترض أنْ يحدثوا تغييرا، لكنها في الواقع تسعى إلى المحافظة على المواقف الأمريكية الراهنة، ولا تحمل شيئا جديدا عدى عن كونها "امرأة" مرشحة للرئاسة الأمريكية.

وفي مقابل ذلك، نرى كيف يتعامل ترامب مع السياسة الداخلية بصورة عرقية، يتحدث فيها عن المهاجرين وعن المكسيكيين والمسلمين ربما بطريقة تصل للعنصرية. لكنه على الصعيد الخارجي، يدّعي بأنه يريد إعادة أمريكا إلى قوتها وهيبتها، مما يثير القلق واهتمام في آن واحد، لدى العديد من الأطراف.

يُراقب العالم الانتخابات الأمريكية بحذر واهتمام، أكثر من المواطنين الأمريكان أنفسهم، لأنهم يعلمون بأنّ أي تغيير طفيف في السياسة الأمريكية قد ينتج عنه آلام ودموع في بقعة أخرى من الأرض، وستنعكس نتائج هذه الانتخابات هناك إما على شكل فوضى أو استقرار. كما أنّ رؤساء أمريكا يمثلون رؤى سياسية مختلفة، وبالتالي تختلف مصالحهم وتختلف تحالفاتهم وتوجهاتهم السياسية.

كما حازت هذه الانتخابات أيضا على الحيّز الأكبر من نقاشات الأتراك في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي تركيا على حد سواء، والجميع يطرح نفس السؤال:

من الأفضل بالنسبة لتركيا، كلنتون أم ترامب؟

تتضح توجهات أطراف النقاش مع مرور الوقت، فالأتراك في الولايات المتحدة الأمريكية يرون كلنتون الخيار الأفضل، بينما يُفضل الأتراك في تركيا فوز ترامب.

لا شك بأنّ هناك تأثير كبير لتنظيم غولن على خيار الأتراك في أمريكا بتفضيل فوز كلنتون، بقدر تأثيرهم على نسبة تأييد العدالة والتنمية مقابل حزب الشعب الجمهوري لدى الأتراك هناك.

ولا تقتصر العلاقة بين كلنتون وجماعة غولن على الدعم المالي، بل إنهم على علاقات عميقة جدا مع كلنتون، بنفس سيطرتهم ونفوذهم في داخل المؤسسات التركية، وهذا يسبب قلقلا حقيقيا ليس للعدالة والتنمية فحسب، وإنما لكل من يُحب تركيا.

لكن في المقابل، تثير تصريحات ترامب حول اردوغان، وتصريحاته حول محاولة انقلاب 15 تموز/ يوليو، تثير فضول الأتراك، وتجعله أكثر قربا. لكن تقييم كلنتون وترامب لا يقتصر على هذا البُعد فقط، بل علينا تقييم نظرتهم للسياسة الخارجية أيضا.

بالنظر إلى كلنتون، مرشحة الديمقراطيين، نرى بأنها تفضل سياسة تأسيس الدويلات الصغيرة، سواء في سوريا أو في مناطق أخرى من العالم، وتدعم هذا التوجه، وتريد السيطرة على المناطق من خلال اختلاق الفوضى، ولن تستطيع الخروج من كونها "ممثلة للمرأة" في السياسة الأمريكية.

أما بالنسبة لترامب، وبرغم تصريحاته العنصرية والاقصائية، على الصعيد الداخلي، إلا أنه ينتقد سياسة الديمقراطيين الخارجية الاستعمارية، وسياسة نشر الفوضى، ويصرّح بأنه سيحترم الدول الموجودة، وأنه سيتبع سياسة خارجية لتحقيق السلام. وهناك من يشّبه ترامب بالرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان.

كما أنّ ترامب يتحدث علانية وبكل وضوح، بأنه لن يتبع سياسة مماثلة لاحتلال العراق وتدمير ليبيا من خلال تقسيم تلك الدول، وأنه يرفض هذه السياسة. وفي المحصلة سنرى فيما اذا كان فعلا ترامب سيستطيع القيام بهذا التغيير الجذري في السياسة الأمريكية أم لا، لكنه على الأقل يُصرّح بذلك ويُسمع العالم وجهة نظره الداعمة لحقوق الدول واستقلالها.

الكثير من السياسيين الأتراك ورجال الأعمال يدعمون ترامب، وليس كلنتون، وأعتقد أنّ هذه أول انتخابات أمريكية في التاريخ تحظى بهذه الأهمية والاهتمام والحساسية بالنسبة لتركيا.

وحسب ما ذكرت، برأيكم من الأفضل لتركيا، كلنتون أم ترامب؟

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس