ترك برس

رأى البرلماني العراقي السابق عمر عبد الستار محمود أن تفعيل التدخل التركي في معركة تحرير الموصل سيمنع إثارة الحساسيات والنزاع الطائفي في بلاده، وذلك في حوار مع قناة الأناضول وصف فيه التدخل التركي في شمالي سوريا بعملية درع الفرات بأنه دليل على "نظافة يد الجراح".

وقال محمود إنه لم يرَ قصفًا تركيًا للمدنيين في عملية درع الفرات التي لا يمكن مقارنتها بقصف قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، مضيفًا: "اختبرنا التحالف (الغزو الأمريكي) في عام 2003، وجربناه الآن في تحرير المدن، هناك نار في العراق ومن يطفئها هو التدخل التركي".

وأشار إلى أن أزمة المدنيين هي أكبر أزمة خلال معركة تحرير الموصل من تنظيم داعش التي انطلقت يوم الاثنين لأنهم "بين سكين تنظيم إرهابي، وقصف جوي غير دقيق من قبل قوات التحالف"، مضيفًا أن "المدنيين هم دروع بشرية يستخدمهم داعش، فيما الأطراف المشاركة في المعركة عديدة".

وتساءل البرلماني العراقي السابق، وهو باحث في الشؤون الدولية: "كيف يتفقون وهناك خلافات بين الحشد الشعبي (غالبيته من الشيعة)، والبشمركة (قوام إقليم شمال العراق)، وبين بغداد وأربيل"، مشيرًا إلى أن "هناك 63 دولة أخرى ضمن التحالف الدولي، فالمدنيون ستتوزع دماؤهم بين القبائل ونخشى تعرضهم لإبادة".

واستغرق موضحا مخاوفه من تعرض المدنيين للقصف والتهجير، أن ما حدث في "الفلوجة (وسط) يعتبر بروفة (اختبار)، إذ كيف صنع الحشد الشعبي بالمدنيين (تجاوزات)، حتى بعد أن فروا للخارج، وخاصة هناك كلام عن وجوده على أطراف الموصل".

كذلك اعتبر أن "هناك هدفا سياسيا لميليشيات إيران بإشعال النار الطائفية، لكي تستمر اللعبة ما بين الميليشيات وداعش، ومن هنا إصرار الجانب التركي على المشاركة".

واستشهد بالموقف التركي الحريص على أرواح المدنيين بقوله إن "خلوصي أكار (رئيس هيئة الأركان التركية) باجتماعه مع نظيره الأمريكي جوزيف دانفورد (الاثنين الماضي في واشنطن)، دعا إلى تجنيب المدنيين أضرار المعركة الدولية".

وحول سؤال عن انعدام نسبة استهداف المدنيين في أي قصف تركي يستهدف "داعش"، أجاب البرلماني العراقي السابق قائلا: "طبعا، وأثيل النجيفي (محافظ نينوى السابق)، تحدث عن مشاركة الحشد الوطني (سني) الذي دربته تركيا من أهالي المحافظة (مركزها الموصل)".

وأضاف أنه "عندما تهاجم بأبناء نينوى لتحريرها من داعش، فهناك صلة بينك وبين الأهالي، وبالتالي يطمئنون لك، ويمكن أن تستهدف داعش".

كما اعتبر أن السكان المحليين في مدينة الموصل بحاجة لمن يثقون به، وذلك بقوله "أهل نينوى والأنبار طردوا تنظيم القاعدة من العراق في ٢٠٠٧، مستعدون لطرد داعش، إذا كان الذي سيساعدهم وثيق الصلة".

وكشف أن هذه الأطراف هي "تركيا، والحشد الوطني، وحتى البيشمركة، هذه الأطراف الثلاثة أكثر قدرة للتعامل مع حساسيات أهل نينوى، وتصر تركيا على الدخول لمنع إثارة الحساسيات والنزاع الطائفي".

وعن الموقف التركي من الأزمات ومواجهة "داعش" وتجنبه قصف المدنيين، بين محمود أن "عملية درع الفرات في سوريا مثل متجسد، وهو دليل على نظافة اليد والجراح التركي (في إشارة إلى دقة إصابة الهدف وعدم وقوع ضحايا مدنيين)، برعايته للجيش الحر، في تخليص المدنيين من داعش".

وتابع: "وأرغب برؤية درع دجلة في محافظة نينوى (مركزها مدينة الموصل)، لأن دجلة والفرات وجهان لعملة واحدة، وعشائر الموصل رحبت قبل أيام بالدور التركي في الموصل".

ودعمًا لقوات "الجيش السوري الحر"، أطلقت وحدات من القوات الخاصة في الجيش التركي، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي، فجر 24 أغسطس/آب الماضي، حملة عسكرية في مدينة جرابلس (شمال سوريا)، تحت اسم "درع الفرات"، تهدف إلى تطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، وخاصة تنظيم "داعش" الذي يستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء.

كذلك لفت البرلماني العراقي السابق إلى أن العراقيين "جربوا التدخل الأمريكي والإيراني، وعانوا من الألم الذي وصل للعظم، ونترقب كيف ستجبر تركيا عظم العراق المكسور، وتضمد جرحه الغائر".

وشرح ذلك موضحا "هناك إغاثة نازحين، وإعادتهم، وكف يد الميليشيات وإيران، في توازن يعيد الاستقرار للعراق، وإعادة إعمار المحافظات، ورعاية ناس بلا راعي، العراقيون بلا دولة ولا وطن ولا اتفاق على الوطنية منذ ٢٠٠٣ ".

وأردف قائلا: "نحن (العراقيون) نريد أن يعود الوطن موحدا، نريد تركيا أن تعيد للعراق عينيه وأذنيه وعقله لأنه حاليا بدونها، وهذا دور تاريخي لن يكتبه البشر وحسب، حتى الملائكة ستكتبه".

وعن تداعيات معركة الموصل التي بدأت الاثنين الماضي، قال محمود: "إننا أمام عشر سنوات قادمة تختلف عن العشر السابقة، هناك عدم استقرار في العراق خدم إيران، وأضر بتركيا والسعودية، نأمل أن يكون التدخل التركي عامل إعادة الاستقرار للعراق".

ولفت إلى أن "أمريكا ربما غير متضررة، ولكن تركيا متضررة بفعل التنظيمات الإرهابية (بي كا كا وداعش)، فماذا تفعل؟ هل تطلب إذنا من (رئيس الوزراء العراقي حيدر) العبادي حماية أمنها الإقليمي، وهو غير قادر على حماية نفسه".

وشهدت العلاقات بين تركيا والعراق، توتراً دبلوماسياً خلال الفترة الأخيرة، على خلفية مطالبة مجلس النواب العراقي حكومة بلاده، في 4 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، في قرار وجه فيه اتهامات ضد تركيا، برفض تمديد البرلمان (التركي) تفويضه لحكومة أنقرة حول إرسال قوات مسلحة خارج البلاد.

ورفضت أنقرة قرار مجلس النواب العراقي، وأوضحت أن وجود قواتها في الموصل جاء بناء على طلب الحكومة المركزية نفسها، كما أكّد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أنَّ بلاده ستحافظ على وجودها في بعشيقة بالعراق، لسببين، أولا من أجل محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وثانيا من أجل منع فرض أي تغيير ديمغرافي بالقوة على المنطقة.

النائب العراقي السابق حدد "أربع أهداف لتركيا وهي منع تقسيم العراق، وطرد (بي كا كا)، وإنهاء وضع الميليشيات، وحماية التركمان، ويضرها إنشاء دول متطرفة دينية في بغداد، أو دولة قومية في شمال العراق".

ووصف هذه الأهداف بأنها "أهداف عراقية أيضا، الشيعة والسنة والكرد والتركمان لا يريدون تقسيم العراق، ونشوء دولة متطرفة أو قومية، ولا يريدون ميليشيات، بل دولة ترعاهم".

كذلك أشار إلى أن تداعيات المعركة تجعله يتوقع "موجة نزوح لمليون ونصف المليون تستخدمهم داعش دروعا بشرية، سيذهبون إما لكردستان (إقليم شمال العراق) أو تركيا، والعرب السنة هكذا سيذهبون لتركيا".

وانطلقت، فجر الإثنين الماضي، معركة استعادة مدينة الموصل، شمالي العراق، من تنظيم "داعش" الإرهابي، بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، سواء من الجيش، أو الشرطة، أو قوات الحشد الشعبي (غالبيتها من الشيعة)، أو قوات الحشد الوطني (سنية).

وتتوزع الأدوار بدقة بين القوات المشاركة؛ فبينما تقود القوات التابعة لحكومة بغداد الهجوم بغية تحرير مدينة الموصل من مسلحي "داعش"، يتركز دور قوات "البيشمركة"، وعددها 4 آلاف مقاتل، على تطويق محيط الموصل لحماية ممرات المدينة، ومنع هروب مسلحي التنظيم الإرهابي منها؛ حيث تشير التقديرات إلى أن عددهم يبلغ نحو 6 آلاف مسلح.

من جانبه، قام طيران التحالف الدولي بشن ضربات جوية تمهيدية على مواقع "داعش" في الموصل، خلال الأيام التي سبقت المعركة ويتوقع أن ينحصر دوره على هذا خلال المعركة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!