د. عمر عبد الستار محمود - خاص ترك برس

غابت السعودية وتركيا عن العراق بعد عام 2003، في حين حضرت إيران وأمريكا، وأصبح العراق أسير فوضى تفكيك دولته التي خدمت أجندة الطرفين تخادما وتصادما.

وكانت السعودية وتركيا من أكبر المتضررين من فوضى بلاد الرافدين، وكان غيابهما خطيرا بما فيه الكفاية، حتى أدى في حزيران 2014 إلى سقوط الموصل وفي أيلول 2014 إلى سقوط صنعاء.

ويومها شعرت السعودية وتركيا ولأول مرة أنهما مستهدفتان، فقررتا التقارب، مستهدفتان ليس فقط من أجل تقاربهما بعد غفلة، بل خشية أن يكون لهما أو لأي منهما دور في العراق والمنطقة فضلا عن أنهما مستهدفتان في وجودهما أيضا.

وحين توجهت تركيا نحو بعشيقة  نهاية 2014 وتوجهت السعودية نحو اليمن في آذار 2015، وحين طلب السيد رجب طيب أردوغان  من إيران أن تسحب كل ما لديها من العراق وسوريا والمنطقة،  ضرب تركيا زلزال انقلاب 15تموز 2016، ولو نجح الانقلاب لكانت تركيا اليوم في خبر كان ولكانت السعودية في خبر إيران، ولكن الله سلم، فدفع الطرفين إلى التقارب أكثر فأكثر، وربّ ضارة نافعة.

تقارب الطرفان وهما  في طريقهما إلى تشكيل كلتة تاريخية غابت عن المنطقة منذ عهد السلاجقة الذي جمع العرب والترك والكورد في صعيد واحد وأنهى الدولة البويهية. وارتبطت مكة والمدينة بإسطنبول من جديد وما ارتبطا  يوما إلا ونزل النصر.

وهذا خبر القصواء وحديث البشارة  النبوية  والتاريخ والجيوسياسا، وماخبر 400 عام عنا ببعيد،.بل لم يجد المسلمون بعد  المدينة المنورة من مدينة في العالم  مثل إسطنبول.

وليس بعد إنذار تموز 2016 من إنذار،  فقد أُعذر من أنذر، وإن أول اختبار للتقارب التركي السعودي سيكون في الموصل وصنعاء و حلب، وعلى تركيا والسعودية أن ينجحا في اختبار الموصل لسبب واحد ألا هو: أن الفشل في الموصل يعني أن انقلاب تموز 2016 لم يفشل بعد، وأن زلزال سقوط الموصل وصنعاء سيضرب المدينة وإسطنبول ومكة من جديد،وصواريخ إيران تطلق اليوم على مكة لتعيد تاريخ أبرهة من جديد.

والفشل في الموصل هو في خروجها من يد داعش، ودخولها تحت قبضة أختها المليشيات الايرانية، وداعش والمليشات توأمان إرهابيان لفوضى ولاية الفقيه.

وعليه فإن معركة الموصل معركة تاريخية بثقل التقارب التاريخي لتركيا والسعودية، معركة ستقرر ليس فقط مصير الموصل, بل مصير العراق والمنطقة أيضا.

فالموصل أولا، وتركيا والسعودية أهل لجبر عظم الموصل المكسور وقيادة سفينتها الى بر النجاة، وليس بعد فتح إسطنبول  تموز 2016 إلا فتح الموصل وحلب وصنعاء.

فانسجوا على منوال القصواء وأبو ايوب ومحمد الفاتح الذي ربط بين المدينة المنورة وإسطنبول، والله معكم ولن يترك أعمالكم.انسجوا ليعود بكم  الهلال الجديب خصيبا.

انسجوا على منوال مندريس وأوزال الذي كان اشترك في تحرير الكويت وأنتم اليوم على أبواب الموصل، والعراق ما بعد الموصل يكاد يشبه عراق مابعد الكويت.

إن العراق الذي يرتبط رافداه بتركيا وشطه بالخليج العربي كيف يكون نهبا لشذاذ الافاق؟ إن العراق سُرَّة المنطقة وقد احتلّت في 2003،  ولا استقرار للمنطقة إلا بشد سُرَّته.

انسجوا وأسقطوا الانقلاب في العراق وسوريا والمنطقة كما سقط في أنقرة وإسطنبول, فإن نسجتم فأنتم أنتم وإلا فمن أنتم.

انسجوا واسمعوا موال العراق بلسان حاله يقول لكم

 شفت الزمن، فـ غيابكم كيف مر

 قلت انتظر لو ماعطيتوني وعد

غبتوا شهر غبتوا سنه غبتوا عمر

مكانكم في القلب مايملاه احد

عن الكاتب

د. عمر عبد الستار محمود

باحث في مؤسسة نصر للدراسات


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس