يشار حجي صالح أوغلو – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

كانت الدية التي تدفعها القوى الجديدة للصعود في النظام الدولي مؤلمة. قبل كل شيء, تبدأ القوى الأخرى التي تهيمن على النظام الموجود حسب مصالحها بإظهار ردود أفعالها المتعصبة، واستخدام بعض طاقاتها لإيقاف صعود هذه القوى الجديدة. يؤدي هذا الوضع في بعض الأحيان إلى التوتر وأجواء الصراع. حيث تؤدي أجواء الصراع إلى تنمية الضراوة لدرجة تصل إلى انتهاك القانون واستعمال الطرق غير الرسمية بكل أشكالها.

عند دخول القوى المتعصبة في هذا الصراع, تُستخدم كل أدوات الاقتصاد, وتقنيات السياسة جميعها, فضلاً عن كافة طرق التواصل الاستراتيجية أيضاً.

تبدأ طبيعة الصراع بتأدية دورها, وتُجرّب جميع الحركات الاستراتيجية. يتم التدقيق على التوازن الداخلي والخارجي للقوى المستهدفة, ثم يبدأ بذل الجهد لدهورة توازن هذه القوى.

بعد دخول القوى الجديدة في مرحلة الصعود, تبدأ القوى المتعصبة باكتشاف مركز ثقل هذه القوى, ثم تبدأ محاولة تفتيت وإضعاف هذا المركز. بعدها تبدأ باستخدام أساليب التصوير, حيث تقوم بتهميش كل خطوة تخطيها القوى الجديدة للصعود من خلال  تصوير الموجود على أنه غير موجود, وبالعكس. لذلك, تبدأ قوى النظام العالمي المتعصبة بمحاولة إنشاء قنوات تواصل سرية وعميقة مع المعارضة السياسية الداخلية. بعدها تبدأ بمحاولة إفشال الأهداف الاستراتيجية للقوى الجديدة نحو المستقبل من خلال تحويل هذه الأهداف إلى أحد المواضيع العقيمة التي يتم تداولها في السياسة الداخلية. كما تُستخدَم أساليب الدعاية السوداء لتشكيل ستار ضبابي بين أعين الشعب والحقائق عن طريق استخدام طرق الفبركة والاحتيال.

قادة القوى الصاعدة في أولوية الأهداف، لأن نمو القوى الصاعدة عموما يتم بقيادة قوية, حيث تبدأ محاولة إلحاق الضرر بعلاقات القائد والشعب. تُستخدم كل الطرق والوسائل لهذا الغرض. كما تؤدي وسائل الإعلام دورا مهما في ذلك. تلجأ القوى المتعصبة لطرق غير ديمقراطية في حال عدم تمكنها من قطع طريق القائد في الانتخابات الرسمية. ويعدّ الانقلاب أولى هذه الطرق. وقد أثبت التاريخ السياسي هذا الأمر. الانقلابات بشكل عام تتم من خلال التعاون بين اللاعبين الخارجيين ومعاونيهم من الداخل, ولكل محاولة انقلاب سياسة اقتصادية متبعة. وترتبط سياسة الاقتصاد هذه بالأشخاص المخفية أسماؤهم في جدول أعمال الصراع الدولي للقوى.

النسيج الاجتماعي للقوى الصاعدة هو ضمن الأهداف أيضاً. في البداية, يتم التركيز على الفوارق الاجتماعية وتنمية التمييز والانقسامات عبر الهويات. بعدها يبدأ بذل الجهد ضمن محاولة الإقناع بعدم قبول الفارق المادي على أنه فارق فعلي, وتجريد القوى الصاعدة من أساس اجتماعي تستند إليه. يتم تحويل الخلافات إلى عناصر متناولة ضمن أجواء الصراع. يتم الشروع في عملية تصوير شامل من خلال زرع عقيدة وجود تقطبات حادة في أذهان الشعب ووصول العداوة بينهم لدرجة تمنعهم من التوحد, بشكل بعيد عن الحقيقة تماماً. يبدأ الإعلام المرتبط بهذه القوى المتعصبة بتأدية دوره المهم بمحاولة تطبيق منهج " ليس المهم ما هو صحيح, إنما المهم ما يُحاوَل إقناع الشعب به".

تقوم القوى المتعصبة والمتحكمة بهيكل النظام الدولي الموجود أساساً, باتهام القوى الصاعدة بالابتعاد عن الديمقراطية, واتهام قائدها بالاستبداد والدكتاتورية. وبالتالي, فهي تهدف إلى إنتاج مناخ استراتيجي وسياسي يسمح لها بخلق ضغط دولي على القوى الصاعدة.

بالرغم من جهود ورغبات وطموحات هذه الدول المتعصبة, قد لا تجري الأمور في مسراها المستهدف أحياناً. قد لا ينخدع الشعب بمحاولات الخداع و التمويه دائما. وقد تفشل جميع خطط الفبركة والاحتيال أيضاً.

مثلما حاولوا تحقيقه في تركيا, مثلما عاشته تركيا ليلة 15 يوليو/ تموز, مثل ما فشلوا في ذلك. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس