سيلين ناسي - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

تتنافس المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية. وقد مثل الخطاب الذي وجهه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، جيمس كومي، إلى الكونغرس الأسبوع الماضي حول إعادة فتح التحقيق بشأن البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون، مفاجأة شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وساعد ترامب على تقليل الفجوة، وحتى التقدم على كلينتون في بعض الاستطلاعات.

وفي ضوء صعود قطب الأعمال الذي لا يقهر  في عالم السياسة، صار الآن احتمال فوز ترامب في الانتخابات كبيرا، وعلى ذلك كيف سيبدو العالم إذا تقلد ترامب منصب الرئيس في كانون الثاني/ يناير المقبل؟

على الرغم من تصريحات ترامب التي دمرت حملته بشأن المكسيكيين والمسلمين والنساء، فقد بنى حملته على شعار "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، وكانت حجته الرئيسة أن أمريكا فقدت قوتها السياسية والاقتصادية على مدى سنوات، وأن كل شيء سار بشكل خاطئ، وأنه هو الوحيد القادر على إعادة أمريكا إلى مكانتها.

وبتركيزه تركيزا أساسيا على القضايا المحلية، لا سيما الإصلاح الاقتصادي، ومزاعمه حول تزوير النظام السياسي بأكمله، ضرب ترامب على وتر حساس لدى الأغلبية البيضاء، والرجال، ومن لم يحصلوا على تعليم جامعي، والمتدينين الذين شعروا بأنهم حرموا من امتيازاتهم السابقة في خضم القوى المدمرة للرأسمالية العالمية.

يزعم ترامب أنه سيكون قادرا على التفاوض على صفقات تجارية أفضل تخلق فرص العمل للأمريكيين، ورفع الأجور، وخفض العجز التجاري، وذلك على الرغم من أفكاره مثل وضع قيود لحماية الشركات المحلية، وهو ما يتناقض بشدة مع القيم الليبرالية التي قامت عليها الولايات المتحدة.

ينقض ترامب على نحو جوهري تراث أوباما، فهو يتعهد بإلغاء نظام الرعاية الصحية (أوباما كير) وإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، والانسحاب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي، كما يطالب بإعادة النظر في اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا".

إن إدراج آراء ترامب المتناقضة في السياسة الخارجية  في تصنيف واحد متقن هو مهمة صعبة، لكن يمكن القول إن مواقفه تعزل الولايات المتحدة إلى حد كبير في السياسة العالمية.

واستنادا إلى سياسة "أمريكا أولا، يدعو ترامب إلى تقليل مشاركة أمريكا في الخارج، على أن توجه ردودا قاسية ومن جانب واحد إذا اقتضت الضرورة، وقال "لن ندخل في صراع ما لم يجعلنا أمة أكثر أمنا".

يعترض ترامب على لعب الولايات المتحدة دور شرطي العالم، ويطرح موقفا حازما تجاه المؤسسات والتحالفات الدولية، مثل حلف شمال الأطلسي، حتى أنه يعرض الدعم العسكري الأمريكي لأعضاء الحلف بشرط أن توفي هذه الدول بالتزاماتها المالية للحلف.

وفيما يتعلق بمنع انتشار الأسلحة النووية يبدو ترامب مرتاحا لبناء اليابان وكوريا الجنوبية ترسانتهما النووية بدلا من الاعتماد على الولايات المتحدة لحمايتهما من كوريا الشمالية والصين. وبالنسبة لوقف توسع الصين في المحيط الهادي يعتقد ترامب أن أفضل طريقة هي تهديد قدرتها على الوصول إلى الأسواق الأمريكية.

لكن في تناقض صارخ مع هذا النهج الانعزالي يقترح ترامب أيضا اتخاذ إجراءات صارمة ضد الإرهاب، ومن بين عباراته الشهيرة "توجيه ضربة قاضية لداعش" ويدعي وجود خطة سرية لكنه يرفض الكشف عنها لكيلا يقضي على مفاجأة العمليات المستقبلية. وسواء كانت لديه خطة أم لا فإن الأمر محل شك.

على أن ترامب بأخلاقه السيئة ومزاجه المتقلب، وعدم خبرته السياسية، وافتقاره إلى المعرفة بالشؤون الخارجية، ليس بالتأكيد الزعيم المثالي للجلوس في المكتب البيضاوي في وقت يمر فيه العالم بمثل هذه الأوقات العصيبة.

وعلى الرغم من ذلك كله فإن لدى ترامب القدرة على الوصول إلى علاقات جيدة مع  الحكومة التركية بناء على وجهات نظره في عدد من القضايا الشائكة التي كانت مثار تعكير صفو العلاقات بين الولايات وتركيا لبعض الوقت. من ذلك القضية الكردية على سبيل المثال. فعل حين لا يخجل ترامب من التعبير عن تقديره للقوات الكردية، فإنه يؤكد أيضا على أهمية  وجود علاقات جيدة مع تركيا، وعلى هذا النحو يبدو متفائلا للقيام بدور الوسيط بين الأكراد وتركيا وإقناعهم بالعمل معا ضد داعش.

وعلى غرار هيلاري كلينتون، يفضل ترامب إنشاء مناطق آمنة في سوريا لحل أزمة اللاجئين. يقول ترامب مشككا في موقف الولايات المتحدة بالحكم على الديمقراطية في تركيا "بأي حق تنتقد الولايات المتحدة أوضاع حقوق الإنسان في أي مكان آخر؟".

وبتقديمه لأولوية المصالح على القيم يعتمد ترامب على مهاراته في الحديث المباشر مع قادة العالم، وتوقيع أفضل الصفقات مثل رجل الأعمال تماما.

بالنسبة إلى البعض يشكل ترامب تهديدا للقيم الأمريكية، وبالنسبة إلى آخرين هو شخص صريح وعملي، لكن الشيء الوحيد المؤكد أنه يريد إدارة بلاده بأسلوب الرئيس التنفيذي.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مواضيع أخرى للكاتب

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس