فادي حاكورة - مجلة نيوزويك - ترجمة وتحرير ترك برس

استقبلت تركيا ببهجة حذرة الانتصار غير المتوقع للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ورحب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، بانتخاب ترامب واصفا إياه "بالحقبة الجديدة" في العلاقات الثنائية. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا الشعور الإيجابي سيستمر فور تولي ترامب مهام منصبه رسميا.

ستدعم أنقرة نهج ترامب اللين تجاه التطورات السياسية الداخلية في تركيا بعد محاولة الانقلاب، كما أن الاستعداد الواضح الذي عبر عنه المستشار العسكري لترامب، الجنرال المتقاعد مايكل فلين، لتسليم رجل الدين المقيم في ولاية بنسلفانيا فتح الله غولن الذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب العسكري الساقط، لقي ترحيبا من الحكومة التركية.

على أن مضمون تصريح الجنرال فلين يشير إلى تحديات مستقبلية محتملة. برر فلين تسليم المجرمين بأن "الإسلام الراديكالي يستمد أيديوليجيته من رجال الدين المتطرفين مثل فتح الله غولن الذي يدير منظمة للاحتيال، وليس بسبب مشاركته في محاولة الانقلاب". وهذا يشير إلى أن إدارة ترامب قد تصور تركيا على أنها منارة للإسلام الراديكالي إن نشبت خلافات بين البلدين حول سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

توفر منطقة الشرق الأوسط مجالا واسعا للخلافات، فقد تنصل ترامب من إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، أو التدخل العسكري في الشرق الأوسط لدحر تنظيم الدولة "داعش" ، كما وعد أيضا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والتراجع عن الاتفاق النووي مع إيران.

وحتى لو تخلى الرئيس ترامب عن بعض هذه المواقف، فإنها تشير إلى طريق صعب بين البلدين. من المحتمل أن يتخذ ترامب موقفا قويا من طهران، وموقفا وديا من العرب المعادين لجماعة الإخوان المسلمين، الحليف المقرب لتركيا، وموقفا قويا من الجماعات الإسلامية الأخرى.

ترامب حريص أيضا على استعادة العلاقات الودية مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وتنسيق العمل العسكري في سوريا. وعلى الرغم من المصالحة الأخيرة بين روسيا وتركيا، فلا تزال بينهما خلافات جوهرية حول مدة بقاء الأسد في السلطة، ووجود المقاتلين الإسلاميين في شمال سوريا، ورغبة تركيا في إقامة منطقة أمنية على طول الحدود التركية السورية.

خلق قتال داعش جبهة موحدة بين الدول مع وجود أهداف متعارضة لها في سوريا والعراق، فما إن تهزم داعش ستظهر هذه الانقسامات بسرعة على السطح. ومن المرجح أن يؤدي توثيق ترامب للعلاقة مع بوتين إلى إحباط  طموحات تركيا في لعب دور رئيس في التطورات الإقليمية في المستقبل، وهذا يفترض بالطبع أن واشنطن لن تكرر إخفاق سياسة أوباما في إعادة ترتيب  السياسة مع موسكو.

ثمة مصدر آخر للخلاف قد يكون التعارض بين شخصية ترامب وأردوغان، فكلاهما قوي الإرادة، وعاطفي، وخطيب مؤثر وقائد شعبي، وهو ما قد يعقد الحوار بينهما، في حين كانت عزلة أوباما التي كانت محل سخرية خصومه السياسيين حلا سيكولوجيا بارعا في مواجهة حساسية أردوغان وبراعته الكلامية.

بالتعامل بفتور مع تصريحات أردوغان القوية تجنب أوباما مواجهات وسوء فهم لا ضرورة لهما. وفي المقابل ينظر إلى ميل ترامب إلى الرد بتهور وبصخب يصل إلى درجة الازدراء والإهانية على أنه وصفة لخوض مواجهات دبلوماسية مع نظيره أردوغان أو على حد تعبير المقولة الإنجليزية المعروفة التي يمكن أن نعيد صياغتها إلى "التشابه يؤدي إلى قلة الاحترام".

وفي أغلب الاحتمالات فإن حالة العلاقات التركية الأمريكية تحت رئاسة ترامب قد تتبع مسارا مطابقا لما خطه أوباما، وقد يتحول التفاؤل المبدئي إلى حدة وتعاون متوتر. 

عن الكاتب

فادي حاكورة

فادي حاكورة باحث في برنامج أوروبا في المعهد الملكي للشؤون الدولية تشاتام هاوس في لندن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس