علي نور كوتلو  - صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

 

أصبحنا اليوم نستمع إلى آراء المحليين حول أحداث كوباني صباحا ومساء، فنستيقظ في الصباح ونطالع الصحف، ونقرأ آخر التطورات والتعليقات حول الأحداث هناك، ونشعر أننا بحاجة إلى تفسير أكثر لبعض النقاط، وبعضهم يحلل الأوضاع هناك بصورة عميقة للغاية، لدرجة أنه يبدأ يربط الأحداث بالعصر الروماني والعاشوري.

حُب الغرب لعين العرب "كوباني"، سواء من الولايات المتحدة الأمريكية، أو من انجلترا وفرنسا وألمانيا، أدّى إلى تكوّن أكبر تحالف دولي بعد الحرب العالمية الثانية، لدرجة أننا نشعر أنّ هذا أمريكا وحلفاؤها سيمارسون كل الأعمال النازية في حال سقوط كوباني، كيف لا وقد استخرجت الأمم المتحدة قرارات متعلقة بكوباني في طرفة عين وضحاها، وفجأة أقلعت الطائرات وبدأت بقصف كل أماكن تواجد "داعش" في محيط عين العرب "كوباني"، بمعنى أنه قبل معرفتنا حتى باسم "كوباني"، وقبل مناقشة الموضوع في البيت الأبيض، كانت الطائرات قد شنت هجماتها على تلك المنطقة.

وكما تعلمون، فإنّ عين العرب "كوباني" لا يوجد فيها أي مدني، فكل من يقطن هناك هم من قوت حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، ومن عساكر تنظيم "الدولة الإسلامية"، وإلا لقلت أنّ منبع هذا الاهتمام هو حرص أمريكا (!) على المدنيين، لكن هذا الاحتمال مدحوض أيضا.

وهنا نلاحظ باستغراب، صمت كل من روسيا والصين وإيران حول دخول "الرأسمالية والشيطان الأكبر" إلى دخول التحالف إلى ما يعتبرونه حديقتهم الخلفية سوريا، بل إنهم دعموا هذا الأمر. وفي نهاية المطاف خرجوا علينا بتصريح مفاده أنّ نظام بشار الأسد قد ألقى أسلحة من الجو على جنود حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وبهذا يكونوا قد وضعوا الجزء المفقود من اللغز.

أعتقد أنّ برزاني هو الشخص الأكثر وضوحا، فهو كان في صدام مستمر مع حزب العمال الكردستاني (PKK) منذ سنوات، والأخير ردّ الجميل بوصف برزاني ومجموعته بأنهم "متخلفون ورجعيون"، لكن برزاني اليوم سيقدم المساعدات لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني (PKK).

لا أصدّق أن برزاني سيرسل دعما عسكريا لحزب الاتحاد الديمقراطي الذين سبق أن وصفوه "بالرجعي"، لكن مع هذا الأمور واضحة، واعتقد لا داعي لشرح الانعكاسات السياسية للأحداث في كوباني.

الأحزاب الكردية ممثلة بحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي وحزب الشعوب الديمقراطي، قد أظهروا حجم غضبهم وقتلوا 40 شخصا في الأحداث الأخيرة، وأرسلوا لنا رسالة مفادها أن الدولة التركية ستتحول إلى ساحة حرب إذا ما سقطت كوباني.

وقام العديد من الشخصيات بدعم الأحداث الجنونية التي قاموا بها، بما في ذلك  بعض الصحفيين، والشيوعيين، واليبراليين، وأصحاب السينما، والكتاب والمثليين وغيرهم.

حتى رئيس حزب الشعب الجمهوري لم يصف حزب الاتحاد الديمقراطي بأنه إرهابي، بل قال إنه منظمة مدنية، وأكثر ما يثير الضحك هو بعض التعريفات التي سمعناها بخصوص "مناطق الكنتونات" من المعلقين على قنوات التلفاز.

لا شك أنني دخلت في معمعة الحديث عن كوباني، واستطيع أن أشرح لكم القضية منذ عهد الحيثيين، ولدي تحليل لمسألة كوباني يعتمد على النظريات الاقتصادية والكيميائية، لأنّ هذه القضية أصبحت قضية حياة أو موت، قضية مهمة جدا لدرجة أنّ كل العالم يتحدث فيها، ولربما صدرت كتب تتحدث عنها، وتستطيعون مشاهد فيلم عين العرب "كوباني" في مهرجان الأفلام في أنطاليا العام المقبل، وستستمعون في الأيام القادمة لبعض النظريات الجديدة حول كوباني، وبعض آراء للمختصين النفسيين والمهندسين وعلماء الفلك، ولا تستغربوا أن تصبح مسألة كوباني أكثر لغزا وتعقيدا من مثلث برمودا.

عن الكاتب

علي نور كوتلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس