ترك برس

قال مركز ستراتفور الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والأمنية إن إيران تخوض معركة وجودية بالنسبة لها في سوريا، وستبقى متورطة في القتال حتى يتم ضمان الأمن السياسي للأسد، وستعمل بالتعاون مع القوات الموالية للنظام على إفساد أي محاولة تركية روسية لوقف إطلاق النار قد تترك الأسد عرضة للخطر.

واستعرض تقرير صدر عن المركز، وترجمته ترك برس، مواقف كل من روسيا وتركيا وإيران من حل الأزمة السورية، بعد الاجتماع الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي في موسكو لبحث التوصل إلى وقف لإطلاق النار في سوريا.

وقال التقرير إنه على الرغم من التوتر السائد بين الأطراف الثالثة، حيث يرغب كل طرف في اتخاذ أفضل مسار يناسب أهدافه، فإن موسكو وطهران وأنقرة تدرك أن أحدا لا يمكنه تحقيق النجاح بمفرده، نظرا لحجم تدخل الآخرين في سوريا.

وأضاف أن لجوء موسكو وأنقرة إلى الدبلوماسية في اعقاب اغتيال السفير الروسي، أندري كارلوف، كان مهما، لحماية تقاربهما الغض وفوائده الاقتصادية.

وفيما يتعلق بموقف طهران أشار التقرير إلى أنها ستبقى الحليف العسكري الأكثر موثوقية بالنسبة لنظام الأسد، وستلتزم بتحقيق الجيش السوري للانتصار مما سيدعم صلاتها القوية بدمشق التي سترد في المقابل بمساعدة طهران في الحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط.

وأضاف التقرير أن إيران  تنظر إلى أي محاولة روسية تركية للتوصل إلى وقف إطلاق النار بعين الحذر، على الرغم من أنها كانت طرفا في البيان الثلاثي المشترك الذي عبر عن الحاجة إلى وقف لإطلاق النار، بسبب تجاهلها في الاتفاق الودي الروسي التركي.

ونوه إلى أن الولايات المتحدة أيضا تم تجاهلها في اجتماعات موسكو، ولم توجه لها الدعوة أيضا إلى اجتماعات كازخستان الأسبوع المقبل، وهذا التجاهل يساعد في خدمة أهداف روسيا من تصوير نفسها وسيطا للسلام في سوريا.

وقال التقرير إن روسيا تبحث عن تسوية سياسية للأزمة السورية تمكنها من تقليص دورها في الصراع دون أن تغرق في مزيد من وحل الحرب المكلفة ضد الثوار والدولة الإسلامية، لاسيما أن سقوط تدمر في يد داعش يعد تذكيرا لموسكو بحجم العمل الكبير المتبقي في سوريا قبل أن تصير البلاد آمنة.

وبحسب التقرير فإن فرصة تقليص التدخل العسكري الروسي تبدو واعدة الآن أكثر من أي وقت مضى نظرا لقرب سقوط حلب، والقوة التي سيمنحها هذا الانتصار للموالين لها.

وفي المقابل فإن تركيا لا تحرص على تسوية سياسية تدعم سلطة الأسد في دمشق، بل تسعى إلى إيقاف تقلص المناطق التي يسيطر عليها الثوار، كما تحاول تعزيز مكانتها في شمال محافظة حلب حيث تستطيع منع التوسع الكردي.

ومن وجهة النظر التركية فإن فوضى المعركة المستمرة  تعمل ضد أهدافها في شمال سوريا، فهي تحتاج إلى الاستقرار حتى تتمكن من مواصلة هدفها المتمثل في توسيع دائرة  نفوذها في مجال السيطرة العثمانية السابقة، وتقليص انتشار القوات الكردية.

وتابع التقرير أن تركيا وروسيا متفقتان على الأقل في رغبتهما في وقف شامل لإطلاق النار، على الرغم من أنهما تسعيان إلى نتائج مختلفة. فروسيا تعلم أن تركيا وغيرها من القوى التي تملك نفوذا على الثوار هي المفتاح لنجاح أي حل سياسي للنزاع حتى لو كان حلا محدودا.

وخلص التقرير إلى أن التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يقع خاج نطاق الاجتماعات الحالية لثلاثية، وأن تركيا لن يكون أمامها طريق آخر سوى السعي إلى توثيق العلاقات مع روسيا والدخول معها في مفاوضات تكتيكية طويلة تساعد على حماية الأهداف التركية المباشرة.

اجتمع في موسكو اليوم وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا لبحث المسألة الشائكة المتمثلة في كيفية التوصل إلى وضع حد للحرب الأهلية في سوريا، حيث الصراع الذي تشارك فيه كل دولة من الدول الثلاث بحصة لا بأس بها. خيم على الاجتماع شبح ما حدث في أنقرة يوم الاثنين الماضي حيث قتل ضابط شركي تركي السفير الروسي إلى تركيا. ونظرا للهزيمة شبه الكاملة التي تعرض لها الثوار السوريون المحاصرون في المدينة المهمة حلب،وهو ما يعد نقطة تحول للأعمال العدائية، فإن حادثة اغتيال السفير لم تحد بموضوع الاجتماع عن التأكيد على الرغبة القوية لأبرز الداعمين للحرب على إيجاد وسيلة لحل الصراع. وعلى الرغم من التوتر بين الأطراف، حيث يرغب كل طرف في اتخاذ أفضل مسار يناسب أهدافه، فإن موسكو وطهران وأنقرة تدرك أن أحدا لا يمكنه تحقيق النجاح بمفرده، نظرا لحجم تدخل الآخرين في سوريا.

بالنسبة إلى روسيا، وإلى تركيا خصوصا، كان إظهار الدبلوماسية في أعقاب اغتيال السفير الروسي، أندري كارلوف، مهما لحماية تقاربهما الغض، والفوائد الاقتصادية وما يمنحه تعاونهما الاستباقي في سوريا. لكن المحاولات الجارية اليوم " لإحياء العملية السياسية " أو على حد تعبير وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إنهاء الصراع السوري، لن يكون بمقدورها أن تعالج مؤقتا الأهداف المتباينة للأطرف الثلاثة التي حضرت الاجتماعات التي عقدت في موسكو بشأن سوريا.

تبحث روسيا التي عزز جيشها القوات الموالية لبشار الأسد عن تسوية سياسية تمكنها من التقليص دورها الفعال في الصراع دون أن تغرق في مزيد من وحل الحرب المكلفة ضد الثوار والدولة الإسلامية. يمثل السقوط الأخير لمدينة تدمر في يد مقاتلي الدولة الإسلامية تذكيرا قويا لموسكو بحجم العمل الكبير المتبقي في سوريا قبل أن تصير البلاد آمنة. لكن فرصة تقليص تدخلها العسكري تبدو واعدة الآن أكثر من أي وقت مضى نظرا لقرب سقوط حلب، والقوة التي سيمنحها هذا الانتصار للموالين لها.

أما تركيا ففي حين لا تحرص على تبني تسوية سياسية تدعم سلطة الأسد في دمشق، فإنها تحرص على إيقاف تقلص المناطق التي يسيطر عليها الثوار، كما تحاول تعزيز مكانتها في شمال محافظة حلب حيث تستطيع منع التوسع الكردي.  تركيا وروسيا متفقتان على الأقل في رغبتهما في وقف شامل لإطلاق النار، على الرغم من أن كلتيهما تسعيان إلى نتائج مختلفة. تعلم روسيا أن تركيا وغيرها من القوى التي تملك نفوذا على الثوار هي المفتاح لنجاح أي حل سياسي للنزاع حتى لو كان حلا محدودا. بالنسبة إلى تركيا فإن فوضى المعركة المستمرة  تعمل ضد أهدافها في شمال سوريا، فهي تحتاج إلى الاستقرار حتى تتمكن من مواصلة هدفها المتمثل في توسيع دائرة  نفوذها في مجال السيطرة العثمانية السابقة، وتقليص انتشار القوات الكردية.

تلتزم إيران من ناحية أخرى بتحقيق انتصار لجيش النظام، وهو ما سيدعم صلاتها القوية مع دمشق، وفي المقابل سوف تساعدها دمشق في الحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط. ستبقى إيران، الحليف العسكري الأكثر موثوقية للأسد، متورطة في القتال حتى يُضمن الأمن السياسي للرئيس السوري. ونظرا للطبيعة الوجودية للمعركة بالنسبة لإيران والقوات الموالية للنظام، فإنهما سيعملان على إفساد أي محاولة لوقف إطلاق النار قد تترك الأسد عرضة للخطر. وحتى لو تمكنت أنقرة وموسكو من صياغة تسوية سياسية جزئية، فإن هذا سيكون موضوعا هشا بالنسبة إلى تقلبات المعركة المستمرة.

ستنظر إيران إلى أي محاولة روسية تركية للتوصل إلى وقف إطلاق النار بعين الحذر، حتى على الرغم من أن وزير الخارجية الإيراني، كان طرفا في البيان المشترك الذي عبر عن الحاجة إلى وقف لإطلاق النار. ليست طهران الجهة الوحيدة التي قد تشعر بالتجاهل في هذا الوقت بسبب الاتفاق  الودي التركي الروسي. لم توجه الدعوة إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماع اليوم في موسكو، على الرغم من الدور الأمريكي في محاربة قوات الدولة الإسلامية بدعمها لوحدات المتمردين، كما لن تحصل الولايات المتخدة على مقعد إلى طاولة المفاوضات في الأسبوع المقبل عندما تستأنف روسيا وتركيا وإيران اجتماعاتها في كازخستان بهدف إجراء مزيد من المناقشات، وتهيئة الأجواء لمجموعة أكبر من اللقاءات في فبراير/شباط. إن تجاهل الولايات المتحدة يساعد في خدمة هدف روسيا من تصوير نفسها بوصفها وسيطا للسلام في سوريا، وهذا سيعزز من قدرتها على الاستفادة من تدخلها في الأزمة السورية في مجالات أخرى.

وبطبيعة الحال فإن التوصل إلى حل سياسي أعمق للأزمة السورية المعقدة يقع خارج نطاق الاجتماعات الحالية. لن يكون أمام تركيا على وجه الخصوص طريق آخر، فبالنسبة إليها فإن السعي إلى توثيق العلاقات مع روسيا والدخول في مفاوضات تكتيكية طويلة مع موسكو سيساعد على ضمان أن أهدافها المباشرة – أي الحد من الخسائر المستقبلية للمناطق التي يسيطر عليها الثوار- قادرة على البقاء.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس