محمد عمر زيدان - خاص ترك برس

يبدو للوهلة الأولى أن العنوان غريب وربما يكون مثيرًا للجدل إذا ما قورن بالفترة الزمنية بين موت الرجل وأعني صدام حسين وبين قيام الثورة السورية، إلا أن المؤرخين لهم عبارة مشهورة التاريخ يعيد نفسه، وإن اتفقنا حول دقة هذه العبارة أم اختلفنا إلا أن العبارة صحيحة بوجه من الوجوه.

فصدام حسين الذي أفضى إلى ربه في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006 على يد الأمريكان كان من أكثر الشخصيات جدلًا سواء في حياته أو بعد مماته فانقسم الناس إلى قسمين قسم يمجده ويترحم عليه وقسم يلعنه ويشتمه وإن اتفق الكثيرون على الكثير من الصفات الإيجابية كالقوة والذكاء والحزم والوقوف في وجه المد الفارسي الشيعي. وكان حقيقة هو صمام الأمان إزاء المد الفارسي الشيعي ولكن كان للرجل الذي لا يجوز عليه إلا الرحمة بعد وفاته الكثير من الأخطاء فالإنسان جُبل على الخطأ والأخطاء البشرية تغفر إذا ما قيست بالأخطاء التي تكون أكبر منها.

فمن هذه الأخطاء التي ارتكبها صدام حسين هي إرسال طائراته الحربية والمدنية إلى الدولة الفارسية إبان حرب الخليج الثانية 1991 ولم تكن طائرة أو اثنتين وإنما أسطول من الطائرات مؤلف من 142 طائرة تقدر قيمتها بأكثر من 1.6 مليار دولار وبذالك أهدى للدولة الفارسية هدية قيمة لا يحلم بها ساسة الفرس ولا حتى بأحلامهم كما أعطاهم ذريعة لتقوية ترسانتهم العسكرية وأسطول طائراتهم المدينة بعد أن أنهكهم الحصار الأمريكي الغربي , كما أعطاهم مؤنة وذخيرة من الطائرات الحربية لقتل العرب والمسلمين فيما بعد.

واليوم نشهد قتل المليشيات الفارسية الشيعية لأهلنا بسورية، بصورة أو بأخرى فإن صدام حسين مسؤول بطريقة أو بأخرى عن تقوية السلاح العسكري للدولة الفارسية، والغريب فعل صدام هذا، فالدولة الفارسية التي دخل معها في حرب فاقت الثماني سنوات وهو يعرف مدى حقدهم على أهل السنة. لماذا لم يرسلها إلى أي دولة إسلامية وإن اشتركت بالحرب ضده إلا أنها توافقه المذهب فلماذا فضل إعطاءها لأعداء العرب ولأعدائه ,ولمن يخالفوه المذهب؟! هل كانت تصريحات ساستهم أنهم سيقفون معه في خندق واحد ضد أمريكا كما يذكر في مذكراته؟ وهو يعرف حق اليقين لا بل عين اليقين أن ليس لهم إلًا ولا ذمة.

المهم الدولة الفارسية لم تعد الطائرات واعتبرتها جزءًا من التعويضات لحربها مع العراق. كما يذكر الرجل في مذكراته (صدام حسين في الزنزانة الأمريكية هذا ما حدث - بقلم المحامي خليل الديلمي) العديد من الروايات التي توضح حقد الدولة الفارسية وساستها عليه شخصيًا وعلى العراق ومن هذه الروايات أنه عندما طلب صدام من الخميني مغادرة العراق بدأ بتصريحاته المعادية ضد صدام والعراق واعتبر العراق جزءًا من أرض فارس وأن ولاية الفقيه لا بد أن تشمل جميع الأراضي بما فيها العراق كما أخذ يتوعد دول الخليج ويهدد بضمها للدولة الفارسية باعتبارها محافظات إيرانية هذا طبعًا  قبل أن توصله المخابرات الغربية لسدة الحكم.

واليوم يرتكب مقاتلو الغوطة نفس الخطأ الذي ارتكبه صدام حسين حينما يخنعون للدولة الفارسية وصبيها في سورية بشار الأسد ويقبلون بما يسمى المصالحات الوطنية ويوافقون على تسليم سلاحهم الثقيل والمتوسط للميلشيات الشيعية ويخرجون بسلاحهم الخفيف وكأننا أمة لا تقرأ وإذا قرأنا لا نفهم لماذا لا نقرأ التاريخ جيدًا ونستخلص منه العبر ونتعظ بمواعظه ونتعلم من دروسه ونقرأ ما بين سطوره ونناقش ونحلل ونفهم هل كان تسليم السلاح للمليشيات الشيعية أمرًا صحيحًا يقبله العقل والمنطق طبعًا وقطعًا لا  إذن لماذا فضل بعض قادة الفصائل في خان الشيح تسليم السلاح للعصابات الأسد ولم يعطوها لإخوانهم ثوار ذاكية والكسوة والمقلبية؟! الجواب بسيط ولا يحتاج إلى الكثير من الحنكة والزكاء والدهاء والتحليل هو خلاف القادة الذين سلموا السلاح مع قادة المناطق المحررة وأقصد الكسوة وذاكية والمقلبية وهذه شهادة شهود العيان من نفس البلد ألا يعلم هؤلاء السفلة من رعاع القوم ومن يسمون نفسهم قادة بأن السلاح الذي سلموه للعصابات الأسدية سيوجه نحو صدور أطفالنا وبناتنا وأمهاتنا ومجاهدينا . هل يعلم هؤلاء أن سيحاسبون أمام الله عن كل نقطة دم تسقط من أبنائنا بهذا السلاح؟!!

كل يوم نطالب الفصائل بالاندماج ولحمة الصف والترفع عن المناكفات والمهاترات المرضية التي لا تغني ولا تسمن من جوع ولكن هؤلاء الرعاع ما زالوا على تعنتهم وتجبرهم وتمسكهم بالكرسي متخذين بشار مثلهم الأعلى حتى ضاعت داريا ومن ثم المعضمية والتل وقدسيا والهامة ووووالخ هل إسلامكم يمنعكم من اتخاذ سيدنا خالد قدوة لكم عندما استقبل أمر عزله برحابة صدر وقال أنا جندي من جنود المسلمين وسهم في جعبة عمر رضي الله عنه أما آن لكم أن تعزلوا أنفسكم وتعطوا القيادة لمن يستحقها وتكونوا صفًا واحدًا بعد أن أصابنا ما أصابنا من الضعف والوهن، وكما تحسرنا على البلدان التي استردها النظام فغداً سنبكي على ماتبقى من المدن المحررة وسنقول يا ليت الذي حصل لم يكن وتلك ساعة لا ينفع ندم النادمين، توحدوا فإننا مللنا من تفرقكم. منتصرون

عن الكاتب

محمد عمر زيدان

أكاديمي سوري وأستاذ جامعي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس