محمود أوفور - جريدة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

اليوم أصبحنا ندرك أنّ "داعش" هو جزء من مشروع وخطة كبيرة، لكنّ هناك من لا يريد فهم ذلك، وخصوصا مسؤولؤ حزب العمال الكردستاني (PKK) وممثله السياسي حزب الشعوب الديمقراطي (HDP)، فرغم كل التغيّرات والتطوّرات السريعة التي تحصل، تراهم اليوم يتصرفون وكأنّ شيئا لم يتغير، ويقرؤون معطيات اليوم بعقليتهم القديمة.

في الأيام القليلة الأخيرة الماضية تغيّرت الكثير من المعطيات، فبرغم عدم تلبية الشروط التركية بدعم الجيش السوري الحر، وبرغم كل ما قام به الحزبان في الآونة الأخيرة، لبّت تركيا مطالب الحزبين الكرديين.

فقد تم فتح ممر من أجل عبور قوات البشمركة إلى عين العرب "كوباني"، وهكذا اتحد الجيش السوري الحر مع قوات البشمركة وكذلك مع عساكر حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، فكان ذلك لقاءا تاريخيا من أجل إعادة اللحمة الوطنية التي مزقتها الطائفية المقيتة خلال السنوات الأخيرة، وسترون نتائج ذلك في المستقبل القريب.

برغم هذه الحقائق التي يراها الأعمى، ما زال المقربون ومسؤولو حزب العمال الكردستاني (PKK) يفترون على تركيا بأنها "تدعم داعش"، وهذا لا نستطيع تفسيره سوى بعمى سياسي، أو بغيابهم عن الوعي.

انظروا إلى التطورات الأخيرة، وكيف كانت الاحتفالات بدخول قوات البشمركة إلى تلك المناطق، وسترون أنّ قادة الحزبين الكرديين كانوا على رأس المستقبلين لتلك القوات التي سمحت لها تركيا بعبور أراضيها، والغريب أنّ مسؤولي حزب العمال الكردستاني وإعلامهم لا يرون هذه الأحداث ولا يتابعون هذه التطورات، فلا يوجد خبر واحد في إعلامهم تحدث عن هذا الموضوع.

إذا كانوا لا يريدون الاستماع لنا، ولا يثقون بنا، فليقرؤوا ما قاله زعيمهم أوجلان عن "داعش"، سأقتبس ما قال بالنص:

"الهجمات التي يقوم بها داعش مرتبطة أصلا بالأهداف الإسرائيلية، فهم يريدون خلق إسرائيل جديدة في تلك الأراضي، لأنه لا يمكن لأحد أن يقف في وجه السياسات الإسرائيلية، فقد حاول أجاويد من قبل لكنهم شلوا حياته وقضوا عليه.

داعش هي مشروع إسرائيلي، وربما لا يستطيع حزب العدالة والتنمية الوقوف في وجهه، فهم هددوه، وكادوا أن يسقطوا حكومته".

هذا التصريح يجعلنا ندرك أنّ السياسيين الأكراد لا يعيرون أي أهمية لمسألة عبور قوات البشمركة، ودعمها من قبل الجيش السوري الحر، ولا حتى لتصريحات أوجلان. تشعر أنهم يعيشون في عالم آخر، لأنّ همهم الوحيد هو حزب العدالة والتنمية.

وسنستدل على ذلك من خلال تصريحات  "صباحات تونجل" أحد أهم الساسة الأكراد عندما قال: "بينما يقوم الأكراد بحماية الحدود، تقوم حكومة العدالة والتنمية بتقديم الدعم لداعش".

ما بين تصريحات أوجلان، وتصريحات بعض المسؤولين الأكراد، نجد أنّ الحركة الكردية اليوم تعيش مأساة حقيقية، وهذا سيقودها بالضرورة لتغيير أسلوبها وطريقة تصرفها، وإلا سيتم تصفيتها كما سيتم تصفية "تركيا القديمة"، فالأكراد اليوم بحاجة إلى من يضمن حقوقهم، ويخفف حدة العداء تجاههم، من أجل ضمان تحقيق عملية السلام، والأولى بهم الآن تغيير أسلوبهم وطريقة تفكيرهم القديمة، لأنها تشبه إلى حد كبير سياسة "الدولة القديمة".

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس