محمود أوفور - جريدة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

بينما تتعرض تركيا لمشاكل وضغوطات عديدة بمختلف المستويات وبشتى المجالات، نستغرب كيف أنّ حزب الشعب الجمهوري المعارض يتابع هذه الأحداث عن بُعد، فهو  لا يدعم السياسة التي تتخذها الحكومة، ولا يُقدّم حلولا بديلة يطمئن من خلالها الشعب والمجتمع. لهذا وبرغم كل السلبيات التي تتعرض لها تركيا وحكومة حزب العدالة والتنمية، إلا أنّ حزب الشعب الجمهوري اليوم ليس مؤهلا للفوز بالانتخابات والانتقال من المعارضة إلى السلطة.

لا شك أنّ الهزيمة المتكررة في الانتخابات سواء المحلية أو رئاسة الجمهورية لحزب الشعب الجمهوري المعارض، ستكون سببا لحدوث انشقاقات داخل الحزب، وقد تابعنا ما رافق تلك الهزائم من نزاعات وخلافات حادة داخل حزب الشعب الجمهوري، والذي أدّى في نهاية المطاف إلى الاستقالة الأولى.

يوم أمس، قدمت "أمينة أولكار تارهان" استقالتها من حزب الشعب الجمهوري، هذا المرأة التي تعتبر من أهم قيادات الحزب وباستقالتها حدث صدع كبير داخل حزب الشعب الجمهوري المعارض، "تارهان" وضحت أسباب استقالتها بتصريح ينتقد الحزب انتقادا لاذعا، حيث قالت: "إنها بسبب الظروف التي يمر فيها بلدنا، وبينها خطر الحرب، وقبل الانتخابات العامة التي ستعقد في 2015 والتي تعتبر مسألة ذات أهمية كبيرة لمستقبل أطفالنا، وبسبب الهزائم المتتالية في الانتخابات، والأخطاء التي أدت إلى تسليم منصب رئاسة الجمهورية التركية للحكومة من أول جولة، وتجاهل إدارة الحزب عن كل ما قدمته لهم في سبيل إصلاح هذه الأخطاء، وعن النداءات التي قمت بها لرسم خريطة طريق صحيحة بجدية ودقة، ... وبسبب إدراكي بأنني لن أستطيع تغيير خيارات إدارة الحزب الوخيمة تجاه التهديدات الداخلية والخارجية، وإهمالها لمصالح الشعب، ولاتباعها سياسة مجهولة أمام جرائم الإرهاب، ولكي لا أكون جزءًا من حزب لا يهدف للوصول إلى السلطة بجدية، وكي لا أكون جزءًا من السياسات الضعيفة، فإنني أستقيل من حزب الشعب الجمهوري الذي علّقت عليه آمالاً كبيرة".

هذه الاستقالة كانت منتظرة، لأنّ هذا الاسم يُعتبر من القوميين داخل الحزب، والقوميون قد تعرضوا لمضايقات من رئيس حزب الشعب الجمهوري كلتشدار أوغلو، خصوصا بعد المؤتمر الاستثنائي العام للحزب، والذي أشار بطريقة غير مباشرة خلال خطابه في ذلك الحين، أنه لن يكون هناك مرشحين قوميين على قوائم الحزب في الانتخابات العامة القادمة عام 2015.

في الحقيقة حاول هؤلاء القوميون بعد الانتخابات المحلية تأسيس حزب جديد، وعملوا أبحاثا ودراسات من أجل ذلك، لكنهم علموا وأدركوا أنهم لن يستفيدوا من تأسيس حزب جديد في المرحلة الحالية، لذلك لم يقدموا استقالتهم من الحزب في ذلك الحين.

بعد ذلك كان طموحهم وأملهم الأخير، أنْ يصبح "متين فيزي أوغلو" رئيسا لحزب الشعب الجمهوري في انتخابات رئاسة الحزب، ولأنّ "محرّم إنجه" قام بتخريب هذه الخطة، اضطرت اليوم للاستقالة لوحدها، وإذا تساءلنا من معها الآن من الحزب فلن يتعدوا أصابع اليد الواحدة.

كانوا يتحدثون عن وجود مجموعة كبيرة من الحزب تريد الانفصال عنه لتأسيس حزب جديد، لكن ما دام حزب الشعب الجمهوري قائما فهذا لن يحدث على الأغلب، مع أنّ الناس بدأت تتسائل عن "بايكال" إن كان سيلحق بها أم لا، لكونه رئيساً سابقاً لحزب الشعب الجمهوري.

من المتوقع أنْ لا يكون "بايكال" مرشحا لحزب الشعب الجمهوري للانتخابات العامة في العام المقبل، لكنّ الأحاديث تشير إلى أنّه لن يستقيل من الحزب أيضا.

لا شك أنّ جميع أعضاء حزب الشعب الجمهوري بمن فيهم "بايكال"، ينتظرون الهزيمة والخسارة مجددا خلال الانتخابات القادمة، لأنّ ما يقوم به الحزب لا يرقى لمستوى سياسي ممكن أن يكون بديلا عن حزب العدالة والتنمية، مع هذا فإنّ الحزب المعارض قد يشهد تطورات وأحداث دراماتيكية خلال الأيام القادمة.

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس