نبيل بن أحمد بنونة - خاص ترك برس

النهضة التركية الحديثة ليست في معزل عن العالم تأثر وتتأثر بما حولها، الحضارة الغربية ومنذ أن ظهرت النهضة التركية الحديثة ناصبتها العداء، وكان الإرهاب هو السلاح الذي أُرِيد منه تقويض هذه النهضة، والحيلولة دون استمرارها.

الحضارة الغربية المعاصرة حضارة مادية أهملت الجانب الروحي الديني القيمي، لذا فقدت توازنها، قامت متأثرة بالحضارة الرومانية لذا بنيت على السيطرة والقوة، والاحترام فيها للقوي فقط، والعلاقات لا تقوم إلا على المصالح، ولا مكان فيها لضعيف أو محتاج أو مظلوم... فالبقاء للأقوى، كما أن لديهم رغبة جامحة للتفرد بالقوة والحضارة والسيطرة على العالم ماديا ومعنويا.

الحصول على الرفاهية المادية والمال هو مطلب الجميع بغض النظر عن مصدره وممن أخذ وكيف تم الحصول عليه، حضارة تقوم على الرأسمالية الاقتصادية التي تهدف إلى الكسب الفردي بغض النظر عن مصلحة الجماعة، الفكر الغربي في عمومه لا يعترف بالآخر، ولا يحترمه، ويرفض التعايش معه، ويرفض التعددية الفكرية والدينة والعرقية، لديهم رغبة في سيادة الحضارة الغربية على العالم فهم يفرضون تصوراتها وتوجهاتها، كما يفرضون عاداتهم وقيمهم وثقافتهم على الآخرين بالعولمة الثقافية والغزو الفكري، يريدون انتشار الليبرالية والمسيحية وحدها، ويسعون للقضاء على الآخر، مقتنعون بنظرية تصادم الحضارات فهي في نظرهم نتيجة حتمية لابد أن يصل إليها العالم، ولا يقتنعون بنظرية تكامل الحضارات.

لقد أظهرت أوروبا وجهها العنصري القبيح المعادي للإسلام والمسلمين، من خلال تصريحاتهم العدائية في مختلف وسائل الإعلام، فهم معادون لنهضة أي دولة إسلامية، وذلك واضح في منعهم لتجمع الأتراك المهاجرين من أجل دعم الاستفتاء على الدستور الجديد، لقد قامت هولندا بمنع هبوط طائرة وزير الخارجية التركي على أراضيها، وكذلك منعت وزيرة الأسرة والسياسات الاجتماعية فاطمة بتول صيان من لقاء الجالية التركية في هولندا، كما قامت ألمانيا بإلغاء تجمعات للأتراك المؤيدين للتعديلات الدستورية. في حين تتيح إقامة التجمعات لمعارضي التعديلات، وتفسح المجال لأتباع فتح الله كولن، وحزب العمال الكردستاني الإرهابي، مما يعتبر خرقا للأعراف والمواثيق الدولية.

لقد أدرك الأتراك حجم التآمر عليهم، والمحاولات المستميتة لإعاقتهم عن إكمال نهضتهم، وعرفوا أن دينهم الإسلامي هو سبب عداء الغرب لهم؛ مما زاد من تضامن الشعب وتأييده للحكومة، كما زاد من ارتباط العالم الإسلامي والعربي بالأتراك. هم يريدون بقاء تركيا دولة خاضعة ضعيفة محتاجة للغرب، تحول بينهم وبين الشرق العربي الإسلامي، وتحميهم من العدو السوفيتي، وتمنع تدفق اللاجئين إليهم، دولة متخلفة لا تقوم بتطوير وتغيير دستورها الذي رسمه الغرب لها لخدمة أجندتهم ومصالحهم.

الدستور الجديد سوف يعود بالمنافع التالية على تركيا:

1- سوف يؤدي النظام الرئاسي إلى تعزيز الأمن الداخلي والخارجي.

2-الحفاظ على الاستقرار السياسي، في بلد شهد 48 حكومة منذ التحول إلى نظام متعدد الأحزاب عام 1950 م، أي كان معدل متوسط عمر هذه الحكومات 16 شهرا فقط، مما يؤدي للقضاء على الانقلابات العسكرية.

3- تجنب الأزمات الاقتصادية، والرفع من الاقتصاد التركي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

4- التحرر من الإملاءات الخارجية، والوصاية الدولية، كما يحقق الاستقلالية.

5- كان الدستور القديم لا يسمح بمحاكمة الرئيس، بينما بموجب الدستور الجديد يمكن مساءلة رئيس الجمهورية حال ارتكابه أي جريمة بعد موافقة أغلبية البرلمان، مما يزيد من الديموقراطية.

6- إنهاء ازدواجية السلطة، وزيادة الاستقرار السياسي في تركيا، وزيادة وحدة البلاد، ومنع وصاية البرلمان، ومنع سيطرة البيروقراطية العسكرية والقضائية.

7- بدء دستور جديد يحقق أهداف العهد الجديد، ويسارع في النهضة الحالية.

8- تحسين الأداء الوظيفي للدولة تجاه الشعب بجعل السلطة التنفيذية بيد الرئيس لوحده، الأمر الذي سيسرع من أخذ القرارات الصعبة التي تحتاجها تركيا في ظل الأزمات التي تمر بها المنطقة.

9- تمكن تركيا من مجاراة المتغيرات على الصعيد الإقليمي والدولي، وزيادة جاهزية تركيا للتحرك الدولي الخارجي، وزيادة القدرة على خوض المنافسة مع الدول الأخرى.

10- الرفع من القدرة على اتخاذ القرارات التي تحفظ السيادة القومية حول كل ما يهدد كيان الدولة السكاني والاقتصادي والجغرافي.

11- إنهاء حالة الاستقطاب والتسيس للقضاء؛ حيث سيتم تعيين القضاة عن طريق البرلمان.

12- التحرر من التضيق على الحريات الدينة خاصة، وإيقاف محاربة الدين الإسلامي، والتخلص من محاولات إعاقة تقدم الحضارة والنهضة الإسلامية.

ختاما: إذا أردت أن تميز بين الحق والباطل، وتعرف الخير من الشر، أنظر لسهام العدو فإنها توجه صوب الحق والخير دائما.

عن الكاتب

نبيل بن أحمد بنونة

باحث دكتوراه (في الأمن الفكري الإسلامي -تركيا نموذجا) -أستاذ الفكر والحضارة الإسلامية-مهتم بالشأن التركي جامعة المدينة العالمية- ماليزيا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس