ترك برس

رأى الإعلامي المصري البارز، أحمد منصور، أن من الأسباب الرئيسية للغضب الأوروبي الغربي من تركيا هو شعور الأوروبيين بأن الرئيس رجب طيب أردوغان يعمل على إحياء الأمة التركية والنهوض بالشعب التركي بعدما نجح الغرب طوال مائة عام في إسقاط الخلافة الإسلامية وهدم الإمبراطورية العثمانية.

وفي مقال له بصحيفة الوطن القطرية، أشار منصور إلى أن الغرب نجح أيضًا أكثر في بناء نظام علماني تابع له في تركيا كان يعتبر حفظ القرآن جريمة يعاقب عليها القانون، فكان الأتراك يحافظون على دينهم كما القابض على الجمر.

وأضاف الإعلامي في شبكة الجزيرة القطرية: "فجأة وبعد أكثر من مائة عام إذا بالأتراك يستيقظون مرة أخرى ويسعون لتغيير الدستور العلماني، بل وإزالة النظام العلماني وأن يكون هناك رئيس يتحدث عن الإسلام ويذكر الله وإذا بالشعب يلتف حوله ويستعيدُ هويته.

وكما استخدم الغرب سلاح الانقلابات العسكرية للحفاظ على الهوية العلمانية لتركيا إذا بانقلابِهم الأِخير يفشل فشلا ذريعا، وإذا بالدستور الذي وضعه الغرب على وشك أن يغير".

وشدّد منصور على أن "يقظة الأتراك ترعب الأوروبيين لأنها ستعيد لهم الهوية والدين وستعيد لكل الشعوب الناطقة بالتركية سواء في آسيا الوسطى أو التي كانت تحت الخلافة الإسلامية في قلب أوروبا هويتها وانتماءها، وتخرجها من إطار الهيمنة والاستعلاء الغربي".

واعتبر أن ما يؤكد على هذا ما يقوم به الغرب منذ اندلاع الثورات العربية في العالم العربي في نهاية العام 2010 في تونس وبعدها في مصر ثم سوريا وليبيا واليمن، فالسبب الرئيسي وراء عدم نجاح هذه الثورات حتى الآن هو الجهود الغربية الكبيرة التي دعمت ولا تزال تدعم الثورات المضادة في كل هذه البلاد.

ولفت إلى أن جهود الغرب تحول دون إرادة الشعوب في التحرر من ربقة الاستعمار والاحتلال غير المباشر من خلال الأنظمة التي زرعها الاستعمار في العالم العربي بعد خروجه الظاهري خلال القرن الماضي.

وتابع: "الشعوب العربية كانت وما زالت ترزح تحت أنظمة تابعة للدول الغربية في سياساتها وأدائها وكان الغرب الذي يتغنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان يغض الطرف ــ ومازال ــ عن كل الجرائم التي ترتكبها هذه الأنظمة طالما أنها تدين بالولاء له وتحول دون تحرر الشعوب العربية والإسلامية في قرارها حتى لا تفرض سيادتها على الجميع".

وأشار منصور إلى أن "الغرب يدرك أن قرار الشعوب بالتحرر من ربقة الأنظمة الاستعمارية غير المباشرة قد اتخذ بالفعل وأن المسألة ليست سوى مسألة وقت، وأن الدماء التي سالت في تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا هي دماء التحرر، وكل ما يقوم به الغرب الآن هو عملية تأخير لتحرر الشعوب العربية قدر الإمكان.

فالمعطيات كلها تشير إلى أن أوروبا تمر بأصعب حالاتها الاقتصادية والسياسية وأن عملية التحول السياسي والتراجع الاقتصادي في أوروبا هي إيذان بتغير عجلة الزمان، وهذا ما يجعل خطاب أردوغان قويا ضد الأوروبيين في هذه المرحلة لأنه يدرك أنهم في مرحلة ضعف شديدة.

ففي كل يوم يخرج مسؤول أوروبي بتصريح يعلن عن مخاوفه من أن تلغي تركيا تعهداتها الخاصة باللاجئين ومن ثم تغرق أوروبا بمراكب المهاجرين فتضعهم أمام مأزق إنساني وسياسي واقتصادي"

وخلص الإعلامي المصري إلى أن "أوروبا تعيش مأزق التحولات ومنها التحولات في العالم العربي والإسلامي الذي يعني نهضة الأمة من جديد وهذا ما يخيف الغرب".

وفي مقال سابق له، أشار منصور إلى أنه من تابع مسيرة الاتحاد الأوروبي طوال الستين عاما الماضية يجد أن الاتحاد حرص رغم الاختلافات المذهبية بين المسيحيين الاوروبيين مثل اليونانيين الارثوذكس والايطاليين والفرنسيين والألمان الكاثوليك والبريطانيين الانجليكانيين واختلاف اللغات والأعراق إلا أنهم حرصوا أن يجتمعوا تحت راية الصليب.

وأضاف: "إنهم رفضوا حتى الآن أي وجود إسلامي بينهم بل إنهم في المقابل لم يسمحوا بأي وحدة إسلامية بل وكانت سياستهم الناجحة طوال ثلاثة عقود مع المسلمين هي (فرق تسد)، وكانوا صرحاء في تقويض انضمام تركيا ليس من الآن ولكن من قديم.

حتى أن رئيس الوزراء التركي الأسبق مسعود يلماظ، وهو علماني أتاتوركي، سبق وان صرح أكثر من مرة بأن أوروبا ناد مسيحي، ولا يمكن أن تقبل بوجود دولة مسلمة مثل تركيا بينهم.

كما أن أوروبا ضمت القسم اليوناني من جزيرة قبرص المتنازع عليها بين الأتراك واليونانيين رغم الخلاف والنزاع القائم، وتركت القسم المسلم حتى دون أن تسعى لحل مشكلة الجزيرة. أما دول البلقان المسلمة مثل ألبانيا والبوسنة فإنها منحت امتيازات لكنها لم تمنح العضوية رغم انها دول أوروبية في مسلكها وكل شؤونها.

وأردف منصور: "رغم كل هذا فإن الذكرى الستين تحل على الاتحاد الأوروبي وهو يواجه عاصفة من الأزمات تكاد تعصف به جعلت بابا الكنيسة الكاثوليكية الذي وجه النداء الأول لتشكيل الاتحاد بداية الخميسينيات يجتمع بهم يوم الجمعة الماضي ليذكرهم بأن انهيار القيم يهدد بانهيار هذا النادي المسيحي بعد ستين عاما من قيامه".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!