أحمد جلال - خاص ترك برس

لا شك أن لتركيا دور خطير فى حفظ السلم والأمن الدوليين، هذا الدور الذى اكتسبته عبر السنين والتاريخ بصفتها وريثة الإمبراطورية الرومانية والخلافة الإسلامية حتى وقت قريب. لقد كانت تركيا دائمًا وستظل بموقعها المتفرد فى وسط العالم وبين أهم ثلاث قارات هى آسيا وأوروبا وأفريقيا وهي القارات الغنية بالموارد والثروات الطبيعية والزراعية والبشرية والأراضي الشاسعة والأماكن الأثرية والسياحية والبحار والأنهار والسواحل الشاطئية الهامة فى العالم، كما أنها فى منطقة تعتبر جسرًا بين الشرق والغرب والشمال والجنوب.

هذا الموقع المتفرد أعطى لتركيا فرصة فريدة في أن تصبح الحكم والقاضي العادل والفاصل فى أعقد القضايا في الشرق الأوسط وبين الدول المتنازعة وأن تكون صمام أمن وأمان من اشتعال فتيل الحروب الكبرى بين الدول.

والدارس والقارئ لتاريخ الترك والعثمانيين، يعلم أنه كلما كانت أنقرة قوية وواعية ويقظة ومتآلفة ومتوافقة شعبًا وحكومة داخليًا ولديها مسؤولون رفيعو المستوى قائمون على سياستها الخارجية ذوو خبرة وحنكة ومهارة وذكاء ودهاء وباع طويل فى هذا المجال، كلما كان ذلك فى مصلحة السلم والأمن الدوليين والسلام العالمي والعكس صحيح.

لا شك في أن العالم فقد السلم والأمن والسلام واشتعلت حروب عظيمة أهمها الحرب العالمية الأولى والثانية وما تلاها من حروب خاصة فى الشرق الأوسط والعالم الإسلامي نتيجة ضعف وتهميش دور تركيا جراء التآمر عليها من الدول العظمى آنذاك منذ خلع داهية السياسة العالمية والدولية فى العالم بصفة عامة وفي تركيا بصفة خاصة على الإطلاق السلطان عبد الحميد الثاني طيب اللّه ثراه وأدخلة فسيح جناته.

وعندما بدأت تركيا تعود لقوتها الطبيعية فى خدمة نفسها وخدمة المجتمع الدولي منذ تولى سيادة الرئيس أردوغان للمسؤولية، بدأ العالم يشتم أنفاس الحرية والسلم والأمن بدلًا من رائحة البارود والدماء والذى كان وما زال يملأ الشرق الأوسط والعالم منذرًا بارتكاب أبشع الجرائم ضد الإنسانية فى التاريخ نتيجة التنافس بين القوى العظمى من أجل زيادة تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ.

كذلك فإن نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذى سيجري فى تركيا فى السادس عشر من نيسان/ أبريل القادم سيكون حدثًا بالغ الأهمية في التاريخ التركي الحديث، وسيؤثر بقوة في الوضع السياسي في العالم وتركيا والشرق الأوسط بأسره، وسيظهر للعالم كيف سيكون تأثير تركيا ومسارها خلال المجتمع الدولي ومدى ومجال تأثيرها فى حفظ السلم والأمن الدوليين.

كما أن اجتماع زعماء أوروبا وإظهار تحالفها الصليبي علنًا بمناسبة الذكرى السنوية الستين لتأسيس الاتحاد الأوروبي وفي مقدمتهم بابا الفاتيكان هو رسالة غير مطمئنة لدول العالم بصفة عامة ودول الشرق الأوسط بصفة خاصة المشتعل أساسًا، بعودة الحروب الصليبية، ويبعث بمزيد من الشكوك حول نوايا القوى العظمى والدول الأوروبية، وأنها بهذا تزيد من تأجيج منطقة الشرق الأوسط بحروب طائفية قد لا تنتهي دون إحراق الجميع، كما أنه جدير بالذكر أن قمة البحر الميت لم تلتفت أساسًا إلى هذا الموضوع الحيوي والخطير والأهم والذى عقد قبل قمة البحر الميت بعدة أيام فقط ولم تعقب عليه من بعيد أو قريب مما زاد من قتامة وسوداوية الوضع بالشرق الوسط.

 لذا فإن تحذيرات القيادة التركية منذ أيام العالم والقوى العظمى وأوروبا من اللجوء إلى التدخل وتقسيم المنطقة بالقوة هو خير دليل على رغبة تركيا القوية وعودتها لدورها التاريخي فى صون السلم والأمن الدوليين ومنع الدمار الشامل وإراقة الدماء بالمنطقة.

ويجدر بنا أن نشدد على أن وجود تركيا قوية على الساحة الدولية هو صمام أمان لكل شعوب العالم، فكفاكم حروبًا ومؤامرات على تركيا وعلى دول الشرق الأوسط وخاصة الدول العربية، لذا فإني أطالب المجتمع الدولي وخاصة أوروبا وأمريكا وروسيا والصين بالحفاظ على تركيا قوية والإنصات إلى مطالبها وآرائها العادلة فى مختلف القضايا فهى الحكم العدل بإنصاف وهي كانت وما زالت تعمل جاهدة لمصلحة الجميع ولمصلحة شعوب المنطقة والعالم ولمصلحة حفظ السلم والأمن الدوليين وكفانا حروبًا ودمارًا من أجل السيطرة على شعوب وموارد العالم.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس