أوكان مدرّس أوغلو – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

وضع حزب العدالة والتنمية "خططا عاجلة" في أولى سنين حُكمه، لأنّ الدولة التركية حينذاك كانت مهملة، وتعيش أزمات عديدة، والشعب كان فاقدا للأمل، وكان على الحزب القيام بالعديد من الأمور العاجلة لتحسين أوضاع الناس.

كان على الحزب الناشئ الحاكم، أنْ يتصرف بصورة سريعة من أجل إخراج البلد من أزماتها إلى طريق سليم كي تسير عليه الدولة، والخطط العاجلة التي وضعها الحزب كانت ناجحة للغاية وساهمت في تحسين أوضاع تركيا، وكان ذلك بسبب وضع جدول زمني لكل الأعمال تلك، والتزم بها الجميع، وتعاونت المؤسسات والوزارات على إنجاز تلك الأعمال ومحاسبة كل المقصرين.

هكذا خرجت تركيا من أزمتها الاقتصادية، لتبدأ في المرحلة التالية بتعزيز ثقتها بنفسها، وبدأت بالانفتاح على العالم بعد إصلاح وترتيب وضعها الداخلي، وحاولت أنْ تقدّم الدولة التركية نموذجا للعالم أجمع للديمقراطية الحقيقية، وهكذا بدأت تركيا تحتل مكانة هامة في المنطقة وفي العالم بأسره.

لكن هذه الأمور لم تنتشر بين عامة الشعب كما كانت عند القيادة، بمعنى أنّ ثقة القيادة بالدولة التركية وقدراتها وإمكانيتها ومكانتها التي وصلت إليها، واستخدام نقاط القوة هذه في فرض رؤيتها وتصورها في العالم، لم ينتشر إلى عامة الشعب بالصورة التي كانت عند قيادة الدولة.

النقطة الهامة هنا هو أنّ تركيا بحاجة إلى تعزيز ديناميكيتها الداخلية، في الوقت الذي تعزز بمكانتها في المتجمع الدولي ضمن "رؤية واسعة النطاق"، وهذا ما حدث فعليا بعد استلام داود أوغلو رئاسة الوزراء، فقد قام الأخير بعرض برنامجه من خلال "الأولوية لبرامج التحوّل"، وكذلك "خطط العمل"، وهذه الخطط ذات أهمية قصوى.

هذه الخطط ستجعل دول العالم تحترم تركيا وقدراتها أكثر فأكثر، لأنّ الدولة حينها سترتكز على شعب واثق بنفسه وبقدراته، فداود أوغلو من خلال هذه الخطط سيزيد من تعزيز ثقة الشعب بنفسه، وهكذا سيستفيد الشعب من التجارب الداخلية والخارجية، كما تسعى تركيا لمشاركة تجاربها مع الدول المجاورة.

لذا فإن تركيا الجديدة ترتكز على أفكار كبيرة، من خلال "تحولات هيكلية لنمو قوي ومتوازن" للدولة التركية الجديدة، من خلال العودة إلى الداخل، وزيادة الاحتياطي على المدى المتوسط، وكل هذه الخطط خلقت نوعا من الحماس والتشويق لكل أطياف الشعب والمجتمع التركي، وخصوصا أنّ داود أوغلو وعد الشعب "بمتابعة كل الخطط بنفسه"، ولهذا فإنّ رئيس الوزراء سيشكل فريقا خاصا به لمتابعة هذه القضايا وتلك الوعود.

***

خلال هذا الأسبوع سيتم عقد قمة العشرين في استراليا، وبعدها ستسلم تركيا رئاسة القمة للعام 2014-2015، وستكون هذه فرصة ملائمة لتركيا من أجل توجيه رسائلها ورؤيتها الاقتصادية للعالم، وأنقرة جهزت التحضيرات اللازمة والخطط الشاملة لعرضها أمام العالم، والتي لم تفصح عنها حتى الآن.

ستقف تركيا بكل تأكيد ضد سياسة النظام الاقتصادي العالمي الذي خلق الأزمات المالية الواحدة تلو الأخرى، والتي دفع ثمنها الدول النامية، لهذا ستقدم تركيا للعالم نموذجا "لإدارة جيدة للاقتصادي الدولي"، وستشمل هذه الرؤية مسائلة  مؤسسات النظام الاقتصادي الدولي، وستشمل تقديم مقترحات تشاركية للاقتصاد العالمي بدلا من اقتصاره على الدول المتقدمة صاحبة النفوذ.

 وستعرّج تركيا أيضا على مسألة توزيع الدخل العالمي، والذي أدّى إلى موجات الهجرة ومشاكل الأمن في شتى بقاع الأرض، وبلا شك ستقدم أيضا آليات لمنع الأزمات الاقتصادية ولتحقيق عدالة وتوازن اقتصادي بين دول العالم، وستكون تركيا هي المراقبة لتحقيق هذه الأمور الهامة.

وفي المحصلة، لن تستطيع أي دولة أنْ تكون غنية في عالم فقير.

عن الكاتب

أوكان مدرس أوغلو

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس