إمره أكوز – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

سأل أحد أساتذة العلوم السياسية طلّابه ذات يوم "هل يستطيع شعوب الشرق الأوسط أن يتّحدوا تحت سقفٍ واحد كما اتّحد شعوب القارة الاوروبية؟"

فالجواب القصير والمختصر من الطّلاب كان، بالطبع لا يستطيعون. واذا أردنا شرح أسباب وتفاصيل عدم قدرتهم على الاتّحاد، لتطلّب منّا ذلك الامر ملئ كتب ومجلّات حتى نستطيع إيضاح تلك الاسباب. ومع ذلك أودّ هنا أن أختصر تلك الاسباب بعدّة أسطر لعلّي استطيع أن أرسم الإطار العام في هذه المقالة.

1 - مع استمرار خروج النفط والغاز الطّبيعي في الاراضي الشرق أوسطية، فإن الدّول العظمى لن تسحب يدها من هذه القطعة الجغرافية. فكلّ مشاكل المنطقة تتولّد من وجود البترول فيها.

فعلى سبيل المثال: إنّ القوى العظمى المسيطرة على العالم تتصارع بين بعضها البعض حول من سيأخذ القسم الاكبر من هذه الثروة الباطنية وبأي ثمن. حتى أنّهم لا يكتفون بذلك بل يذهبون إلى أبعد من هذا، فيتصارعون حول من لا يمكنه الاستفادة من خيرات الشّرق الأوسط، بالإضافة إلى الصّراع حول مرور خطوط نقل هذه الثروة.

لنعطي هنا مثالاً بسيطاً:

بسبب الضغوطات الامريكية والظروف الاقليمية المتردّية في العديد من مناطق العالم، نجد أن ثمن برميل النفط قد تراجع إلى مادون 80 دولاراً.

مع العلم أنّ الاقتصاد الروسي لكي تستعيد عافيتها يجب أن لا ينخفض سعر برميل النّفط إلى ما دون المئة دولار. وهذا يعني أنّ الولايات المتّحدة تستطيع أن تتحكّم بالاقتصاد الروسي وتوقعها في مأزق عن طريق التّحكّم بسعر النفط في منطقة الشرق الأوسط. وفي ظل هذا  التّحكّم الامريكي لا يمكن إقامة اتّحاد في الشرق الاوسط مثل الاتحاد الاوروبي.

2 – إنّ جزءاً لا يستهان به من شعوب دول منطقة الشرق الاوسط لم تتبنّي فكرة الدّولة بعد. فمعظمهم ما زالوا يعيشون أجواء العشائريّة والقبليّة. فهم يقدّمون مصلحة العشيرة على المصالح الوطنيّة. والشّعوب التي تعتمد في معيشتها على النّظام العشائري لا يمكنها أن تتحد وتقيم وحدة مثل الاتّحاد الاوروبي.

3 – النزاعات المذهبيّة مستمرّة على قدمٍ وساق في هذه المنطقة. فالسّنّة والشيعة تراهما يذبّحان بعضهما البعض عندما يجدون الفرصة مواتية لذلك. وكأنّ الطّرفان لا ينويان إنهاء هذا الصّراع المذهبي المدمّر للطّرفين. وفي ظل هذه الصّراعات المذهبيّة أيضاً لا يمكن إقامة اتّحاد بين هذه الشعوب.

4 – من أجل اقامة اتّحاد سبيهة بالاتحاد الاوروبي، فانّ على الدّول أن تتبنّى النّظام الديمقراطي وتحترم مبادئ القوانين الدولية. واذا ما نظرنا إلى دول منطقة الشرق الأوسط نجد أنّ معظمهم بعيدون كل البعد عن الديمقراطية والقوانين الدّوليّة. بل إنّهم يخالفون في كثير من الاحيان القوانين التي وضعوها بأنفسهم وذلك بحسب مقتضياة الحاجة والظّروف المرحليّة.

5 – يقال أنّ الطّائفة السنيّة لوحدها تستطيع أن تنشأ اتّحاداً تشبه الاتحاد الاوروبي. أقول وأدّعي أنّهم لا يستطيعون. لانّ السنة بين بعضهم أيضا منقسمون بين سلفي وصوفي وإلى ما هنالك.

6 – يقول أحدهم غنّ القدرة الانتاجية تدفع بالامم إلى الاتّحاد. فلو نظرنا إلى دول منطقة الشّرق الاوسط من هذا المنظار، لما وجدنا سوى تركيا وإيران قد تقدّمت في المجال الانتاجي في هذه المنطقة.

7 – هل يستطيع أحد القادة أن يبني اتّحاداً من الطّائفة السنيّة فقط؟ ربّما يستطيع لكن هذا الاحتمال ضئيل أيضاً. ولو فرضنا أن مثل هذا الاتّحاد قد تمّ الإعلان عنه. عندها ات يكون هذا الاتحاد على النّمط الاوروبي، إنّما يكون اسمه امبراطوريةً مثل الامبراطورية العثمانية. 

عن الكاتب

إمره أكوز

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس