جلال سلمي - خاص ترك برس

بحلول مساء الأحد، 16 نيسان/ أبريل 2017، أشارت وسائل الإعلام التركية إلى أن نتيجة الاستفتاء الشعبي على تعديل الدستور التركي جاءت بنسبة 51.4% لصالح "نعم"، و48.6% لصالح "لا". وبتلك النتيجة أصحبت تركيا دولةً بنظامٍ رئاسي، وإن أكد المسؤولون الأتراك أن النظام الرئاسي سيتم تطبيقه، فعليًا، عام 2019، إلا أنه ومنذ تسلم رجب طيب أردوغان منصب الرئاسة، والملامح الأساسية للجمهورية التركية توحي بوجود نظامٍ رئاسيٍ تتجمع فيه القوى بيد الرئيس.

تسريعُ عمليةِ اتخاذ القرار، القضاء على الوصاية العسكرية، خلق سلطة تنفيذية واحدة، تعزيز مستوى الرقابة على مؤسسات الدولة، وغيرها، شكلت ذرائع حزب العدالة والتنمية ـ الحزب الحاكم ـ في صياغة التعديلات الدستورية التي أفرزت النظام الرئاسي، فما هي مميزات هذا النظام، وما هي تبعاته الممكنة على الملف السوري؟

يتميز النظام الرئاسي المُطبق في عدة دول حول العالم، بالآلية السريعة لاتخاذ عملية القرار، مع منح الرئيس إرادةً سياسية رحبة تمكنه من اتخاذ قرارات أوسع وأسرع في التنفيذ، بالإضافة إلى قيامه بإدارة مؤسسات الدولة الصانعة للقرار، خاصة الجيش، "القوة العسكرية، والاستخبارات، "مركز المعلومات السريعة والأقرب للميدانين الداخلي والخارجي"، ووزارة الخارجية "بيت صياغة المشاريع الخارجية الخاصةِ بالمصالح القومية للدولة"، وذلك بشكلٍ عملي. هذا النظام يمنح الرئيس مفتاح التعاطي مع الأزمات الداخلية والخارجية بعيدًا عن فخ البيروقراطية القائمة على التقارير المتداولة بين مؤسسات الدولة، والتي عادةً تصل إلى صانع القرار بعد وقوع الفأس بالرأس.

لقد اتسمت السياسة التركية حيال الملف السوري بسياسة "تلقي الفؤوس"، وقد بدا ذلك واضحًا في عدم قدرتها على صياغة خطط تكتيكية واستراتيجية توجه المعارضة السورية المسلحة نحو الهدف المرجو، كما عجزت عن التنبؤ بالتغلغل الكردي المحاذي لحدودها، وعجزت عن صده في بدايات ظهوره، وقبلت التدخلات العسكرية المباشرة لروسيا والولايات المتحدة.

ربما هناك عدة أسباب خارجة عن إطار الإرادة التركية لعبت دورًا في عجز الحكومة التركية عن تحقيق مآربها، وبخاصة تلك المتعلقة بالشأن السوري. لكن لا شك في أن وجود ثلاثة رؤوس للسلطة، ممثلةً برئاسة الحكومة ورئاسة الدولة والبرلمان، وعدم وجود رأس رابط لمؤسسات الدولة التي كانت تعمل بشكل مستقل، هو ما جعل الجيش، على وجه الخصوص، يعمل وكأنه مؤسسة مستقلة تفرض رأيها على الحكومة. كما أن انعدام الرقابة المباشرة لرأس السلطة على مؤسسات الدولة، فتح المجال أمام بعض الجماعات ذات الأهداف التنظيمية إلى التغلغل داخل مؤسسات الدولة وتشكيل "دولة موازية". هذه، وغيرها من العوامل، أسهمت في إجهاض الخطط التركية حيال الملف السوري.

إن تمتع الرئيس بإرادة سياسية، وقوة عسكرية، وإدارة مباشرة لمؤسسات الدولة ينعكس بشكل إيجابي على إعداد خطط أوسع تخدم مسار الثورة السورية على الصعيدين السياسي والميداني بشكلٍ كبير.

ولعل تناقل وسائل الإعلام أخبارًا عن عملية عسكرية جديدة في العراق، وسوريا، يُعد مثالًا بارزًا على بدء تركيا الاستفادة من مميزات النظام الرئاسي، بالرغم من عدم تطبيقه بشكلٍ كامل.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس