إيغور سيبوتين - نيزافيسيمايا - ترجمة وتحرير ترك برس

في إطار زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى واشنطن، ناقش كل من الطرف الأمريكي والتركي خلال الاجتماع الذي جمع بينهما العديد من القضايا الشائكة. وخلال المحادثات، كان الموضوع الرئيسي بين قادة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، قضية "كردستان سوريا"، التي تعتبرها الولايات المتحدة الأمريكية قوة عسكرية فاعلة، ناهيك عن أنها تقدم لها دعما عسكريا هائلا في حربها ضد الإرهاب في سوريا. من جهة أخرى، تعمل أنقرة على ثني واشنطن عن التحالف مع الأكراد، بينما تراهن هذه الأخيرة على نجاعة القوة الكردية في الحرب السورية.

وقبل وقت قصير من مغادرة الرئيس التركي لبكين وتوجهه نحو واشنطن، أعرب أردوغان في بيان له، على هامش منتدى "حزام واحد - طريق واحد"، عن المخاوف التي تساوره إزاء اتباع دونالد ترامب لنفس سياسة سلفه باراك أوباما فيما يخص مسار الحرب السورية، مشيرا  بذلك إلى دعم واشنطن للأكراد منذ عهد أوباما. علاوة على ذلك، أكد أردوغان أن الحرب السورية لا تحتاج للقوات الكردية لحل أزمتها، نظرا لأن تحالف واشنطن مع هذه القوات سيساهم في تقويض سمعة الولايات المتحدة في المنطقة.

وتجدر الإشارة إلى أنه في رحلة خارجية صعبة، رافق الرئيس التركي زوجته والبعض من أعضاء حكومته إلى واشنطن. وقبل أسبوع من زيارة أردوغان إلى واشنطن، توجه وفد تركي رفيع المستوى، ضم كلا من رئيس هيئة الأركان، خلوصي أكار، والمتحدث باسم الرئاسة، إبراهيم كالين، ورئيس جهاز الاستخبارات، هاكان فيدان، إلى العاصمة الأمريكية. وقد كانت هذه الزيارة في إطار التحضير للقاء الذي جمع الرئيس التركي بنظيره الأمريكي.

وفي الوقت الذي تناقش فيه أنقرة قرار إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من مدينة الباب السورية، لا يزال جزء من الرأي العام التركي يترقب صدور القرار الحاسم حول مصير القاعدة العسكرية إنجرليك، التي يتمركز فيها حوالي 2,5 ألف من القوات العسكرية الأمريكية. ويبدو جليا من خلال  طرح مسألة قاعدة إنجرليك مدى تدهور العلاقات الأمريكية التركية، خاصة بعد اتخاذ البيت الأبيض قرار استئناف عملية الإمدادات العسكرية الموجهة لأكراد سوريا.

ووفقا لما أكده ممثل عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، عبد السلام عليّ، فإن التعاون الكردي الأمريكي يقتصر على المستوى العسكري، خاصة وأن الأمريكيين يولون أهمية قصوى لهزيمة "تنظيم الدولة" في سوريا. وعلى هذا الأساس، أثبتت القوات الكردية في العديد من المناسبات أنها القوة الوحيدة القادرة على مواجهة قوات تنظيم الدولة واسترجاع الأراضي التي تسيطر عليها.

وفي شأن ذي صلة، أضاف عبد السلام عليّ أن "كل شيء مُباح في الحرب ضد تنظيم الدولة، إلا أنه من الصعب توقع الخطوة التالية في هذه الحرب". كما أقر عبد السلام علي بأن القوات الكردية "تحتاج إلى المزيد من الإمدادات، فكما تعلمون لدينا الكثير من "الأصدقاء" على غرار تركيا لذلك من الضروري التأهب للدفاع على أنفسنا".

وعلى هذا الأساس، أكد خبراء بريطانيون أن دعم الولايات المتحدة الأمريكية الأكراد على مستوى عسكري يعتبر جزء من إستراتيجية طويلة المدى تتوخاها في الشرق الأوسط. وفي سياق متصل، أضاف أحد الخبراء في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، رافايللو بانتششي، قائلا "أنا لست مندهشا من مثل هذه التصريحات (تصريحات عبد السلام عليّ)، نظرا لأن السلطات الأمريكية تعمل على دعم القوات الكردية منذ مدة، وتبرر دعمها لهم بقدراتهم العالية وكفاءتهم في دحر الإرهاب في سوريا".

وأضاف الخبير، أن السلطات الأمريكية ستواصل مساعدة الأكراد ودعمهم طالما أن تنظيم الدولة لا يزال متواجدا على الأراضي السورية. وأكد الخبير أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لن ينجح في إقناع نظيره الأمريكي في التخلي عن دعمه للأكراد. وفي حال تواصل تشبث كلا الطرفين بموقفهما وعدم عدول الولايات المتحدة عن دعم الأكراد فإن ذلك قد يؤدي إلى وصول العلاقات التركية الأمريكية إلى طريق مسدود.

من جهة أخرى، يعتبر الخبراء الروس أن هناك حلا وسطا بين أنقرة وواشنطن بشأن القضية الكردية، إلا أنه للتوصل إلى هذا الحل يجب أن يكون الطرفين على استعداد للتنازل. في المقابل، أكد المحاضر في كليّة العلوم السياسية الروسية، ليوند إيساييف، أنه كلما زادت نسبة التنوع العرقي في سوريا، كلما تمكنت الولايات المتحدة من التقدم أكثر في أراضيها. وبالنظر إلى مدى تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة وعدد من الأنظمة الملكية في الخليج العربي فإن التواجد الأمريكي في سوريا سيزداد ومن المتوقع أن يتم تعزيز حجم القوات البرية الأمريكية.

ووفقا لما ذُكر آنفا، فإن الوجود الكردي الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، هو سبيلها الأمثل لوضع حجر أساس لها في منطقة الشرق الأوسط حتى لو كان ذلك على حساب حلفائها. في الواقع، إن السياسة الأمريكية المنتهجة مع الأكراد تهدد المصالح التركية وستضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام تحد صعب، نظرا لأن تحركات واشنطن في الشرق الأوسط ومساندتها لأكراد سوريا وإصرارها على رهانها عليهم قد يؤدي إلى تدهور العلاقات الأمريكية التركية بصفة غير مسبوقة.

وبناء عليه، عبّر الرئيس التركي، في عدة مناسبات، عن قلقه من الأكراد السوريين، كما أكد على ذلك خلال محادثاته الأخيرة مع نظيره الأمريكي، إلا أن ذلك لم ينتهي بتفاعل إيجابي من الجانب الأمريكي. في المقابل، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعد من حلفاء أردوغان، إلى أنه "لا يرى داعيا لقلق شركاء روسيا الأتراك من أكراد سوريا".

ووفقا لهذا المعطى، فإن موسكو تربطها علاقات جيدة مع القوات الكردية في سوريا، التي تعد من أكثر القوى فاعلية في محاربة الإرهاب. وقد برر الرئيس الروسي حفاظ بلاده على مثل هذه العلاقات مع الأكراد رغم أنهم من أهم أعداء تركيا، بمحاولة بلاده تجنب صدام معهم خاصة وأنهم قد يمثلون تهديدا للقوات الروسية على الأراضي السورية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس