حسين غولارجا - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

أعاد زعيم حزب الشعب الجمهوري "كمال كليجدار أوغلو"، في الذكرى السنوية الأولى، تكرار مزاعمه التي ادّعى من خلالها أن محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو كانت انقلابا مدبّرا.

في الواقع، لم يقل إنّ الانقلاب كان تحت إشراف الحكومة، بل قال إن الحكومة كانت على علم مسبق بالانقلاب، إلا أنها لم تتمكن من منع حدوثه. في هذا السياق، ورد في التقرير الصادر عن أعضاء حزب الشعب الجمهوري، والذي كان ردّاً على التقرير الصادر عن البرلمان التركي فيما يخص محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو، ما يلي:

"إن محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو هي انقلاب مدبر ومتوقّع، لكن لم تتمكن الحكومة من منع حدوثها، بل استغلت نتائج هذه المحاولة بما يخدم مصالحها الشخصية".

يمكننا رؤية التناقض الكبير في هذه النقطة. كيف يمكن لانقلاب لم تتمكن الحكومة من منع حدوثه أن يكون انقلاباً مدبّراً من قبل الحكومة في الوقت نفسه؟ لو أن حزب الشعب الجمهوري يؤمن بأنه انقلاب مدبّر، لقال: "لم تمنع الحكومة حدوث الانقلاب"، بدلاً من أن يقول "لم تتمكن من منع حدوث الانقلاب".

إن ما يقوم به حزب الشعب الجمهوري هو دعم مزاعم إعلام الغرب حول تنظيم الكيان الموازي، وإرباك المجتمع وخاصةً الفئة المؤيدة للحزب الشعب الجمهوري. كليجدار أوغلو لا يبحث عن الحقائق، بل يهدف إلى تعزيز العداوة المدعومة من قبل الغرب تجاه الرئيس أردوغان، إضافةً إلى دعم الهجمات الموجهة إلى حزب العدالة والتنمية.

لم يتمكن كليجدار أوغلو من توجيه الاتهامات إلى أردوغان، لكونه هرب واختبأ في منزل رئيس بلدية "باكير كوي" واكتفى بمشاهدة أحداث محاولة الانقلاب عبر شاشات التلفاز. يتجاهل كليجدار أوغلو رئيس الوزراء بن علي يلدرم، وكذلك الرئيس أردوغان الذي دعا شعبه للخروج إلى الشوارع من خلال البث المباشر الذي شارك فيه عبر قنوات التلفاز. كما لم يذكر بطولة الرئيس أردوغان الذي خرج مع شعبه للوقوف في وجه محاولة الانقلاب.

تمكنت تركيا من التصدي لمحاولة الانقلاب من خلال ثبات نوّاب البرلمان وشجاعة الشعب والضباط الوطنيين في القوات المسلحة التركية وعناصر الأمن الذين أبرزوا شجاعة كبيرةً في هذا السياق.

كيف يمكن لزعيم حزب المعارضة الرئيسي أن يقول: "كانت الحكومة التركية تستطيع منع حدوث هذا الانقلاب لو أرادت فعل ذلك حقاً"، بينما كانت جميع عناصر محاولة الانقلاب بما فيهم مقر الانقلاب والدبابات والطائرات والمروحيات تحت سيطرة تنظيم الكيان الموازي الإرهابي؟ .. لم تتحرك الحكومة التركية لأن عناصر تنظيم الكيان الموازي تمكنوا من السيطرة على جميع النقاط والمقرات الحرجة والخطيرة داخل الحكومة، إضافة إلى إخفائهم لأنفسهم منذ 40 عاماً إلى اللحظة الأخيرة. وليس لأنها لم تتوقع أو تفكر أبداً في وجود محاولة انقلاب.

في الواقع، اتخذت الحكومة التركية بعض الخطوات في هذا الصدد. كانت ستحدث تصفيات كبيرة إزاء القرار الصادر عن اجتماع المجلس العسكري الأعلى. إذ كانت معرفة تنظيم الكيان الموازي بهذه التصفية هي ما دفعهم إلى تغيير موعد الانقلاب إلى قبل الموعد المخطط له. كان هناك بعض المشتبهين بهم بتهمة الانتماء إلى تنظيم الكيان الموازي، إلا أنه لم يخطر في بال أحد احتمال وصول هؤلاء المشتبيهن بهم إلى هذه الدرجة من الخيانة والإجرام كما حصل ليلة 15 تموز/يوليو. هل يمكن لهيئة الأركان أن تكون على علم بهوية الانقلابيين والاستعدادات التي يقومون بها، وتبقى مكتّفةً دون فعل أي شيء؟ .. بالتأكيد كانت هيئة الأركان ستمنع حدوث محاولة الانقلاب.

لماذا يحاول كليجدار اوغلو ثني الانتباه عن حقيقة أن مساعدي الرئيس، ومستشاري رئيس هيئة الأركان وقادات الجيش كانوا من الخونة الذين ينتمون إلى تنظيم الكيان الموازي والمختبئين لعدة أعوام؟

يسعى كليجدار أوغلو إلى زرع الفتنة. إذ اتهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والحكومة ومقر هيئة الأركان العامة بغض الطرف عن استشهاد 250 شخصاً من أبناء هذا الوطن.

استشهد 249 شخصاً ليلة 15 تموز/يوليو، كما أصيب 2193 آخرون، تعرض مبنى البرلمان والمجمع الرئاسي ومبنى شرطة العمليات الخاصة ومركز القمر الصناعي "ترك سات" للقصف بالطائرات والمروحيات، واجهت مديريات الأمن في ولايتي أنقرة وإسطنبول محاولات اقتحام من قبل الانقلابيين، بدأت التحركات لتنفيذ عملية اغتيال رئيس الجمهورية أثناء إقامته في أحد الفنادق في منطقة "مرمريس"، أصدرت قناة "تي ري تي" بياناً في خصوص وقوع انقلاب، تم اعتقال قادات القوات المسلحة التركية ذوي الرتب العليا ونقلهم إلى قاعدة "أكينجي" العسكرية، قام المدنيون الذين ينتمون إلى تنظيم الكيان الموازي بإدارة محاولة الانقلاب منذ بدايتها من قاعدة أكينجي العسكرية.

نظراً إلى وضوح حجم المخططات التي وضعت تحت سرية تامة لمدة أعوام، إضافةً إلى نطاق وقابلية تشغيل التنظيم المدعوم من قبل أجهزة الاستخبارات الأجنبية، فإن كليجدار أوغلو يسخر من عقولنا من خلال هذه المزاعم.

نعم .. بالتأكيد هناك تدبير، لكنه تدبير أجهزة الاستخبارات الأجنبية التي تدير تنظيم الكيان الموازي، وتأتي وكالة الاستخبارات المركزية على رأس هذه الأجهزة الاستخباراتية.

عن الكاتب

حسين غولارجا

صحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس