روي غوتمان - صحيفة ديلي بيست - ترجمة وتحرير ترك برس 

في آخر عرض للغضب التركي على السياسة الأمريكية في سوريا، كشفت وكالة الأنباء الرسمية عن مواقع 10 قواعد عسكرية أمريكية، وبؤر استيطانية في شمال سوريا، حيث تقود الولايات المتحدة عمليات  لتدمير ما يسمى بتنظيم الدولة في الرقة. وتشير القائمة التي نشرتها وكالة أنباء الأناضول، إلى التواجد الأمريكي في المناطق التي تقع تحت الإدارة الذاتية الكردية، الممتدة على مسافة أكثر من 200 ميل. علاوة على ذلك، قدمت وكالة الأناضول عدد القوات الأمريكية المتمركز في جملة من المواقع. كما أكدت في مناسبتين على تواجد القوات الفرنسية الخاصة.

في الواقع، انتقدت تركيا علنا إدارة ترامب وإدارة أوباما قبلها، لاعتمادها في المعركة ضد تنظيم الدولة على ميليشيات يقودها أكراد تابعون لحزب العمال الكردستاني. والجدير بالذكر أن حزب العمال الكردستاني، هو حركة انفصالية في حالة حرب مع تركيا، علما بأن كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا قد أدرجتها ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.

وبغية تجنب ظهور التحالف مع هذه المجموعة، أنشأ الجيش الأمريكي القوات الديمقراطية السورية، التي تضم عنصرا كبيرا من المجندين العرب. لكن، يقودهم ضباط من وحدات حماية الشعب، الفصيل السوري التابع لحزب العمال الكردستاني.

وعلى الرغم من أن الرئيس التركي القوي، رجب طيب أردوغان، غالبا ما يعبر عن غضبه من الولايات المتحدة، إلا أنه من غير المعتاد أن يكشف حليف الناتو عن تفاصيل متعلقة بالانتشار العسكري الأمريكي خلال العمليات النشطة في منطقة حرب. عموما، يعد التدخل الأمريكي في سوريا قضية غير عادية من نواح كثيرة؛ خاصة أن الولايات المتحدة لا تتصرف فقط ضد رغبات حلف الناتو الصريحة، التي تقول إن أمنها القومي معرض للخطر بشكل مباشر، بل تعمل دون إذن من نظام الأسد.

وبعد اجتماع عقد مساء يوم الاثنين، ندد مجلس الأمن القومي التركي بأن الأسلحة، التي قدمت إلى ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية السورية، أصبحت في حوزة حزب العمال الكردستاني. وأضاف البيان "إن هذا يدل على أن كليهما نفس المنظمة". كما أفاد أن دولا أخرى تستخدم "معيارا مزدوجا" مع الجماعات الإرهابية، وهو إشارة واضحة إلى التحالف الأمريكي مع ميليشيات وحدات حماية الشعب.

من جانب آخر، نفت الولايات المتحدة مرارا أن الأسلحة التي تزود بها المقاتلين الأكراد قد عززت حرب حزب العمال الكردستاني ضد الدولة التركية، وتجدر الإشارة إلى أن  الحكومة التركية لم تدعم ادعاءاتها بأدلة. عموما، كان يتواجد قاعدتان أمريكيتان في سوريا، الأولى في رميلان، الواقعة في محافظة الحسكة الشمالية. والثانية، في خراب عشق، بالقرب من كوباني في محافظة حلب، وهذا الأمر معروف حتى قبل أن تنشر وكالة الأناضول تقريرها.

بالإضافة إلى ذلك، قالت الأناضول إن قاعدة رميلان، الواقعة في المنطقة المنتجة للنفط في سوريا، أقيمت في تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2016، وهذه القاعدة كبيرة بما فيه الكفاية للتعامل مع طائرات النقل. في حين أن قاعدة جنوب كوباني، التي أنشئت في آذار / مارس سنة 2016، لا تُستعمل إلا من قبل طائرات الهليكوبتر العسكرية.

وجاء في التقرير أن المواقع الثمانية، التي غالبا ما تكون مخبأة وراء علامات تحذر من أنها "مناطق محظورة"، تستخدم للعمليات العسكرية النشطة مثل القصف في مدينة الرقة والوظائف المكتبية مثل التدريب والتخطيط التشغيلي.

وزعمت وكالة الأنباء أن القواعد المستخدمة "لبطارية الصواريخ" (تعني في التنظيم العسكري الحديث وحدة عسكرية ما يعادل  الكتيبة في المدفعية، أو الدفاع الجوي، أو قوات الصواريخ الإستراتيجية) لها قدرة عالية على المناورة، فضلا عن أنها مجهزة بقاذفات صواريخ متعددة البراميل، ومختلف المعدات المتنقلة للاستخبارات، ناهيك عن المركبات المدرعة للدوريات العامة والأمن.

وفقا لما ذكره مسؤولون في الأمن التركي، تمتلك الولايات المتحدة ثلاث مواقع استيطانية في الحسكة، وكلها تستخدم لتدريب أعضاء الميليشيات الكردية. حتى أن وكالة الأناضول قدمت عدد القوات الخاصة الأمريكية، التي يعتقد أنها كانت متمركزة في اثنين من البؤر الاستيطانية الثلاث المذكورة.

من ناحية أخرى، قالت وكالة  الأناضول إن هناك ثلاثة مواقع عسكرية أمريكية في مقاطعة الرقة السورية، حيث تتمركز القوات الفرنسية في قاعدتين منهما. كما أشار إلى أن أحد المواقع يعمل كمركز اتصالات للتحالف الدولي، الذي يقاتل تنظيم الدولة ويستخدم أيضا لعرقلة اتصالات هذا التنظيم.

وفي منبج، التي استولت عليها ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية في آب/ أغسطس الماضي، أصبح لدى الولايات المتحدة الآن موقعان استيطانيان. في الأثناء، تقوم الولايات المتحدة بإرسال دوريات إلى هناك لحماية قوات وحدات حماية الشعب الكردية من المتمردين السوريين، الذين يعملون في الجزء الذي لا يخضع لسيطرة تركيا في سوريا؛ والمعروف باسم جيب جرابلس، وهو ما أكدته الوكالة بشكل قاطع.

في الواقع، أكد مسؤولو الأمن التركي لموقع ديلي بيست، دقة القائمة التي قدمتها وكالة الأناضول. ومما لا شك فيه أن نشر مثل هذه المعلومات سيثير غضب الجيش الأمريكي، الذي يقود العمليات ضد تنظيم الدولة. لذلك، طلب ناطقون باسم عملية العزم الصلب، من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، والقيادة المركزية الأمريكية في تامبا بولاية فلوريدا، إعلام  "ديلي بيست" بعدم نشر المعلومات التفصيلية التي أبلغت عنها وكالة الأناضول.

وفي هذا الصدد، قال الكولونيل جو سكروكا، مدير إدارة الشؤون العامة في التحالف، "إن مناقشة عدد بعض القوات والمواقع سيوفر معلومات تكتيكية حساسة للعدو، الذي قد يعرض قوات التحالف والشركاء للخطر". كما أضاف سكروكا، "نشر هذا النوع من المعلومات سيكون غير مسؤول مهنيا، ونحن على التوالي نطلب منك الامتناع عن نشر أي معلومات من شأنها أن تضع الائتلاف في خطر".

كما طلب المتحدث باسم القيادة المركزية، الكولونيل جون توماس، من ديلي بيست الامتناع عن نشر تفاصيل عمليات التحالف على أساس أنها "قد تكون ضارة بحياة المشاركين".

في المقابل، نشرت وكالة الأناضول بالفعل المعلومات يوم الاثنين باللغة التركية، ثم أصدرتها على موقعها باللغة الإنجليزية يوم الثلاثاء. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض المواقع المدرجة في قائمة الأناضول التي تعتبر معروفة. فعلى سبيل المثال، نشرت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي اسمين لقاعدتين وبؤر استيطانية، أما مركز جسور، وهو مركز بحثي سوري، فقد نشر موقعين إضافيين في نيسان/ أبريل.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس