سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى العاصمة التركية، وما أعقبها من تصريحات أدلى بها، أثارت اهتمام العالم بأسره وخاصّةً فيما يتعلّق بخط الغاز "السّيل الجنوبي"، حيث أعلن الرئيس بوتين أنّهم استغنوا عن مشروع خط الغاز المار من بلغاريا وأنّهم بصدد تحويل هذا الخط ليمرّ عبر الأراضي التركية.

والسبب الذي زاد من أهمّية هذا التّصريح هو التّالي:

مشروع التّيار الجنوبي هو عبارة عن أنبوب لنقل الغاز الطّبيعي الروسي عبر أعماق البحر الأسود مروراً ببلغاريا إلى القارّة الأوروبية. ويبلغ إجمالي كلفة هذا المشروع 22 مليار دولار.

وكان تنفيذ المشروع قد بدأ خلال العام الماضي، إلّا أنّ الأزمة بين الروس والأوكرانيّين دفعت بالولايات المتّحدة الأمريكية والاتّحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات اقتصادية ضدّ القيادة الرّوسية. ونتيجة لهذه العقوبات، قامت القيادة البلغارية بتعليق العمل في هذا المشروع، الأمر الذي دفع بالرئيس الروسي إلى إلغاء هذا المشروع الذي يمرّ عبر الأراضي البلغارية على اعتبار أن بلغاريا دولة عضو في الاتّحاد الأوروبي ومشاركة في فرض العقوبات على روسيا.

وقد قام الرئيس بوتين خلال زيارته إلى العصمة التركية بالرّد بالمثل على الاتحاد الأوروبي والقيادة البلغارية، حيث أعلن عن إلغاء هذا الخط وتحويله ليمرّ عبر إلى الأراضي التركية. كما أعلن أيضاً أن الروس سوف ينشؤون مركزاً لتوزيع الغاز على الحدود التركية اليونانية.

من الرّابح؟

يعتقد العالم الغربي أنّ العقوبات أتت بمفعولها وأنّ الرّوس بدؤوا يدفعون ثمن أخطائهم التي ارتكبوها في أوكرانيا. لا سيما أنّ القيادة الروسية أعلنت أنّ انخفاض أسعار البترول إلى جانب العقوبات الاقتصاديّة، ألحقت بالاقتصاد الروسي خسائر بما يقارب 14 مليار دولار.

لكنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس بالقائد الذي يستسلم للوهلة الأولى، لا سيما أنّه يمتلك سلاح الغاز والبترول تجاه الدّول الغربية. ومن الملاحظ أنّ بوتين لم يتأخّر في استخدام أسلحته ضدّ الغرب، وذلك من خلال تحويل خط الغاز الطّبيعي إلى الأراضي التركية، حيث وقّع مع الرئيس أردوغان على هذه الاتّفاقية خلال زيارته الأخيرة.

ويعدّ المحلّلون الأجانب هذه الخطوة إنجازاً للسياسة التركية، حيث كتبت "نيويورك تايمز" أنّ الرّابح الوحيد من هذه الاتّفاقية هو الدّولة التركية.

ومن الفوائد الأخرى التي جنتها تركيا نتيجة العقوبات الأوروبّية على روسيا، أنّ المنتجات الزّراعيّة التي كانت تستوردها روسيا من الدّول الغربية، ستتحوّل أيضاً إلى تركيا لاستيرادها من هنا.

ولو أنّ تركيا عارضت سياسات الروس في أوكرانيا، إلّا أنّ الأتراك لم يشاركوا في تطبيق العقوبات الاقتصادية على روسيا.

باختصار: مهّدت الأزمات التي تمرّ بها الدّولة الرّوسية الطّريق لإقامة علاقات وتعاونٍ بين تركيا وروسيا. لكن على تركيا أن تأخذ بعين الاعتبار علاقاتها مع الدّول الأوروبية أيضاً وتعمل على تحقيق التّوازن بين العلاقتين.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس