رسول طوسون – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

نسمع دائمًا عن أركان ومسلمي الروهنغيا، لكننا لا نملك معلومات وافية حولهم. 

أوردت في مقالة سابقة معومات موجزة عنهم. يبلغ عدد ميانمار 53 مليون نسمة نسبة المسلمين منهم حوالي 10 بالمئة. معظمهم يعيش في أراكان أحد أقاليم ميانمار السبعة. لا يحمل المسلمون جنسية البلاد. وسأقدم اليوم معلومات أوسع.

تكمن في صميم المشكلة دوافع لا إنسانية من قبيل استعمار القوى الإمبريالية وسياسات الطاقة والتنافس الدولي على الصعيد السياسي والتطهير العرقي.

وهناك مزاعم أيضًا مطروحة من أجل إضفاء المشروعية على هذه السياسات اللا أخلاقية. تسعى الحكومة الميانمارية إلى تسويغ هذه المأساة المستمرة منذ 25 أغسطس/ آب بحجة مكافحة الإرهاب. 

بيد أن المشكلة هي نتاج عقلية إنقلابية تعود إلى ما قبل 55 عامًا. إذا كان هناك أحداث تقع ميانمار فإن المسؤولية تقع على عاتق حكومات البلاد التي لم تعترف بحق الحياة للمسلمين. لأن مسلمي الروهنغيا لم يحظوا بالتمثيل في البرلمان حتى عام 1962.

عقب الانقلاب العسكري عام 1962 حُرم المسلمون من جميع حقوقهم وتعرضوا لممارسات عنيفة من قبل الدولة، مما اضطر قرابة مليون مسلم للفرار إلى بنغلاديش. وبموجب قانون صدر عام 1982 اعتبر مسلمو الروهينغيا مواطنين بدون جنسية. 

الروهنغيا أحد الأعراق الـ136 في البلاد، لكن بينما تعترف الحكومة بالأعراق الأخرى، تنكر مسلمي الروهنغيا الذين يعيشون في المنطقة منذ القرن الثاني عشر. وتدعي أنهم هاجروا من بنغلاديش إبان الاحتلال الإنكليزي (1824-1948)، ولهذا لا يمكنهم أن يتجنسوا. 

تمادت الحكومات في اضطهاد المسلمين إلى حد أعلنت معه منظمة مراقبة حقوق الإنسان الدولية في تقرير لها عام 2013 أن المسلمين يتعرضون إلى إبادة جماعية. 

وبحسب بيانات الأمم المتحدة فإن 168 ألف من مسلمي الروهنغيا اضطروا للجوء إلى بنغلاديش ما بين عامي 2012 و2016، و87 ألفًا ما بين 2016 ويوليو/ تموز 2017. 

وتقول المنظمة الدولية إن 270 ألف مسلم فروا من أراكان منذ 25 أغسطس/ آب.

تعمل وزيرة الخارجية مستشارة الدولة الميانمارية أونغ سان سوتشي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام على تبرير المأساة الحالية بمكافحة الإرهاب. لكن عند النظر إلى ماضي الأحداث يتضح أن الأمر يتعلق بمظالم مستمرة منذ نصف قرن. 

وعلى الأخص عند قراءة انطباعات العائدين حديثًا من المنطقة، يدرك المرء أن الأمر ليس مكافحة إرهاب وإنما إرهاب تمارسه الدولة.

بطبيعة الحال ما يتوجب فعله هو الضغط من أجل إيجاد سبيل لمساعدة المسلمين، وليس صب الزيت على النار. ولهذا فإن اتصال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسوتشي وفتحه الطريق أمام إيصال المساعدات للمظلومين واقتراحه على الحكومة البنغالية تحمل تكاليف اللاجئين في حال قبولها لهم، إضافة إلى اتصالاته مع زعماء العالم، كل ذلك يعتبر مبادرة دبلوماسية في غاية الأهمية والنجاح. 

كما أن توجه عقيلته أمينة إلى المنطقة مع وفد رسمي خطوة جديرة بالتقدير على صعيد نقل القضية إلى الساحة الدولية. 

اكتفت الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا وباكستان وماليزيا بالإدانة، بل إن الولايات المنحدة أعلنت أنها لا تعتزم ممارسة ضغط على الحكومة الميانمارية. 

الناشط الحقوقي في أراكان عمران الأراكاني، قال إنهم أحصوا 7 آلاف و354 قتيلًا، و6 آلاف و541 جريحًا من الروهنغيا منذ بداية حملة الإبادة الأخيرة.

سأتحدث في مقالة لاحقة عن مدى نفوذ سوتشي على الحكومة في ميانمار، وقضية جيش تحرير روهنغيا أراكان، ذريعة الحكومة في أحداث العنف الحالية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس