ترك برس

مع بداية العام الدراسي الجديد، تدفق آلاف الطلبة الأجانب للدراسة في الجامعات التركية ومن بينهم أعداد كبيرة قدموا من دول تعاني حروبا وأزمات سياسية كاليمن وسوريا والعراق وليبيا وفلسطين، وآخرون ملاحقون في بلدانهم على خلفيات سياسية أو عرقية مثل المعارضين المصريين وأبناء أقلية الإيغور في الصين.

وبحسب تقرير لشبكة "الجزيرة" القطرية، فإن هؤلاء الطلاب الأجانب يعيشون في تركيا ظروفا شديدة الخصوصية، فغالبا هم ينحدرون من أسر غادرت بلدانها للإقامة في المهجر، ولا يمكنهم العودة إلى ديارهم في كثير من الأحوال.

ويُشير التقرير إلى أن هؤلاء الطلاب يواجهون مشكلات في استصدار وثائقهم الثبوتية أو تجديد جوازات السفر، لرفض سفارات بلدانهم التعامل معهم في كثير من الأحيان، كما يعانون من ضيق مالي وأزمات تتعلق بتوفير تكاليف الدراسة ونفقات الإقامة والسكن، الأمر الذي يعرقل انتظام حياتهم الدراسية، ويدفعهم لتأجيل فصول منها للعمل وتوفير النفقات.

تقرير الجزيرة، سرد قصة الشاب قدير رحمان الذي يبذل جهودا كبيرة لتوزيع وقته بين العمل في مطعم خاص بالمأكولات الإيغورية ودراسته لبرمجة الحاسوب بجامعة إسطنبول التركية، التي التحق بها مع بداية العام الدراسي الجديد.

حضر رحمان بحجة زيارة أقارب له في تركيا، وقرر البقاء فيها ليبدأ مسيرته التعليمية ولكن في ظروف يلخصها بالقول إنها بالغة الصعوبة، إذ يضطر لكتمان خبر التحاقه بالجامعة خشية "بطش" السلطات الصينية بعائلته المقيمة في إقليم تركستان الشرقية، الذي تسكنه أغلبية من المسلمين الإيغور وتسميه بكين إقليم "شينغيانغ".

ووفقا للشاب الإيغوري، فإنه عاجز عن استقبال أي حوالات مالية من عائلته حتى لا يعرضها للمساءلة، الأمر الذي يضطره للعمل كي ينفق على نفسه وعلى دراسته بانتظار "أيدي الخير" التي سمع الكثير عن نشاطاتها في تركيا.

ويُضيف التقرير أن ظروف هذه الشريحة الطلابية شدّت انتباه مؤسسة "إنسانية" التي أسسها الناشط المصري في مجال الإغاثة أشرف عبد الغفار قبل أربع سنوات في تركيا، لإغاثة المنكوبين من الدول التي تعاني من الأزمات السياسية.

فقد شرعت "إنسانية" منذ 2016 بتنفيذ "مشروع دعم الطلبة في إسطنبول" كواحد من مشاريع إغاثة الطلبة القادمين من دول الأزمات، والذي توفر من خلاله كفالات للمحتاجين منهم بتمويل من جمعيات خيرية خليجية أهمها جمعيتا "قطر الخيرية" و"راف" القطرية.

ويحدد عبد الغفار معايير المساعدة التي تقدمها المؤسسة للطلبة في أن يكون المتقدم لها طالبا يحمل قيد الالتحاق بالجامعة، وضمن الفئة العمرية الأكثر قربا للدراسة الجامعية، وأن يكون مقيما في إسطنبول، وأن يثبت حاجته للمعونة من خلال مقابلة تجريها معه المؤسسة.

ويشير الناشط المصري إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه العمل في إغاثة الطلبة القادمين من بلاد الأزمات من بينها الارتفاع المتسارع في أعدادهم مقارنة بقدرات مشاريع الدعم الموجهة لهم، وتخصص بعض الجهات الداعمة في مساعدة طلبة دول محددة وفقا لبرامجها وأولوياتها.

وتشير المعطيات الرسمية التركية إلى أن أكثر من 87 ألف طالب أجنبي من 181 دولة سجلوا في مراحل دراسة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في العام الدراسي الماضي، يتقدمهم الآذريون وطلبة تركستان الشرقية، في حين حل الطلبة السوريون ثالثا بعدد يتجاوز 15 ألف طالب، يليهم الإيرانيون فطلبة العراق.

ويرى الناشط في مؤسسة "إنسانية" كريم محمد أن طلاب بلاد الأزمات في تركيا يواجهون إضافة لظروفهم الخاصة ما يواجهه عموم الطلبة الأجانب من تحديات، وأهمها تعلم اللغة التركية وتوفير السكن وتأمين عمل يوفر لهم نفقاتهم، حسبما أوردت "الجزيرة" في التقرير.

ويقول الناشط المصري، إن المؤسسة أطلقت برامج تلبي هذه الاحتياجات الثلاثة ومنها المشروع التعاوني مع فريق "أجنبي في تركيا"، الذي أطلق مبادرة "تعلم وتكلم" القائمة على تدريس اللغة التركية للطلاب العرب وفتح باب الحوار في الوقت ذاته بينهم وبين أتراك يتكلمون اللغة العربية.

ولفت كريم النظر إلى أن حاجة الطلاب القادمين من بلاد الأزمات للعون دفعت المؤسسة لوضعهم على أجندة خدماتها جنب إلى جنب مع الخدمات الإغاثية الأخرى التي توفرها، مثل حملة "أمل" التي تنفذها منذ سنوات عدة عبر جمع ملابس مستخدمة في إسطنبول وبيعها بأسعار رمزية يتم إنفاقها على مشاريع للمحاصرين في الداخل السوري.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!