ترك برس

يرى مراقبون وخبراء سياسيون أن تركيا لن تسمح بأي تطور يجعل تركمان العراق ضحايا لحرب أهلية قد يجلبها انفصال إقليم كردستان العراق، وقد تلجأ إلى تنفيذ عملية إنزال بري كبيرة بما ينسجم مع اتفاقية الموصل التاريخية، على غرار عملية قبرص عام 1973.

وخلال حديثه لشبكة الجزيرة القطرية، يقول الباحث في مركز أنقرة للدراسات الإستراتيجية جاهد توز إن مشكلة تركيا الأساسية لا تكمن بتوجه أكراد العراق للاستفتاء، بل بمشاريع تقسيم المنطقة التي تخطط لها قوى خارجية عبر توظيفهم لذلك.

ويشير توز إلى أن تركيا ترفض الاستفتاء لأن انفصال الإقليم هو جزء من مخطط سيؤدي إذا تم إلى فصلها جغرافيا عن جوارها العربي، وسيمنح "القوى الإرهابية" ميدانا يتيح لها التحرك الفعال، وسيفتح المجال لتقسيم دول أخرى، الأمر الذي يعني إلحاق الضرر بكثير من البلدان ومن بينها تركيا.

وشدد توز على أن تركيا تدرك أن الولايات المتحدة الأميركية هي صاحبة قرار إجراء الاستفتاء، لافتا إلى أن أردوغان سيناقش الأمر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعدما تيقن أن قرار إجراء الاستفتاء وإلغائه بيد واشنطن وليس بيد رئيس الإقليم مسعود البارزاني.

ولم يستبعد الباحث التركي لجوء بلاده إلى الخيار العسكري إذا جرى الاستفتاء، مؤكدا أن أنقرة تضع سلامة التركمان في كركوك وأمنهم نصب عينيها، ولن تسمح بأي تطور يجعلهم ضحايا لحرب أهلية قد يجلبها انفصال الإقليم.

وكان مئات من التركمان قد شاركوا في مظاهرة شهدتها مدينة إسطنبول الأحد لمطالبة تركيا بالتدخل لمنع إجراء الاستفتاء، محذرين من أن انفصال الإقليم سيدفع بالمنطقة إلى النار التي سيكونون أول ضحاياها، وفق ما قال متحدثون في المظاهرة.

من جهته، لفت المحلل السياسي العراقي نظير الكندوري النظر إلى أن تركيا قد تلجأ إلى تنفيذ عملية إنزال بري كبيرة لحماية التركمان الذين يتركزون في مدينة كركوك، بما ينسجم مع اتفاقية الموصل التاريخية التي أعطت لتركيا الحق في حماية المكون التركماني في المحافظة باعتبارها منطقة متنازع عليها.

وأشار -خلال حديثه لشبكة الجزيرة- إلى أن تركيا سبق أن نفذت عملية كبرى مماثلة لحماية الأتراك في الشطر الشمالي لجزيرة قبرص في العام 1973، نجم عنها تأسيس ما يعرف اليوم بـ"قبرص التركية".

ولم يستبعد الكندوري أن تلجأ تركيا إلى سيناريو تدخل عسكري بري متزامن مع تدخل إيراني، تحت مباركة أميركية أو غض طرف من قبل واشنطن على الأقل، لافتا إلى أن ذلك يعتبر فرصة كبيرة لتركيا لمواجهة حزب العمال الكردستاني بريا في عمقه الجغرافي.

ووفقا للكندوري، فإن تركيا لن تسمح بإجراء الاستفتاء لاعتبارات كثيرة، أهمها أنه سيمثل مرجعية شرعية لأي جهة سياسية كردية قد تطالب بالانفصال مستقبلا، الأمر الذي يهدد بسلخ مساحة كبيرة تصل إلى نحو ثلث الأراضي التركية التي يقيم عليها أكثر من 15 مليونا.

كما رأى أن حكومة حزب العدالة والتنمية تدرك أن أي تحرك انفصالي قد يثيره انفصال إقليم شمال العراق ستستغله المعارضة لتحشيد الشعور القومي ضدها.

ورجح الكندوري أن يتراجع رئيس إقليم كردستان العراق في اللحظات الأخيرة عن إجراء الاستفتاء، كي لا يغامر بمصير الشعب الكردي، لإدراكه لجدية دول المحيط الثلاث (تركيا وإيران والعراق) في منع إجرائه.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!