متة يارار – صحيفة قرار – ترجمة وتحرر ترك برس

أظهرت البيانات الصادرة عن حلف الناتو  بخصوص منظومة إس-400 اختلافًا في الرؤية بين أعضاء الحلف. فالأمانة العامة قالت إن الخيار عائد تمامًا لتركيا، في حين صدرت بيانات معاكسة تمامًا عن الجناح العسكري للحلف.

وأفاد الجناح العسكري أنه في حال استخدام تركيا هذه المنظومة فإنها ستخرج من نظام الحماية الخاص بالناتو. هذا الخطاب كشف وجود وجهات نظر مختلفة داخل الحلف.

فبينما لا يرغب الجناح الأوروبي بالخوض في الموضوع أكثر من اللازم، لاحظنا أن الولايات المتحدة لجأت إلى أساليب مختلفة من أجل عرقلة اختيار تركيا للمنظومة. وهناك سببين رئيسيين لذلك:

الأول، على خلاف الناتو، لدى الولايات المتحدة مخطط للهيمنة على العالم. وأحد العناصر الأساسية لهذا المخطط هو جعل تركيا في حال نزاع دائم مع روسيا، ويفرض على أنقرة الوقوف إلى جانب واشنطن واعتبار موسكو تهديدًا دائمًا.

لكننا نعلم جميعًا أن اختيار منظومة إس-400 ليس مجرد انتقاء سلاح فحسب، بل إنه الميزة الأوضح في تحديد الصديق والعدو خلال المرحلة القادمة.

بمعنى أن تركيا لا تعتبر في المستقبل القريب روسيا عدوًّا محتملًا. وهذا ما يثير الانزعاج لدى الولايات المتحدة في الحقيقة.

السبب الثاني، هو أن الولايات المتحدة تضع أمن أراضيها أساسًا لجميع مخططاتها الدفاعية. ولهذا فإن السيطرة على الطرق المائية تتمتع بأهمية قصوى بالنسبة لها. وهذا هو السبب في أن حجم الأسطول الأمريكي أكبر من إجمالي أساطيل البلدان العشرة التي تأتي بعده.

التقدم السريع على صعيد العلاقات التركية الروسية يوجه ضربة كبيرة لمحاولات أمريكا محاصرة روسيا من الجنوب. وهذا من الأسباب التي تجعل واشنطن تعترض بصوت عالٍ على تركيا، في حين لم تنبس ببنت شفة إزاء امتلاك اليونان منظومة إس-300.

إذا كانت تركيا تريد المحافظة على منطلقها القومي فينبغي عليها أن لا تكون جزءًا من المخططات الاستراتيجية للبلدان الأخرى. وعليها أن تفتح الباب أمام من يريد التعاون معها، وأن تواصل هذا التعاون ما دام يخدم مصالحها.

ولكي تتمكن من القيام بهذه الخيارات، عليها حل ثلاث قضايا بشكل عاجل. أولًا، إيجاد حلول للتخلص من التبعية للخارج في مجال الطاقة. ثانيًا رفع الاكتفاء الذاتي في الصناعات العسكرية إلى ما فوق 80%. وأخيرًا إيجاد حل للعجز الجاري، وهو ما يقتضي تحقيق تطور في مجال التكنولوجيا.

كلما زاد الصراع بين البلدان المتعددة اكتسب أمن الطرق المائية أهمية أكبر. ستتركز النزاعات في هذه المجالات، والساحة الأولى للنزاع ستكون المحيط الهادئ، أما الثانية فمسرحها حوض البحر المتوسط. وعليه فإن المشاكل تجاوزت مسألة شراء تركيا منظومة إس-400، منذ زمن بعيد.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس