متة يارار – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

أثبتت الأحداث أن الجيش والاستخبارات التركيين لم يخطئا في تحليلاتهما بشأن عملية عفرين. لأنهما كانا يتوقعان مواجهة تنظيم إرهابي تخفى في الأنفاق وأعد تحصينات دفاعية.

ورأينا أيضًا أنهما لم يخطئا في تقدير عدد الإرهابيين، فالعملية ما زالت في بداياتها، وعدد قتلى الإرهابيين تجاوز 1500. وكان من المنتظر حدوث هجمات بمضادات الدبابات ومدافع الهاون، وهذا ما حدث فعلًا.

 ما لم يكن معروفًا بشأن عملية غصن الزيتون فقط هو حجم القوة العسكرية اللازمة في الميدان، وهذا ما بدأ يتضح مع تقدم العملية، حيث تتم تلبية الحاجة عبر استقدام العناصر المختصة في المناطق الأخرى.

كان الجيش والاستخبارات يعلمان كيف ستتصرف البلدان الأخرى، التي اتخذت مواقف كما كان متوقعًا. ما لم يكن معروفًا هو ما سنفعله نحن. أي أننا نحن الصندوق الأسود هذه المرة.

لم تكن البلدان الأخرى تعرف إلى أي حد ستتقدم القوات التركية وكيف ستكون علاقاتنا مع "حلفائنا" المزعومين. لأنها لم تكن تملك الكثير من الأدوات لتقييد تحركاتنا، ولم تكن ترغب بالتفريط بها دفعة واحدة.

هذه المرة تملك تركيا من الأدوات ما يتيح لها الجلوس في موقع قوي على طاولة المفاوضات.

فهناك أولًا حكومة قوية في مواجهة الولايات المتحدة، وشعب توصل إلى اتفاق مشترك لحل الأزمة السورية، وجيش قادر على تلبية احتياجاته لتنفيذ العملية من مصادر محلية في الصناعة الدفاعية، ومنظمات مدنية أجرت أنشطة المساعدة في سوريا وحققت نجاحًا في ذلك، ودائرة عمليات خارجية قوية في جهاز الاستخبارات، إضافة إلى الجيش السوري الحر الذي اكستب ثقة بنفسه. بمعنى أن حقيبة تركيا حافلة هذه المرة بأوراق الضغط.

حتى أن تركيا تقف في مواجهة الولايات المتحدة، وهي لما تستخدم بعد ورقة قاعدتي "كورجيك" و"إنجيرليك".

يطالب شعبنا من حين لآخر بإغلاق إنجيرليك والانسحاب من الناتو. غير أني أفكر بطريقة مختلفة في هذا الشأن. إذا أغلقت تركيا قاعدتي إنجيرليك وكورجيك منذ بداية الأمر، فإنها ستبدأ بفقدان أوراق الضغط التي تملكها.

تركيا دولة عريقة بحيث لا تتخذ مثل هذه القرارات على عجل، وهي كذلك قوية إلى حد يمكنها من اتخاذ قرار إغلاق القاعدتين المذكورتين في الوقت المناسب.

ولهذا فإن المطالبة بعدم دخول الجيش التركي عفرين، وإغلاق القواعد العسكرية في وجه الولايات المتحدة يعني سحب أوراق الضغط من يد تركيا.

إن لم يدخل الجيش التركي عفرين يمكن لحزب العمال مواصلة وجوده في المدينة والمنطقة. وكذلك مسألة قاعدة إنجيرليك، فما دمنا ضمن التحالف الدولي يمكننا الحصول على معلومات عما يدور، وبالتالي يمكننا الحيلولة دون فرض أمر واقع علينا.

كنا نأسف دائمًا في السابق لأننا نحقق النصر في الميدان، إلا أننا نخسر على طاولة المفاوضات. أما اليوم فقد بدأنا نكسب في الميدان وعلى الطاولة. وهذا بفضل امتلاء حقيبتنا بأوراق الضغط.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس