فخر الدين ألطون – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

هناك مساعٍ كبيرة من أجل خلق جو من الاقتتال الجديد يستمر على مدى فترة طويلة في منطقتنا. عندما نجمع أجزاء الصورة يظهر المشهد بشكل واضح. ومن جملة هذه المساعي تهيئة البيئة لنشوب اشتباك ساخن بين إيران والسعودية، ودفع البلدين إلى شفير الحرب. 

لم تكتفِ الولايات المتحدة في عهد رئيسها السابق بالتغاضي عن سياسة إيران التوسعية، بل وفرت لها الدعم خلسة. والسبب في ذلك رغبة واشنطن في كسر "الهيمنة السنية" وإقامة توازن جديد. 

لا شك أن الهدف الأصلي هو إثارة صراع سني- شيعي في المنطقة، وللأسف، لم تخرج الإدارة الجديدة عن نهج سابقتها. ويجب ألا ننخدع باعتبار ترامب إيران تهديدًا رئيسيًّا، وباتهام  سلفه أوباما بإتاحة الفرصة أمامها للتوسع. 

فالإدارة الجديدة أيضًا تسعى للإقدام على خطوات تذكي الصراع السني- الشيعي في المنطقة، وفي هذا الإطار تعمل على توكيل السعودية ودفعها لمواجهة مع إيران. وتبدو إعادة ترتيب الأوراق في السعودية جزءًا من هذه العملية. 

عقب استقالة الحريري بدأت السعودية تدلي بتصريحات تستهدف حزب الله. فقد قال وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان إن السعودية تعتبر لبنان بلدًا أعلن الحرب عليها بسبب نفوذ إيران وسياسات حزب الله فيه.

بدوره اعتبر وزير الخارجية عادل الجبير التصرفات الإيرانية في الآونة الأخيرة "عدائية" وتحدث عن "الرد عليها في الوقت المناسب". أما ولي العهد محمد بن سلمان فحمل إيران مسؤولية الهجوم الصاروخي على الرياض، وأكد أن الحادث بمثابة إعلان حرب. 

وبعد اليمن، ها هي جبهة جديدة بين السعودية وإيران تفتح في لبنان. كتبت في مقالة سابقة أن استقالة الحريري تعتبر  الأرضية لصراع جديد في المنطقة. والأمر الواجب التركيز عليه الآن هو الحيلولة دون اندلاع حرب مباشرة بين السعودية وإيران، لأنها ستقلب المنطقة رأسًا على عقب، وتسبب لها صدمات عميقة. 

علينا أن نرى المؤامرة الكبيرة والشريرة. لا شك في أن الاستراتيجيات الخاطئة لدول المنطقة وسعي النخب الحاكمة فيها لكسب مساحة في السياسة الداخلية يسهل مناورات وتدخلات القوى الخارجية. والأمر المؤكد أننا نواجه سياسة تقسيم جديدة تتبعها القوى الخارجية في المنطقة. 

القوى المذكورة تعمل من جهة أخرى على مفاقمة الأزمة السورية، وعرقلة أي خطوة باتجاه حلها، وتسعى من أجل عدم إضعاف السياسة الانفصالية في شمال العراق، وتحافظ على استمرار دعايتها القائلة إن على الغرب عدم التخلي عن حلم كردستان. 

بينما كانت منطقتنا تشهد هذه المستجدات وصلنا الثلاثاء الماضي مع رئيس الوزراء بن علي يلدريم إلى الولايات المتحدة. 

لا تقتصر الجهود التركية على حماية أمنها القومي واستقرارها السياسي ورخاءها الاقتصادي فقط في خضم هذه الفوضى، وإنما تسعى إلى التخلص من هذا الجو المخيم على المنطقة في نفس الوقت. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس