غولاي غوك تورك - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

بما أنّ للصبر حدود لدى كل إنسان، و لكل دولة ومجتمع كذلك، فإن صبري بدأ ينفذ، وأعتقد أن غالبية مجتمعنا تشاركني هذا الاتجاه، فتصريحات الناطقين باسم الاتحاد الأوروبي بخصوص عملية 14 ديسمبر/ كانون الأول، تعتبر قمة في الوقاحة و الغرور، و قلة احترام بحق 77 مليون نسمة.

فإطلاق تهديدات دون امتلاك أدنى قدر من المعلومات بخصوص التحقيقيات الجارية بالقول إنه "يجب إطلاق سراح الصحفيين المعتقلين"، و توجيه اتهامات تدعي "حرية الصحافة في تركيا تحت الأقدام"، بسبب وجود بعض الصحفيين بين المعتقلين، و الخروج بتنبؤات تقضي بأن "تركيا تخلت عن فكرة الانضمام للاتحاد الأوروبي"، تفرض عليك أن تكون في أدنى حدود الأدب للقيام بكل ذلك.

هل تعتقدون بأن أحد مسؤولينا لدى سماعه خبر اعتقال بعض الأشخاص في ألمانيا أو فرنسا أو إيطاليا سيطالب بـ "إطلاق سراح المعتقلين" دون أن يكون على إطلاع بالموضوع؟

هم يرون أنفسهم محقين في القيام بذلك...!

مسؤولو هذه المؤسسة المهمة، والذين يدلون بمحاضرات للجميع حول سيادة القوانين، يرون أنفسهم محقين للتدخل في الشؤون القضائية لإحدى الدول و تشويه ديمقراطيتها، والتواقح بتوجيه التهديدات لهذه الدول بمجرد الهمس في آذانهم بشائعة ما ومن ثم صمها عن سماع أي شيء آخر.

***

رغم غضبي من هؤلاء، إلا أنني لن أتفاجأ منهم بعد اليوم.

في الواقع أنا متفاجئة من أولئك الأشخاص، ممن يعيشون بيننا، و لم يبدوا أي انزعاج من هذه التهديدات، بل لبسوا الأسود حزناً لـ "تشويه صورتنا". أريد أن أسأل هؤلاء، لماذا صورتنا هي التي شُوهت؟ لم لا تتكلمون عن تشويه صورة أولئك الجهلة و قليلي الحياء، لدرجة أنهم قد يطلبون منا التغاضي عن المخططات التي تُحاك ضد بعض الأشخاص بحجة حفظ ماء وجه صورتنا. لا أستطيع تقُّبل هؤلاء الأذلاء، على الإنسان أن يكن ببعض الاحترام لنفسه و لوطنه، كيف يمكن أن تتجاهل قلة الاحترام هذه؟ و بغض النظر عن صورة البلد، ألا يمكنكم التمييز بين الطرف المحق و الطرف المخطئ؟

ألا ترون!! إنهم في الحقيقة لا يهتمون مثقال ذرة بأوضاعنا، و لا بالأحداث التي تشهدها تركيا، و لا يجهدون أنفسهم و لو قليلاً لفهم ما يجري هنا. لرؤية ما يدور حولك يجب أن تكون عيناك مفتوحتان، فإن كانت الأحكام المسبقة والهواجس والخرافات المعاصرة والتعصب والغطرسة والجهل قد أعمتك عن رؤية حقيقة ما يجري من حولك، فإنك لن ترى إلا ما تريد رؤيته وما يحقق مصالحك، في هذه الحالة لا يمكننا تحريك أي ساكن تجاه هذا النوع من العمى.

هكذا هي الحال في علاقتنا مع الغرب، و لهذا السبب، أود أن أخاطب أولئك الذين يشتكون من "تشويه صورتنا"، وأقول لهم: في الوقت الحالي من يعاني من تشويه صورته ليس تركيا، بل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، هم من خانوا قيمهم وتخلوا عن مبادئهم، و يمكننا رؤية ازدواجية معاييرهم دون الشعور بأي خجل في صفحات التاريخ الحديث.

دققوا النظر معي، ما زالت غوانتانامو ماثلة هناك بكل صفاقة، و تلال الجثث التي تركوها خلفهم في كلٍ من العراق وأفغانستان، إضافة لصور التعذيب المسربة من غياهب السجون السورية، والشهداء الذين تراكموا فوق بعضهم البعض في ميدان رابعة العدوية، ما هي إلا بعضاً من نتاجات "حضاراتهم".

 و كيف توسعت ابتساماتهم بعد انقلاب السيسي، في الوقت الذي لم تستطع فيه ارتفاع صرخات الإغاثة لأطفال غزة من تحريك ضمائرهم النائمة، بالرغم من ذلك كله، تراهم مازالوا يعطوننا دروساً عن الحقوق والقوانين وحريات الصحافة.

ما أود قوله هنا، توقفوا عن قلقكم الدائم تجاه ما ستؤول إليه صورتنا، بل دعوا القلق و الهواجس لهم لتصحيح صورتهم، فمن لا يرى بشكل كلي، يقلق..

عن الكاتب

غولاي غوك تورك

كاتبة في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس