محمد سولماز - ترجمة وتحرير ترك برس

"نعم يا سيدي القاضي، هل سأصف تفاصيل المخطط؟" بينما كان رضا ضراب يُوجه هذه الجملة إلى القاضي، ريتشارد بيرمان، في القضية المنظورة حاليا في نيويورك، كان الجميع في تركيا تقريبا، بمن في ذلك الموالون للحكومة والمعارضون، يسألون السؤال نفسه: "هل تعهد ضراب بما سيقوله لإنقاذ نفسه خلال المساومة، وأي تهمة يحاولون إلصاقها بتركيا؟".

وفي حين أن ما يطلق عليه الاعترافات التي تم التفاوض عليها مسبقا ما تزال مستمرة، كما هو متوقع، أود أن ألفت الأنظار إلى جبهة الإمارات العربية المتحدة في هذا التحالف متعدد الأطراف. في البداية، سيكون من المفيد أن نتطرق إلى علاقات هذا البلد الخليجي مع قضية ضراب بالنظر إلى مخططات الإمارات ضد تركيا في السياق الإقليمي، مع التركيز على آخر تحركات وسائل الإعلام الإماراتية التي تستهدف تركيا.

شهادة مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في قضية ضراب عبر إسرائيل والإمارات

تعمل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أو "إف بي دي" بتمويل من الملياردير الأمريكي شيلدون أديلسون الذي يعد أحد أبرز مؤيدي إسرائيل، وهي مؤسسة معروفة بانتمائها لتيار المحافظين الجدد ومعاداتها لتركيا، ويرأسها مارك دوبويتز ونائبه الأول،  جوناثان شانزر. وقد برز كلاهما في قضية ضراب بوصفهما شاهدي إثبات. اضطلعت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بدور جوهري في تقارب إسرائيل والإمارات ووضع أهداف مشتركة للبلدين.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد قد التقيا سرا في نيويورك في عام 2012. وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في يوليو/ تموز 2017 أن الرجلين دخلا الفندق الذي التقيا به من موقف للسيارات تحت الأرض وصعدا إلى جناح نتنياهو في أحد الطوابق العليا في الفندق في مصعد الخدمة.

لكن العلاقات بين مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ودولة الإمارات برزت للمرة الأولى مع اختراق البريد الإلكتروني لسفير الإمارات لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، في يونيو/ حزيران. وكشفت الرسائل المسربة المتبادلة بين العتيبة ودوبويتز وشانزر أن السفير الإمارتي كان يتعاون مع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات المؤيدة لإسرائيل، بينما أظهرت بعض المناقشات عبر رسائل البريد الإلكتروني الجهود الرامية إلى تطوير سياسات مشتركة ضد تركيا وقطر.

وبعد شهر من التسريب، وقبل عدة أيام من محاولة الانقلاب التي جرت في 15 يوليو/ تموز، التي دبرتها منظمة فتح الله غولن الإرهابية (فيتو)، نظمت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والإمارات برنامجا مدته ثلاثة أيام، تناول عددا من الموضوعات مثل "مناقشة التطورات التركية: الآثار المترتبة على الرئاسة التنفيذية لأردوغان". وفي أيلول/ سبتمبر 2016، وبعد شهرين من هذا البرنامج، اجتمع وزيرا خارجية الإمارات وإسرائيل في نيويورك.

وغني عن البيان أن تركيا والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، هما الهدفان الرئيسيان لجبهة الدفاع عن الديمقراطية التي لعبت دورا رئيسيا في الجمع بين إسرائيل والإمارات.

وفيما يتعلق بمسؤولي مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الذين أدلوا بشهادتهم في قضية ضراب، فقد حكم القاضي بعدم السماح باستجواب المانحين الخارجيين للمؤسسة، واستجواب المانحين الآخرين. وعلى الرغم من أنه لا يتعين على مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أن تعلن علنا عن جميع الجهات المانحة ومصادرها المالية وفقا للقانون، فإن إصرار المدعي العام على هذه النقطة وفتح تحقيق منفصل بشأن هذا الموضوع كان غريبا. ووفقا لمصادر تتابع المؤسسة عن كثب، فإن دولة الإمارات تبرعت لها سرا، وأن إخفاء ذلك يبدو في صالح الطرفين.

دوبويتز وشانزر وآخرون

خلال الساعات الأولى من محاولة الانقلاب في 15 تموز، كتب دوبويتز رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات على حسابه في موقع تويتر: "ما هو الرد الصحيح على انقلاب ضد نظام يسير في تدمير الديمقراطية؟" والجواب لا شيء إلا سقوط تركيا في النهاية التي استهدفها دوبويتز لسنوات في مجلة فورين بوليسي. وفي مقال مشترك مع شانزر بعنوان "هجوم الذهب الإيراني التركي"، نشر في مجلة فورين بوليسي بعد يوم واحد فقط من مؤامرة 25 كانون الأول/ ديسمبر، قال دوبويتز إن نقل الذهب إلى إيران مقابل الغاز والنفط استمر بعد قرار الكونغرس بحظر ذلك. كما زعم في المقال أن المعاملات المشبوهة بين إيران وتركيا يمكن أن تتجاوز 119 مليار دولار اعتمادا على وسيلة إعلامية تابعة لتنظيم غولن الإرهابي.

يُعرف شانزر نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهو شاهد آخر في قضية ضراب، بأكاذيبه وافتراءاته على تركيا في المقالات التي كتبها عن حماس أو داعش. وعندما غصت وسائل الإعلام بتقارير حول  تسليم القس الأمريكي، أندرو برونسون، في مقابل تسليم فتح الله غولن، واصل شانزر هجومه القميء على تركيا بالقول: "يجب على كل أمريكي أن يعرف اسم أندرو برونسون، وأن يعرف أن رئيس تركيا سفاح دموي".

أما الأسماء الأخرى في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فتاريخها ليس نظيفا إطلاقا. وكان النائب البرلماني السابق عن حزب الشعب الجمهوري، أيكان إزدمير الذي صدر أمر بالقبض عليه بتهمة تقديم أدلة وهمية في القضية، وجون حنا الذي اقترح قبل شهر من محاولة الانقلاب تدخل الجيش التركي، قد عُيّنا في المؤسسة.

في مقالة نشرتها مجلة فورين بوليسي في 15 حزيران/ يونيو 2016 بعنوان "كيف نحل مشكلة اسمها أردوغان؟" كتب حنا أن "تركيا تسير ببطء ولكن بشكل مؤكد باتجاه الهاوية". وفي هذه المقالة ادّعى حنا أن الجيش التركي قد ينقلب على أردوغان حتى "ينقذ" تركيا من الإرهاب وتفاقم المشاكل مع الغرب، مشيرا إلى أن تدخل الجيش لا يمكن استبعاده تماما. عندما كتب حنا هذه المقالة، كان ضراب قد أمضى ثلاثة أشهر في السجن الأمريكي. وتمضي المقالة نفسها فتشير إلى أن ضراب قد يعترف، وبالتالي فإن القضية قد تضم تركيا أيضا وتتجاوز مسألة التهرب من العقوبات المفروضة على إيران. وختم حنا مقاله بتعبيرات من قبيل أن "مشكلة أردوغان تزداد سوءا" و"من المرجح أن يأتي يوم الحساب". وأرفق حنا هذه المقالة التي تتهم مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والإمارات بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في تركيا، برسالة بريدية بعث بها إلى السفير الإماراتي، وختمها بالقول "نتشرف أننا شركاء معكم". وعلى الرغم من أن كثيرين ينظرون إلى هذه العبارة على أنها مزاح بين الرجلين، فإنها تبدو أكثر من مجرد مزحة بسيطة عند النظر في جميع جوانب القضية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس