محمد سولماز -  ترجمة وتحرير ترك برس

العلاقة بين الإمارات وتنظيم غولن ورحلات ضراب إلى دبي

كتب ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع ميدل إيست آي، المعروف  بتقاريره الاستخباراتية الخاصة، أن الإمارات حولت أموالا إلى الانقلابيين في تنظيم غولن عبر محمد دحلان، وتواصلت مع غولن في الأسابيع التي سبقت محاولة الانقلاب. كما أجرت محطة تلفزيون الغد التي تبث من مصر ويملكها محمد دحلان عضو حركة فتح الذي فر من غزة بعد التحقيق في الفساد، مقابلة مع غولن. وخلال المقابلة التي بثت بعد ثلاثة أسابيع من محاولة الانقلاب، دعا غولن الغرب إلى الإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية والقضاء على الرئيس أردوغان.

وقد طرحت عدة وسائل إعلامية تعمل في الإمارات، من بينها قناتا "سكاي نيوز العربية" و"العربية" بعض المزاعم التي لا أساس لها من الصحة، مثل نجاح الانقلاب، وأن الرئيس أردوغان فر إلى الخارج. وألمح وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، إلى الإمارات حين قال: "إننا نعرف إن دولة مسلمة قدمت دعما ماليا بقيمة 3 مليارات دولار لمحاولة الانقلاب في تركيا وبذلت جهودا للإطاحة بالحكومة بطرق غير مشروعة". أصدرت وسائل الإعلام في الإمارات كثيرا من البرامج  في كل من منافذها الإنجليزية والعربية التي تبيض صفحة تنظيم غولن في أعقاب محاولة الانقلاب، وفي الوقت نفسه سرعت الإمارات من خطواتها ضد تركيا.

تعد إمارة دبي، من أهم محاور قضية ضراب. ويقول من لديهم دراية بالإجراءات التجارية إن الإمارات العربية يجب أن تخضع للمساءلة لأن تجارة الأغذية أو الذهب قد تمت عبر دبي، وطرحت أسئلة مثل، إذا تم شراء الطعام في الإمارات، فأين تفاصيل الأنشطة في دبي؟ وأين توجد السجلات والبيانات الجمركية؟ وما مآل الأموال التي حولت إلى الدرهم الإماراتي؟.

ما يزال من الغريب أن تركيا هي الوحيدة المستهدفة، على الرغم من أن كثيرا من البنوك وشركات الصرافة والأشخاص المقيمين في الإمارات تورطوا في الحوادث المزعومة. ومن المحتمل أن تكون العلاقات بين رؤساء مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الذين يدلون بشهاداتهم في القضية ودولة الإمارات قد وجدت حلا لتورط إمارة دبي في القضية قبل أن تبدأ. وإذا قرر ضراب حقا الاعتراف منذ أشهر، ثم احتجزه مكتب التحقيقات الفدرالي بعد الإفراج عنه من السجن، فمن الممكن جدا أن جميع هذه الجوانب بتفاصيلها كلها قد تم التفاوض عليها مسبقا. ومن الممكن أيضا أن دولة الإمارات لم تقدم على عمل تجاري محفوف بالمخاطر بالنظر إلى الأسئلة المذكورة آنفا، وقدمت الوثائق التي تدين ضراب، وقد تلفق بطبيعة الحال وثائق وأدلة كاذبة إذا أرادت ذلك.

الإمارات والدعاية السوداء للصحفيين الهاربين

ظهر موقع "أحوال تركية" في الشهر الماضي، ويتولى رئاسة تحرير الموقع ياووز بيدار، ويرأس القسم التركي فيه إلهان تانير، بينما يتولى إرغون باباهان رئاسة القسم الإنجليزي، وغسان إبراهيم رئاسة القسم العربي.

في مقابلة مع موقع أحوال بهدف الترويج له أبدى يافوز بيدار الملاحظات التالية التي يمكن أن تجيب عن كثير من الأسئلة: "بعد محاولة الانقلاب مباشرة، غادرت تركيا بسبب حدسي القوي بأننا نحن الصحفيين سوف نتعرض لمتاعب أسوأ... اتصلت بي المجموعة العربية للاستثمار التي تعمل حصرا في مجال الإعلام في لندن منذ مدة طويلة، ورؤيتهم مهنية تماما: كانوا يفكرون أن دولة مهمة مثل تركيا بمجتمعها النشط ليست ممثلة بما فيه الكفاية، وهناك فجوة في هذا الصدد... لديهم رؤية تعددية وعلمانية وتشاركية للصحافة مع التركيز على حقوق الإنسان، واتفقنا على المعايير المهنية الأساسية".

وبعد أن قرأت هذه الكلمات، تذكرت اجتماعا عقدته في حزيران/ يونيو مع زميل بريطاني في لندن، على صلة وثيقة بالشركة الإعلامية التي تملك صحيفة آراب ويكلي، حيث يكتب ياووز بيدار عمودا صحفيا. وخلال اجتماعنا، قال زميلي إن هذه المجموعة الإعلامية، التي تملكها دولة الإمارات العربية أعلنت حربا شاملة على تركيا بعد عقد اجتماع حول الموضوع وطالبت بجهود إضافية من الجميع في هذا الصدد.

وبينما واصلت قراءة مقابلة بيدار مع موقع أحوال، استرعى انتباهي قوله "ما فتئنا نبذل جهودا منذ ما يقرب من أربعة أشهر". ظهر موقع أحوال تركية بعد شهر من اجتماعي بصديقي في لندن. وبعد ذلك، أرسلت له رابط الموقع، فاتصل بي مباشرة في نفس اللحظة وأكد: "نعم، يا محمد، هذا الموقع تموله صحيفة آراب ويكلي، وبعبارة أخرى تموله دولة الإمارات".

وكتب حساب مجتهد على موقع تويتر الذي يتابعه نحو مليونا شخص أن السعودية والإمارات يخططان لتأليب الرأي العام على أردوغان بشراء وسائل إعلامية تتخذ من تركيا مقرا لها، وتوظيف صحفيين من تركيا. وبعد أربعين يوما من تغريدة مجتهد انطلق موقع أحوال تركية.

التفاصيل التالية مهمة أيضا: موقع بي 24 أو "منصة الإعلام المستقل" الذي شارك بيدار في تأسيسه، تموله منظمة المجتمع المفتوح (OSF) التي يملكها جورج سوروس. ويحصل بيدار وكثير من الصحفيين إما على مساعدات مالية مباشرة من منظمة المجتمع المفتوح أو المنظمات الشريكة لها، أو يكتبون مقالات مقابل أموال للمنصات التي تشارك في الدعاية السوداء، مثل مؤشر الرقابة"Index on Censorship".

وفي مقال لصحيفة حرييت في تموز/ يوليو 2009، استخدم إلهان تانير بعض العبارات مثل "كنت جزءا من الحركة لفترة طويلة في عقد التسعينيات في وقت كانت الحركة ما تزال صغيرة جدا"، و"الحركة التي شاركت فيها على كثير من المستويات"، مشيرا بذلك إلى حركة غولن. في هذا المقال الذي حمل عنوان "ضاع دفاعي ضد التهم الموجهة إلى صحيفة جمهورييت" بدا أن تانير تراجع عن بعض التفاصيل التي أراد إخفاءها. وعلى سبيل المثال، فعندما كان يتحدث عن ماضيه المهني، لم يذكر كم من الوقت عمل فيه في موقع "هابردار Haberdar" الإخباري الذي يملكه سعيد سيفا الرجل النافذ في تنظيم فتح الله غولن، وصاحب حساب على موقع تويتر باسم فؤاد عوني Fuat Avni، الذي استخدمه أتباع غولن للتسلل إلى مؤسسات الدولة. وعلى الرغم من أن تانير قال إنه "بدأ في العمل في موقع هابردار مع نهاية عام 2014 بقدر ما أستطيع أن أتذكر"، فيمكننا أن نستنتج  متى بدأ بالضبط في حذف جميع المقالات الموقعة باسمه في الموقع.

ثمة نقطة أخرى لم يرغب تانير في التطرق إليها، وهي إلى متى عمل مع  فؤاد عوني، فلم يتناول ذلك في دفاعه، ويبدو أنه عمد إلى إزالة جميع مقالاته المنشورة في الموقع. على أن هذه ليست مشكلة، فبفضل ذاكرة التخزين على موقع غوغل استطعت أن أرى أن تانير واصل العمل ممثلا لموقع هابردار في واشنطن بعد محاولة الانقلاب حتى نهاية عام 2016.

وفي الآونة الأخيرة أهان تانير الصحفيين الأتراك المقيمين في الولايات المتحدة، حين حاول أن يلقنهم درسا في الصحافة، مدعيا أن المؤسسات التي يعمل فيها هؤلاء الصحفيون هي وكالات إخبارية أو منظمات تديرها وتمولها الدولة.

أود أن أرد على تانير الذي عمل مع فؤاد عوني حتى بعد محاولة الانقلاب، والممول من الإمارات التي تتفق مزاعمها مع تصريحات غولن، بهاتين الطرفتين:

الأولى هذه التغريدة المهمة التي كتبها الصحفي راغب سويلو الذي يتابع قضية ضراب في نيويورك: "يشعر كل شخص معارض موجود في المحكمة بالخجل في مواجهة ما يقوله ضراب ما دام ما يقوله يدمر بلادهم. في حين أن أتباع تنظيم غولن يشعرون بسعادة غامرة، ويقيمون الاحتفالات. ليس بمقدور أحد أن ينكر أن إلهان تانير من ضمن هذه المجموعة التي تشعر بالسعادة."

ثانيا، وبالتوازي مع تعليق سويلو الماضي، أود أن أذكر صاحب مطعم ذا توجهات يسارية يعمل في بروكسل، غادر تركيا في سن مبكرة جدا أثناء عمله صحفيا وانتقل إلى بروكسل. قال لي ذات مرة بحدة وبصراحة: "سيد محمد، لا يمكنك أن تجد شخصا يعارض أردوغان مثلي، ولكن عندما يأتي أمامي شخص بلجيكي ويقول شيئا ضد أردوغان، أعترض عليه، لأنني اكتشفت أن نيتهم الحقيقية هي الهجوم على تركيا من خلال أردوغان". وخلال مقطع فيديو نشره خلال جلسة استماع في قضية ضراب، أدلى جونيت أوزدمير، مقدم البرامج في قناة سي إن إن تورك، بتعليق مماثل، فقال إن الأدلة في القضية غامضة أساسا، وإن الأمور ليست واضحة. وأكد أنه كان هناك "تكلف وتصنع... عند سؤال القاضي مَن كان رئيس وزراء تركيا آنذاك، حين ذكر زراب إشاعة عن الرئيس أردوغان."

ينبغي لنا أن نتذكر هؤلاء "الصحفيين المستقلين" في موقع أحوال تركية ، مع كل ذكرى لمحاولة الانقلاب الغولنية، وأن نحتفل جميعا باليوم الوطني لدولة الإمارات في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس