ترك برس

عقب إنشاء أكبر قاعدة عسكرية لها خارج البلاد في مقديشو، وتوليها إعادة تأهيل جزيرة سواكن السودانية المطلة على البحر الأحمر، تساءل محللون وسياسيون عن أهداف التواجد التركي في منطقة البحر الأحمر، لا سيما وأن هناك آراء متباينة من دول إقليمية حول هذا التواجد، بين من يؤيده ويراه شرعياً يدخل ضمن إطار التعاون والتحالفات، وبين من يعارضه معتبراً ذلك تهديداً للأمن القومي العربي، كما في النموذج المصري.

في هذا الإطار يؤكد الدكتور عمر قورقماز، كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي، أن تركيا ستتواجد خدميا وأمنيا وعسكريا واقتصاديا في البحر الأحمر وإفريقيا، لا سيما أن رئيس الأركان التركي كان حاضرا في السودان؛ لإعادة تأهيل الجيش السوداني وتسليحه، وعقد اتفاقات الصناعات الدفاعية المشتركة لحماية أراضي السودان من التمزيق بعد أن قسموها شمالا وجنوبا، ولا يمنع مستقبلا أن يتم الترتيب لبناء قاعدة عسكرية مشتركة. على حد قوله.

جاء ذلك في تصريح لموقع "عربي 21"، قال فيه قورقماز أن هناك شركة سودانية تركية قطرية تصنع الملابس العسكرية للجيش السوداني، إلى جانب إسهاماتها في مجالات الصناعات الدفاعية، وتركيا تفتح أمام الشعب السوداني الكثير من الأبواب من خلال العلاقات الأخوية، مشيرا إلى أن وجود تركيا لا يزعج أحدا وليس ضد أحد، فالصومال ظلت 26 سنة بلا دولة، ولم يأخذ بيدهم أحد لا عربي ولا أوروبي، كما أن تركيا عرضت على السعودية بناء قاعدة عسكرية مشتركة على أراضيها، لكنها رفضت بشدة.

وفي حديث للموقع ذاته، يرى أمين عام حزب الأمة الإماراتي د. حسن الدقي، أن تركيا ذهبت إلى منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر بحثاً عن حلفاء للدفاع عن أمنها القومي، بعد أن استهدفتها منظومة الانقلابات العسكرية التي تديرها الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، ما أدى إلى دخول تركيا في مواجهة صناع الثورات المضادة بما تمتلكه من قوة ناعمة وخشنة لإعادة صناعة التحالفات في المنطقة.

بدوره يؤكد عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى المصري د. محمد جابر، أن "الوجود التركي في البحر الأحمر له جذور تاريخية، حيث كانت الدولة العثمانية تشرف علي البحر الأحمر لفترة طويلة من الزمان، وتركيا الآن تعود لما كانت عليه لفترات طويله من الزمن".

وأضاف جابر أن من الأسباب الهامة لذلك هو الوجود الإسرائيلي القوي في تلك المنطقة؛ ما يدفع تركيا للحضور بقوة من أجل إحداث قدر كبير من التوازن في المنطقة، كما أن وجود قواعد عسكرية تركية في بعض تلك المناطق يساعد في تأمين طرق التجارة العالمية، ويحد من عمليات القرصنة البحرية أيضا.

ويرى جابر أن وجود قواعد وموانئ تشرف عليها تركيا في تلك المنطقة أمر إيجابي، في ظل امتلاء هذه المياه الإقليمية بالكثير من القواعد وحاملات الطائرات لبعض الدول، كما أن التواجد التركي يأتي كنتيجة طبيعية لتراجع الدور القوي لبعض الدول الإقليمية مثل مصر وغياب دورها التاريخي والحضاري، وتفريطها في أجزاء من أراضيها، واشتراكها في مؤامرات على بعض دول الجوار.

في السياق ذاته يرى المحلل السياسي التركي، مصطفى أوزجان، أن حرص تركيا على التواجد التجاري والسياسي في تلك المنطقة قديم منذ أيام الرئيس طورغوت أوزال، بعد أن كانت تركيا أدارت ظهرها لإفريقيا، بينما الجديد أن الوجود العسكري بدأ مع التواجد التركي في الصومال، حيث وجدت هناك غيابا تاما للدولة الصومالية ولأكثر من عقدين، وهي مفككة ومُعرضة للقرصنة، وتهيمن عليها الدول الغربية من أجل مصالحها، بينما أهملت الشعب الصومالي.

وأضاف أن الصومال تتمتع بموقع استراتيجي هام للغاية؛ ولذلك قررت تركيا مساعدتها، بعد أن حدث تدخل أمريكي، وفرضت قوات دولية متعددة الجنسيات في الصومال، كان من بينها قوات تركية، وكان يرأس القوات متعددة الجنسيات في الصومال قائد تركي هو شهيد بك، وكان من القادة الذين تحركوا ضد نجم الدين أربكان في 1998.

وأنهى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة للسودان، الأسبوع الماضي، ضمن جولة إفريقية شملت تشاد وتونس وتستمر، وقّع فيها العديد من الاتفاقيات الثنائية بين بلاده والسودان. وكان الحدث الأبرز خلال هذه الزيارة هي إعلان أردوغان موافقة الحكومة السودانية على تولي بلاده لإعادة تأهيل جزيرة سواكن، وإدارتها لفترة معينة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!