كرتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

دخلت تركيا في مرحلة تحول جذري، وبدأت الهيمنة الأمريكية على تركيا والمخاوف التي زرعتها عبر مئات السنين بالزوال، ولم تعد التهديدات الأمريكية تظهر أي تأثير لدى أنقرة، ويتم تنفيذ كل ما هو ضروري من أجل بقاء الدولة وضمان مصالح الشعب التركي.

وفي الوقت نفسه كانت عملية غصن الزيتون بمثابة عرض قوى وتحد للدول الأخرى أيضاً، هل يمكننا إدراك السبب في هذا الانتشار الكبير للصدى الذي أثارته عملية عفرين التي بدأتها تركيا ضد تنظيم بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا؟ لا شك في أن حماية بعض الإرهابيين لم يكن السبب الرئيس لاستنفار الغرب إلى هذا الحد، كما أن السبب في قلق أمريكا لم يكن تدمير تركيا لتنظيم إرهابي يُدعم بالسلاح من قبل واشنطن، لأن المنظمات الإرهابية ليست شيئاً مهماً بالنسبة إلى الغرب، ينهار تنظيم وينشأ تنظيم جديد، لأن تأسيس تنظيم إرهابي جديد هو أمر بسيط جداً لدى الغرب.

في الواقع هناك سبب آخر لانزعاج أمريكا من عملية عفرين، وهو أن تركيا قد أثبتت للغرب أنها عادت للساحة من خلال عملية عفرين، وذلك يتسبب بالقلق بالنسبة إلى نظام أمريكا والغرب.

في الواقع إن الأمر الغريب هو عدم دخول تركيا إلى سوريا على الرغم من كونها دولةً مجاورة للأراضي التركية، إذ تدخلت جميع الدول في سوريا على الرغم من عدم وجود أي حدود تربطها بالأراضي السورية، في حين أن تركيا لم تتمكن من التدخل بشكل مباشر إلى أن بدأت عملية درع الفرات، وذلك كان يشكل ضعفاً كبيراً بالنسبة للدولة التركية، لكن مؤخراً تجاوزت تركيا هذه الحواجز، وتمكنت أنقرة من إدخال قواتها العسكرية إلى عفرين من خلال اتخاذ خطوة استراتيجية وأنزلت بذلك ضربة موجعةً على الغرب، وأفسدت جميع المخططات التي وضعها الغرب حيال الشرق الأوسط.

تحاول أمريكا تقديم عروض مغرية لأنقرة بهدف الوقوف في وجه النجاح الذي تحققه تركيا، كما تقوم باستعدادات أخرى قد تؤدي إلى عرقلة وفشل القوات التركية في عفرين.

الهدف الأول للمخطط الأمريكي هو عرقلة تركيا على الصعيد الدبلوماسي، لذلك بدأت إدارة واشنطن بنشر الإشاعات حول مقتل المدنيين في عفرين، في الواقع ندرك جيداً أن مقتل المدنيين لن يعود بالقلق بالنسبة إلى أمريكا، ولكنها تسعى لتحويل هذه الإشاعات إلى حملات دعائية بهدف إيقاف الدعم الدولي تجاه عملية عفرين، وبالتالي تقييد صلاحيات وأنشطة القوات المسلحة التركية في الساحة.

أما الهدف الثاني لأمريكا فهو تصوير نتائج عملية عفرين على أن القوات التركية قد باءت بالفشل أمام منظمات بي كي كي ووحدات الحماية الشعبية الإرهابية، وفي هذا السياق بدأت بحملات دعائية كبيرة للوصول إلى هذه الغاية، ولا شك في أن أمريكا ستفعل كل ما بوسعها لإيقاف مسير أنقرة في عفرين ومنعها من المواصلة إلى منبج.

أما بالنسبة إلى الهدف الثالث لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"  بهو تفعيل أنشطة أعوانها في الداخل التركية، إذ ستحاول هذه الفئة نشر الفوضى في الداخل من أجل إيقاف عملية عفرين العسكرية في أسرع وقت ممكن، ولهذا السبب بدأت الحملات الدعائية التي تدعوا إلى إيقاف الحرب، لكن يبدو أن هذه الفئة لن تستطيع التأثير على قسم واسع من المجتمع لأن الشعب التركي يدرك أسباب ونتائج عملية عفرين جيداً.

في هذا السياق يجب على أنقرة أن لا تترك زمام المبادرة في الأمور المتعلقة بالمجالات الدبلوماسية والعسكرية لعملية عفرين ومبادرات أعوان أمريكا في الداخل التركي، وإن نجحت أنقرة في إدارة هذه المرحلة بنجاح فلن تتمكن أي قوى خارجية وعلى رأسها أمريكا من استهداف الحكومة والأراضي التركية مرة أخرى.

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس